قضايا وآراء ( ٣ - فى الحب ولوعته )

أشرف عقل
الخميس ، ٢١ يوليو ٢٠٢٢ الساعة ٠٥:٤٤ مساءً

قف باللواحظ عند حدك 

يكفيك فتنة نار خدك 

واجعل لغمدك هدنة 

إن الحوادث مل غمدك 

وصن المحاسن عن قلوب 

لا يدين لها بجندك 

نظرت إليك عن الفتور 

وما اتقت سطوات حدك 

أعلى روايات القنا 

ماكان نسبته لقدك 

نال العواذل جهدهم 

وسمعت منهم فوق جهدك 

نقلوا إليك مقالة 

ما كان أكثرها لعبدك 

قسما بما حملتنى 

فحملت من وجدى وصدك 

ما بى السهام الكثر من 

جفنيك ، لكن سهم بعدك .

 

قصيدة ( نار خدك ) من ديوان " الشوقيات " لأمير الشعراء أحمد شوقى ، وهى من بحر مجزوء الكامل .

* أصله :  - نزل جده لأبيه وهو الذى سمى بإسمه " أحمد شوقى " إلى مصر فى عهد محمد على باشا ، فضمه إلى حاشيته وكان يحسن العربية والتركية ، ومنه ينحدر إلى شوقى الدم الكردى العربى والشركسى ،  وتقلب فى المناصب حتى أصبح أمينا للجمارك المصرية فى عهد الخديوي سعيد ، وتوفى عن ثروة واسعة عاش فى ظلها " على " والد شوقى ، وكذلك شوقى نفسه .

- أما جده لأمه فهو أحمد حليم النجدة ، وهو تركى من الأناضول ، دخل مصر فأعجب به إبراهيم باشا وزوجه معتوقة يونانية ، وتقلب فى المناصب حتى أصبح وكيلا لخاصة الخديوي إسماعيل ، وقد نشأ شوقى فى أحضان جدته التى تكفلت به وقامت على رعايته ، وكانت منعمة موسرة تعيش بباب اسماعيل ، فنشأ الطفل حيث الترف والنعيم . 

* نشأته :  - اختلف شوقى منذ الرابعة من عمره إلى مكتب الشيخ صالح ، ومنه انتقل إلى مدرسة المبتديان ، فالتجهيزية ، وفيها أظهر تفوقا ونبوغا فمنح المجانية مكافأة له ، وتخرج فيها وعمره ١٥ سنة ، وعندما أتم تعليمه الثانوى ألحقه أبوه بمدرسة الحقوق قسم الترجمة حيث ظل فيه سنتين يدرس اللغة الفرنسية ، وقد منح بعدها شهادته النهائية ، وبذلك كان يجيد ثلاث لغات هى الفرنسية ، التركية ، والعربية .

- سافر شوقى بعد ذلك فى بعثة إلى فرنسا فى عهد الخديوي توفيق حيث درس القانون والآداب الفرنسية لمدة ٤ سنوات ، عاد بعدها إلى مصر فى عام ١٨٩٢م ، حيث عينه الخديوي عباس الثانى فى قلم الترجمة بالقصر .

- غضب عليه الإنجليز فنفوه إلى فلفديرا بضاحية برشلونة فى أسبانيا ، ولما انتهت الحرب العالمية الأولى عاد إلى مصر وانصرف إلى إدارة املاكه . ولما أنشئت الحياة البرلمانية فى مصر عين عضوا بمجلس الشيوخ فى الفترة من ١٩٢٤ -  ١٩٢٧م .

* بيعته بإمارة الشعر :  فى عام ١٩٢٧م ، أعاد شوقى طبع ديوانه " الشوقيات " فأقيمت له بهذه المناسبة حفلة تكريمية كبيرة ، بل حفلات ، اشتركت فيها الدول العربية جميعا بمندوبين ، نثروا رياحينهم ، بل اشتركوا جميعا فى وضع تاج إمارة الشعر العربى على مفرقه . 

- وممن ساهم فى هذه الحفلات : محمد كرد على ، عن المجمع العلمى العربى بدمشق ، وشبلى ملاط عن لبنان ، وأمين الحسينى عن فلسطين ، وشكيب أرسلان ، وفندنبرج البلجيكي عن بلده ، وأعلن حافظ إبراهيم بإسمه واسم شعراء البلاد العربية البيعة لشوقي قائلا :  أمير القوافى قد أتيت مبايعا  وهذى وفود الشرق قد بايعت معى .

- وبعد تلك الفترة تفرغ شوقي للمسرح الشعري حيث يعد الرائد الأول في هذا المجال عربيا ؛ ومن مسرحياته الشعرية : مصرع كليوباترا ، قمبيز ، مجنون ليلى ، وعلى بك الكبير .

* شاعريته :  - قال عنه الدكتور محمد حسين هيكل :  " على أن شوقى - وإن كان شاعر مصر ، وشاعر العرب ، وشاعر المسلمين ، وكان فيه الازدواج بين حب الحياة ومتاعها ، والإيمان ونعيمه - له ذاتيته التى لا تخفى ، فهو شاعر الحكمة العامة ، وهو شاعر اللغة العربية السليمة ، وإنك لتعجب أكثر الأحيان حين ترى عنوان قصيدة من قصائده ، ثم لاتجد فى القصيدة غير أبيات معدودة تدخل فى موضوع العنوان ، بينا سائرها حكمة أو غزل أو وصف أو ما شاء لشوقي هواه ، وما أحسب شاعرا بالغ فى ذلك ما بالغ شوقى .

- ثم يختتم د. هيكل حديثه بقوله : " واللغة العربية هى حتى اليوم لغة التفاهم بين أهل هذا الشرق العربى ، وهى حية وستبقى أبدا حية ، ولكن كمال حياتها يحتاج إلى أن يبعث الله لها أمثال شوقى ليزيدوا تلك الحياة قوة وروعة وجمالا . وما أنا بحاجة إلى أن أدل على هذه القوة ، وتلك الروعة ، وذلك الجمال ، فى شعر شوقى ، فكل أديب أو متأدب يعرف منها ما أعرف ، وها هى ذى مجلوة فى ديوانه " الشوقيات " بكل ما لشوقى على اللغة والأدب والشعر من سلطان " .

* وفاته :  - ظل شوقى يتقلب بين الأسقام إلى أن توفاه الله فى الساعة الثانية من ليلة ١٤ أكتوبر ١٩٣٢م عن عمر ناهز الأربعة والستين عاما . رحمة الله تغشاه والدوام لله وحده .

* تكريمه : - بعد عودته إلى مصر من المنفى ، بنى أحمد شوقى بيتا جديدا فى الجيزه أسماه " كرمة ابن هانىء " . وقد تحول هذا البيت فى ١٧ يونيو ١٩٧٧م إلى متحف بإسمه ، ويوجد فى حديقته تمثال كبير من البرونز من أعمال الفنان المصرى جمال السجينى أزيح عنه الستار فى الذكرى الخمسين لوفاة الشاعر الكبير .

- وفى عام ١٩٦٢م أمرت الحكومة الإيطالية بعمل تمثال لأحمد شوقى تم وضعه فى حديقة فيلا بورجيزى فى روما بإعتباره شاعرا عالميا كبيرا ، وقد رفع الستار عنه فى احتفال كبير حضره العديد من الأدباء و الفنانين .

*دبلوماسي مصري وسفير سابق لدى اليمن

** المرجع : مصادر متعددة .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي