السقوف الواطئة تدنية للهمم وتطيل الحرب وتعليه للمنقلبين؟

د. علي العسلي
الخميس ، ٢٣ يونيو ٢٠٢٢ الساعة ٠٤:٥٠ مساءً

.. القصة اليمنية يا سادة يا كرام هي أن جماعة البطنين انقلبت على المؤسسات الشرعية والتوافقات السياسية والحوار الوطني في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014!

وتكملة القصة أن القيادة الشرعية استعانت بالإخوة الأشقاء لإيقاف غلو الحوثين والضغط عليهم كي يرعوا وينهو انقلابهم ويسمحوا بعودة الشرعية ويشتركوا بالعملية السياسية، يعني أن التدخل واستخدام القوة ليس للحسم وإنما لثني الانقلابين عن انقلابهم!

وثمان سنوات مد وجزر وتوقف وتفاوض وحوارات على تفاصيل التفاصيل التي هي نتائج وليست أسباب أو جذور! هذه هي الحكاية اليمنية.. غير أن سقف التنازل من جانب الشرعية يكان مدهشا وكبيرا جداً في كل جولة حوار وفي كل تفاوض وعند عرض أي مقترح لدرجة انها في الهدنة الأخيرة تنازلت عن شيء أساسي من ذاتها ويا ليت الحوثي امتثل؟! ونسمع تصريحات من بعض رموزها مقززة وقد تصير الشرعية فيما لو التزمت بما يصرح بعض مسؤوليها، يخشى عليها من التلاشي إذا فرطت بالسيادي والاستراتيجي والمرجعيات التي تتغنى بها ليلاً ونهاراً!

فمن سقف انهاء الانقلاب واستعادة المؤسسات وعودة الشرعية إلى سقوف جدا واطئة من اتفاقات جزئية لصالح المنقلب والى هدن تسيء للشرعية ولا تعليها، إلى شرط وحيد لإبرام تسوية سياسية!؛ فقط المطلوب تنفيذ الهدنة القائمة!؛ ومن مرجعيات انهاء الانقلاب وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتنفيذ القرارات الدولية ومنها القرار2216 إلى فتح مطار وموانئ للمنقلب واستجداء فتح معابر وطرق يقول الحوثي أنه سينفذها بالطريقة التي يريدها هو ومن جانب واحد! 

فالقرار 2216 طالب الحوثي حصراً بالكف عن استخدام العنف، تجاوز العنف الداخل نحو الخارج، وطالبه بسحب الميليشيات "سحب قواتهم" من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية بما في ذلك منظومات القذائف، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية.. كل ذلك نفذ بالضد منه تماماً والشرعية صبورة ومحتسبة!  وتعاطت مع كل الاطروحات بإيجابية.. وأخيرا نقرأ في وسائل الاعلام موافقة الحكومة على الذهاب لتسوية سياسية مع الحوثي بشرط أن ينفذ بنود الهدنة القائمة.. وقبله قد فرض على الشرعية هدنة دون اشتراكها بها ووافقت عليها، وهي صيغة أممية من قبل المبعوث الذي خالف نص وروح القرار 2216 الذي يطلب بسحب القوات من كل المدن على الاكتفاء بفتح طرق مع الإبقاء على القوات على ما هي عليه.. وتخلي الشرعية مع كل آسف عن جميع الأسلحة والإبقاء على السلاح المستولى عليه مع الحوثي بل واستيراد أسلحة نوعية وفتاكة تحت عين ورقابة الأمم المتحدة والدول الكبرى! إلى ممارسة جميع أعمال الشرعية من إدارة الموانئ والمطارات والجوازات وكل مؤسسات الدولة الحساسة والسيادية! 

إلى إعلان الحكومة اليمنية، عن شرط وحيد للقبول بالتسوية السياسية مع مليشيا الحوثي، مشددة هو ضرورة تنفيذ بنود الهدنة الأممية.. إلى رفض الحوثين للفتح التدريجي المقترح من قبل الأمم المتحدة والاعلان عن مقترح جديد يتم تداوله ونقاشه إلى رفض قاطع من قبل الحوثيين والتلويح بالتصعيد الكبير.. بل وعدم التوقف عن الحرب فالخروقات لا تحصى وشهداء الجيش الوطني الملتزم بضبط النفس وتنفيذ الهدنة في تصاعد والصواريخ البالستية ترسل لمأرب وشبوة، وإطلاق خلايا الإرهابية للمتحالفين مع الحوثين من زمرة القاعدة وأخواتها لتعيث فسادا وقتلا في المناطق المحررة!

باختصار.. كل تنازل لعصابة منقلبة هو تنازل عن الحق وعن الشرعية وعن الدستور والقانون، وعن الدولة ومؤسساتها، وهو في نفس الوقت يثبط الهمم، ويطيل الحرب ويستنزف البشر والثمر؛ وهو تعلية داخلية وخارجية للإرهابين المجرمين المنقلبين! 

أختم فأقول.. أن الأمم المتحدة ليست هي في المحك بعد رفض المنقلبين تنفيذ بنود الهدنة فموقفها معلوم ومعروف، إنما مجلس القيادة الرئاسي هو الذي صار في المحك ومنتظرين منه ما يرفع شأن الشرعية والجيش الوطني واستعادة الدولة والمؤسسات!؛ فهل نتأمل بصحوة ضمير الشرعية؟!؛ أم ننتظر مع المنتظرين ونراقب مع المراقبين حتى يقبل الحوثي شرط الحكومة الوحيد المقور عليه جداً من قبل الحوثي؛ ليفوزوا بتسوية سياسية مشرفة لهم على حساب الشرعية وانصارها؟؟!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي