كلمة السر وراء الهدنة الاممية

موسى المقطري
السبت ، ٠٤ يونيو ٢٠٢٢ الساعة ٠٨:١٧ صباحاً

 

أعلنت الامم المتحدة عبر مبعوثها لدى اليمن تجديد الهدنة في اليمن لشهرين اخرين بنفس الكيفية رغم ان جميع المؤشرات تؤكد ان ما تم تطبيقه خلال الشهرين الماضيين  يبدو وكانه صمم لطرف دون غيره وهو الانقلابيين الحوثيين ، إذ أن جميع ما يخصهم تم تطبيقه بسرعة فائقة وتمت ازالة جميع التعقيدات تحت مبرر الانسانية .

بالمقابل لم يتم مراعاة الانسانية في فيما يخص المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية او يخصها ، وتم تحويل الشروط  الى ملفات مستقلة قابلة للتفاوض بينما المنطق يقول ان الهدنة لابد ان تكون جزء من عملية متكاملة هادفة لايقاف الحرب وفرض السلام وفق المقررات الدولية ، لكن ما حدث ان تم التعامل مع الهدنة كقضية مستقلة ، ثم تم تجزئتها ، ولايبدو بكيفيتها الحالية انها تمهد لعملية السلام العادل وانما فقط تقدم خدمة للطرف الانقلابي لاغير .

هذه المؤشرات تضع اكثر من علامة استفهام امام الهدنة الممددة فك بعض طلاسمها الاحتفاء الامريكي الأخير على لسان بايدن بتجديدها ، وتقديم الامر كنجاح للدبلوماسية الامريكية ، وهذا أكد الشكوك السابقة حول حقيقة الهدنة ومن فرضها ، ولماذا تم فرضها بشكل عاجل فيما يخص المكاسب التي تهديها الهدنة للانقلابيين دون اي ضمان بتطبيق ما هم ملزمين به .

إن كلمة السر وراء هذه الهدنة انها اولاً لم تكن تخص الامم المتحدة ، وليست لها علاقة بالوضع الانساني ، وانما تم فرضها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، وكلنا نعلم ما تمتلكه من نفوذ يسمح لها بذلك سواء على المنظمة الدولية ، أو على التحالف العربي بشقيه المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ، والاسوأ انه تم فرضها إجباريا لشهرين جديدين بتلك الكيفية المجتزئة دون الالتفات الى ما رفض الانقلابيون تطبيقه .

السؤال الذي يطرح نفسه هنا ماهي مكاسب الادارة الامريكية من تقديم هذه الخدمة للطرف الانقلابي؟ وهل يمتلك الانقلابيون نفوذاً او علاقات تؤهلهم لاجبار الولايات المتحدة على هذا سلوك هذا المنحى ؟ بالتأكيد ليس الامر بهذه البساطة لكن يجب إدراك كثير من المتشابكات المتعلقة بالملف اليمني وعلى راس ذلك المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران حول قضايا عديدة اهمها الملف الايراني النووي ، وخفض التصعيد المتبادل وقضايا كثيرة هذا اولا ، وثانيا العلاقة بين ايران والانقلابيين الحوثيين باعتبارهم احد الاذرع الايرانية في المنطقة ، وثالثا المفاوضات بين ايران والسعودية والتي تاتي كذلك بضغوط امريكية .

كل ما سبق هو تأكيد لامر واحد وهو ان الهدنة هي امريكية تم فرضها كشرط ايراني مقابل مكاسب اخرى تحققها امريكا ان لم تظهر اليوم ستظهر غدا ، وبالمعنى الاقرب هي هدية امريكية لإيران ليس للتحالف ولا الامم المتحدة ولا الحكومة الشرعية يد فيها ، والكل مع الاسف مجبر على التنفيذ واظهار الامر بغير وضعه الحقيقي ، ولذا لم يلتفت الكل الا لما يخص اليد الايرانية بالمنطقة ، وبقت الشروط الاخرى مجرد ادعاءات وتنديدات وتصريحات للاستهلاك الاعلامي .

صحيح ان القضية اليمنية ليست مستقلة عن التغييرات العالمية ، لكن ينبغي ان يكون للاقليم وخاصة الحكومة الشرعية ودول التحالف دوراً ضاغطاً على المنظمة الدولية والولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا اللتان يتحكمان بقرارت الرباعية في اتجاه تطبيق القرار الدولي والقاضي بانهاء اجراءات الانقلاب واستعادة الشرعية ، وأن يتم ذلك دون السير التفافاً في خطوات انتقائية ، وانما كعملية شاملة مترابطة واستخدام التفاهمات الأمريكية والسعودية مع ايران للدفع بهذا الاتجاه .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي