العليمي إمّـا يحكم وإمّـا ينبغي أن يحكـم!

د. علي العسلي
الاثنين ، ٢٧ يونيو ٢٠٢٢ الساعة ١١:٢٤ مساءً

غير منطقي وغير مقبول أن المجلس السياسي الأعلى للمنقلب مستقر ويعمل كما أراده المنقلب؛ بينما الرئيس هادي ومن بعده مجلس القيادة الرئاسي مٌشاغلون وغير ممكنون ولا يُراد لهم أن يحكمون!

ذاكرة الشعوب فولاذية تُراكم في ذاكرتها ما يجري من مواقف وتدخلات ثم تصدر أحكامها عند يبلغ الصبر مداه.. ثمان سنوات اعتقد انها كافية لتحرير كل بقعة احتلت، او تمرد فيها من تمرد، او انقلب فيها من انقلب؛ خصوصا لو كان في صف الشرعية المُعتدى عليها تحالف كالتحالف العربي الذي يشبه حلف(الناتو)!؛ فلماذا تأخر الحسم ولم يأتي الأمل بعد؟؛ ولماذا ما تحرر لا يُدار من قبل الدولة اليمنية الشرعية من موانئ وموارد؟ ثمّ لماذا كل هذا الجمود الممتد؟!

لقد استبشر فعلا اليمانيون خيراً حين أعلن إعلان التفويض بنقل السلطة لمجلس القيادة الرئاسي وبذلك الوضوح والمحدد بالمهام والمسؤوليات والمرجعيات في حال الخلاف.. قالوا الحمد لله لقد طويت صفحة المماحكات للقوى المفترض أنها ضد الحوثي ولن تقتل بعضها بعضاً بعد هذا المجلس العتيد، جاء هذا المجلس ليوحد الصفوف ويلملم الكل لتتظافر الجهود من أجل إحداث سلام مشرف شجاع وشامل، أو فإن القوة التي يعرفها المقابل هي السبيل لاستعادة ما اغتصب بالقوة من قبل الحوثين.. الأمور صارت أحسن لقد   توحدت القوى واصطفت!؛ إلى أين ذهب سيل هذا التفاؤل؟

تقترب المئة يوم من حين تشكل مجلس القيادة الرئاسي من الانتهاء، ولم يتحقق شيء سوى عودة مجلس القيادة الرئاسي وبعض المسؤولين إلى العاصمة عدن.. هذه الميزة التي رأيناها أنها قد تحققت، نراها اليوم تتأكل وتندثر وقد تصبح كما الماضي؟!؛ لماذا كل هذا يحصل؟! إما لأن القوى المجمعة غير مقتنعة ولا تزال متمسكة بمشاريعها الصغيرة؛ أو أن الممول والداعم للسلطة الشرعية ولتلك القوى لا يزال يضخ كما كان عليه في السابق دون أن يوحد الضخ في وعاء السلطة وقناة الشرعية التي صارت وعاء لجميع المنخرطين في مجلس القيادة الرئاسي!

أختبر مجلس القيادة الرئاسي اختباراً بسيطاً جداً من اول يوم بهدنة أعلنت بالتزامن مع إعلانه؛ وفاشل حتى الآن من الحصول على فتح طريق واحدة رئيسية لتعز.. الحوثيون يظهرون أنهم حصلوا عليها بصمودهم، ويدّعون أن الهدنة لم تأتي باتفاق مع الحكومة الشرعية؛ إنما أتت نتيجة قوتهم وتضحياتهم.. ووزير دفاع الانقلابين يهدد بأنه قد أعد العدة لاستهداف بنكاً كبيراً من الأهداف في عمق دول التحالف العربي إن تمادوا في الحصار، ويلوح أنهم يمتلكون مخزون من أسلحة الردع الاستراتيجية الباليستية تكفي لعقود طويلة من الزمن؛ ويصرح بعضهم ويقول ان الوسيط العراقي _ المقصود الكاظمي رئيس الوزراء العراقي وزيارته لكل من السعودية وإيران مؤخرا_، قد استُدعي من قبل السعودية على ايقاع تصاعد التهديدات الحوثية.. إن كل هذه التصريحات لا تدل على قوة انما استغلال لأوضاع قائمة وفي الوقت ذاته تبين مدى هشاشة وضعف الحوثيين وارتباطهم بالمشروع الإيراني، حيث يتلقون اوامرهم منه.. على التحالف ألا يضعف ويستجيب لتهديدات الحوثي ويساعد في النهوض بالشرعية وجيشها الوطني ويدعم الرئيس العليمي ليكون رئيسا فعلياً لا شكلياً لليمن وهو كفوء لهذا الأمر!

إن إصلاح مؤسسة الرئاسة قد تمّ بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي تحت رعاية الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي.. الأخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي مشكوراً فوض صلاحيته لرئيس مجلس القيادة الرئيسي الدكتور رشاد العليمي بمساندة سبعة نواب هم أعضاء المجلس.. ومعنى ذلك أن الأخ العليمي صار هو الرئيس؛ والرئيس المفروض يحكم وكان قد بدلا بخطوات ثابتة لتثبيت الحكم وهو على استعداد للاستمرار فيما بدأ؛ لكن على الرعاة ألا يخذلوه ويقومون بتوفير الظروف المواتية كي يحكم؛ عليهم دعمه ماديا وتسليحيا وتجفيف الأموال التي كانت تتدفق خارج قنوات السلطة التشريعية وتمكينه من إدارة الموانئ والمطارات والايرادات وأهمها النفط.. عليهم انهاء التفرد والتفرعن من قبل البعض المحسوبين عليهم.. عليهم إيقاف التصريحات والتوجيهات المخالفة لنص وروح الإعلان الرئاسي الذي أصدره الأخ الرئيس هادي!

على مجلس التعاون الخليجي وامانته العامة ألا يسمحوا بالتجاوز على الرئيس من كائن من كان.. عليهم أيضاً ألا يضغطوا على الشرعية بقبول هدنة منقوصة.. انتصروا لمجلس القيادة الرئاسي بفتح الطرق.. ادعموهم وادعموا رئيسهم بتلبية الاحتياجات الضرورية للمواطنين.. ادعموا البنك المركزي لتثبيت العملة ودفع رواتب المدنيين والعسكريين، وتزويد عدن بالوقود لتعمل الكهرباء وهكذا باقي الخدمات؛ ادعموا توحيد جميع التشكيلات العسكرية في إطار الجيش الوطني ليعمل ضد المنقلب الحوثي.. ادعموا مجلس القيادة بتوريد كل الأموال التي كنتم تنفقونها على التشكيلات العسكرية لتصب في خزينة الدولة ليتساوى جميع الجنود في الرواتب والمؤن!

أفول.. إن كان الرئيس العليمي صار يحكم وهذا ما نتمناه فمبروك له ولنا.. وإن كان لم يلق الدعم الكافي كي يحكم حتى الآن.. فينبغي أن يدعم كي يحكم! نريد رئيساً واحداً لليمن.. كفى اليمن استنزافاً وهدراً للوقت والمال، وهدراً للبشر.. كفى اليمن ان يكون ساحة للتعلم.. ثمان سنوات لم تثمر بعد! باستعادة الدولة وبالتالي ادارتها وفرض هيبتها، بلعلي العكس تمّ تكريس التقسيم وتعدد القوى الحاكمة؛ ثمان سنوات لم تُستعاد الشرعية، بل تمّ تمكين المنقلبين؛ ولم يتم سحب السلاح من المنقلب، بل تمّ تمكين المنقلب منه ووصول المزيد إليه؛ اليمنيون يريدون دولة ونظام وقانون ورئيس؛ والعليمي يمكن أن يكون أنجح رئيس فلا تخذلوه وتفشلوه.. العليمي عنوان للدولة سيتعرف عليه الشعب، وسيطالبه ويحمله المسؤولية عند الإخفاق!؛ لا تجعلون الشعب يندم ويتجه نحو عدوه وعدوكم.. نجاح العليمي هو نجاحكم فلا تخذلوه؛ فالخذلان إساءة لكم!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي