لا نحن نعيش حياة الكفار ولا حياة الصالحين العابدين!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاثنين ، ٣٠ مايو ٢٠٢٢ الساعة ٠٥:٤٣ مساءً

 

وصلتني هذه الصورة امس، والتي فيها شخصين من غير المسلمين يحاولون يقنعون مسلمين ان اعمالهم تسبب معاناة والم، وكوارث لمجتمعهم، وان الاجدر ان نتوقف عن استغلال ضعف الاخر او ابتزاز الاخر للحصول على مكاسب، ومش ناقص الا ان يقولوا تتحدثون عن الاسلام وانتم ابعد الناس عنه وتتحدثون عن الرحمة ولم نشاهد الا العكس وتتحدثون عن المسؤولية ولم نجد الا الظلم والاستغلال، فماذا بقى في حياتكم من الاسلام. . نحن ندمر انفسنا ومجتمعنا مما جعلنا الناس حولنا في معاناة يومية، وبيدنا الحل. لذا حياتنا كمجتمعات مسلمة ضنك وتعب نتيجة طبيعة لسلوكنا وتربيتنا، والتي تجعلني استغرب اننا لاندرك مانقوم به، والتي اوجزها بنقط سهلة تجعل كل منا يعيد التفكير بسلوكه.

اولا: لا نحن نعيش حياة الكفار الممتعة في الدنيا كما يقول الكل، ولا حياة الصالحين العابدين، الذين سوف ينتقلون للجنة برحمة الله وصبرهم وعملهم، فهل من المنطق ان نخسر في الجانبين بقلة عقلنا وطيشنا؟ ذلك يظهر بشكل واضح حولنا، تنم عن استغلال ضعف الاخر وحاجته اينما نظرنا حولنا. نمارس الحصار والقتل والظلم والابتزاز وأخذ المال بغير حق والبسط على ممتلكات الغير او الدولة، وطبعا نجد لذلك حجج مختلفة اقلها نفسر ذلك سياسة وتجارة ومواقف وشطارة، وفهلوة و احمر عين. والسؤال، لماذا يجب ان تخسر الدنيا والاخرة اذا كنتم تتحدثون عن دين ورحمة الظالم وحياة بعد الموت وعقاب؟ اقلها كون النهاية محسومة بمعنى ميت عنما قريب، وسوف تختفي. قد يقول من اجل مستقبل اولادي واسرتي؟

لكن اولادك لا يحتاجون الا تعليم، وتربية، وعاطفة، وليس بالضرورة مال حرام، وسرقة، وبطش بعباد الله او البسط على حقوق الناس او استغلال احتياجتهم وقلة فرصهم. ماذا يهمك بهم باولادك واسرتك ان كان هناك ما يكفيكم، حيث المفهوم الرباني واضح، ويقول لن يقفوا سد منيع امام ذنوبك ولو تركت لهم ما تركت، فقوله تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى" واضحة كمنهج، بمعنى نفس مثقلة بذنوبها لن ينجدها ولد ولا بنت ولو تركت لهم ما تركت، وايضا قوله "وكلهم آتيه يوم القيامة فردا" بمعنى الفردية، فلا ناصر ولا مجير، هنا تنته الاسرة والجاه والصفة، بمعنى تقف لحالك ولوحدك أمام ربك ودخلت بعملك جهنم وانت تفتكر انك احسنت عملا، وهنا انت باختيارك من هدم حياته في المكان الاخر ولم تتوازن بعقلانية حسب قوله تعالي "اني جاعل في الأرض خليفة" بمعنى الاستخلاف والقيام بدور رباني.

ثانيا: قد تقول انا موظف لم اسرق، وانما كان اختصاصي وظائف وازاحة اشخاص محسوبين على طرف، واتهام البعض انهم مع العدوان او مع الحوثة او تميع الجرائم في الحرب في الاعلام، فهل ذلك ذنب؟. والاجابة ليس ذلك ذنب، وانما قنبلة عنقودية لذنوب تتوسع كون انك في الامتحان اخفقت ايضا، فعندما ازحت فلان من وظيفة او خلقت وظيفة لقريبك او ساهمت بطمس حقيقة او غيرها، كنت فاجر، لم تكن عادل متزن انجمت اضرار لم تشاهد اثرها. هنا كنت في اختبار اخفقت فيه دون ان تشعر، فانت استغليت قوتك لفرمتت، الذي امامك واستغليت امكانياتك لتسترزق لنفسك، واهلك و جماعتك على حساب غيرك ومجتمعك، وبلدك واستغليت موهبتك لطمس حقائق، وكنت لا تشعر ان لكل شيء كتاب، وان عبادتك ليست لها قيمة ولو دفنت حتى داخل الكعبة. لم تتذكر جوهر الدين ولا قولة رسوله " لن يزال المؤمن في فسحَة من دينه مالم يصيب دما حراما' . والاصابة هنا بمفهومها الشامل كل شيء يضر الاخرين او يغير مجرى الحق، فكيف ان كنا نعيش الاضطهاد والصراع والحرب واستغلال حاجة الاخر وخوفه.

ثالثا: عندما يكون الانسان المسؤول في موضع قرار يحدد مصائر الناس و حياتهم فقد وقع عليه الاختبار امام الله لاسيما وسر وجود الانسان في هذه الحياة وتعامله بها هو سر الاستخلاف اي السلوك بمنهجية ربانية في حفظ حق الحياة لكل شيء حوله وصيانتها. حق الحياة فهمها للمسؤول يقتضي فهم معايير العدل والمساواة وحفظ كرامة الاخرين، وعدم استغلالهم بحكم الامكانيات، التي صارت تحت يده من معرفة وقرارات، ومعلومات في الاستحواذ على الفائدة له ولاهله واصحابه، لانه وقتها يكون قد سقط في الامتحان كإنسان طبيعي، وسقط امام الله وبشكل فج وسقط امام المجتمع وامام من كان يحترمه. وانطلاقا من المفهوم الديني فالانسان الطبيعي بشكل عام خليفة بحكم خطاب الله لداود، والذي هو خطاب خاص بمفهوم خطاب لمن يريد طريق الله "يا داود انا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بين الناس بالحقّ" وبحكم قوله تعالى " اني جاعل في الارض خليفة "، والتي لن افسر الاخيرة فقط بمفهوم قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل كما درسنا، وانما افسرها بمفهوم الاستخلاف لفلان وهنا الاستخلاف لله في الارض بممارسة معايير عادلة واضحة دون اقصاء او انتقاء لما يناسبه و بما يخدمه هو او استمرار جماعته.

رابعا: الاستخلاف لا يعني فقط عند المسؤول او الحاكم وانما انت بحد ذاتك تقع في الامتحان بما تحت يديك اي خليفة لما تحت يديك اي راعي كما ورد في باب درجات المسؤولية في الحديث الذي رواه عبدالله بن عمر "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

فمدرس المدرسة مستخلف في العمل من الله في الامانة، التي تحت يده و هم هنا الاطفال، يبني في فكرهم من دون تقصير ومستخلف في اهله في نفس الوقت من الله. فاذا لم يقوم بعمله كما يريد الله وباتقان وكان مدرك ذلك فقد وقع عليه الاثم لان طريق الله كانت واضحة ولكن طريق الشيطان تغلبت متمثلة بالكسل او الامبالاة او الانشغال باشياء ليست في صميم الامر. والطبيب والمهندس والطباخ وغيرهم ينطبق عليهم نفس الطرح. و كذلك قائد المقاومة او الجيش، الذي يرسل الناس للموت وهو يعلم انه لن ينتصر وانما من باب انا هنا هذا وقع علية الاثم، لان الله اعطاه العلم بامكانيات من يقاتل وكان له ان يفهم انه لن ينتصر، ولكن طريق الشيطان كانت اقوى وصورت له ان الانتصار يقتضي ان نرهق العدو، وليس هناك ضرر ان نضحي "بشوية علشان الباقى يعيش" متناسيا ان كل شخص يموت هو بحد ذاته حياة كان الاجدر الحفاظ عليه. وكذلك الاعلامي، الذي يعرف الحقيقة ورغم ذلك يزرع الكذب وينشر اخبار خاطئة او يبحث عن تبريرات رخيصة برغم ان الله اعطاه قدرة على تنسيق الكلام والتلاعب في العبارات فهذا وقع عليه الاثم، ولم يمثل الاستخلاف. والمستشار الذي يتهم الاخرين بقصد الاقصاء و كذلك الوزير، الذي لم ينظر الا الى قريبه وصاحبه في المنصب، واصدر قرار لصالح ذلك فكان خليفة فاسد واثم احدث خلل في قوانين ربانية حتى لو يعيش ويصلي داخل الحرم، الشيطان يدخل هنا من باب التعليل ان المرحلة تقتضي ناس منا نثق بهم او هولاء افضل من جماعة فلان او ليس هناك اختيار وغير ذلك.

اخيرا عجلة الرحيل من المناصب والمواقع ومن الدنيا تدور بشكل سريع لا يمكن لك بعدها اصلاح اي خطأ ولايبقى معك الا ما تركته اثر لاصلاح مجتمع او تخفيف معاناة، وانظروا لمن سبق فقد مارسوا الظلم باشكال ومواقف وقرارات مختلفة، ورحلوا وهم حاملون اثقال ماخلفوا من معاناة لليمن، ونتمنى من الله يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي