الانفصالي الحقيقي

تيسير السامعي
الأحد ، ٢٢ مايو ٢٠٢٢ الساعة ١١:٢١ صباحاً

لايزال أمامنا -نحن اليمنيين- فرصة تاريخية لبناء وحدة   حقيقية، تُحقق الشراكة والمساواة والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وترتقي بالإنسان اليمني.

لكن -للأسف الشديد- هذه الفرصة تتضاءل وتنحصر كل يوم، ويتزايد خطر التقسيم والتشرذم، والسبب يعود إلى إصرار البعض على سياسة الهيمنة والاستحوذ والضم والإلحاق، "ونحن الأصل وأنتم الفرع"، وترويج خرافة الولاية والحق الإلهي والتاريخي بالحكم.

هذه السياسة الحاصلة اليوم هي من دمّرت الوحدة، ومزّقت اليمن في الماضي، وتعمل على تمزيقه وتدميره اليوم.

ليس من العدل أن نلوم الجنوبي لأنه يطالب بالانفصال، ولا نلوم الشمالي المُصر على الهيمنة والاستحواذ، ورفض المواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية والتوزيع العادل للسلطة والثروة، والعمل على فرض ما يريد بقوة السلاح.

ليس من العدل أن نقول إن صنعاء هي الوحدة وعدن هي الانفصال، فالتاريخ والواقع وكل الدلائل تقول إن عدن كانت ولازالت أكبر وحدوية من صنعاء، قدّمت للوحدة أكثر ممّا قدّمته صنعاء، كانت تستحق بجدارة أن تكون "عاصمة الدولة الموحّدة".

32 سنة مرّت على ذلك اليوم الذي كان أجمل يوم في حياة اليمنيين، وذلك عندما شاهدوا علم دولة الوحدة يُرفع في سماء عدن، لقد كانت لحظة تاريخية عظيمة، ولا تزال تمثل ذكرى جميلة لا تُنسى في حياة كل من شاهدها ومن لم يشاهدها، رغم كل ما حدث بعدها من أخطاء وخطايا.

32 سنة تحتاح إلى تقييم ومراجعة ودراسة مهنية ومحايدة، تكشف لنا الأخطاء، ومواقع الخلل.. فالسلبيات التي وقعت كانت سببا في ما وصلنا إليه. إذا كنا فعلا ما نزال نحبُّ الوحدة وحرصين على بقائها، لاسيما نحن  أبناء المحافظات الشمالية، علينا الاعتراف بالأخطاء والخطايا والسلبيات التي حدثت في الماضي، ومحاولة معالجة أثرها، وتقديم التنازلات، والإيمان المطلق بالشراكة الحقيقية والمواطنة المتساوية، والابتعاد عن  خزعبلات الماضي وثقافة الهيمنة والاستحواذ، ورفض منطق القوة والغلبة، والفرع يعود إلى أصله. لا بُد من توحيد القلوب قبل توحيد الأرض، وتوحيد الأفئدة قبل توحيد الأنظمة.

إن استمرار الحرب وعدم الاستجابة لدعوات السلام هما من يعملان اليوم على تدمير الوحدة وتمزيق اليمن، ويشجعان على الانفصال، ويزيدان عدد المطالبين به.

فمن يصرُّ على استمرار الحرب هو الانفصالي وعدو الوحدة الحقيقي، ومن يريد فرض أجندته بقوة السلاح هو الانفصالي وعدو الوحدة وعدو اليمن وإن زعم أنه وحدوي ويعمل من أجل اليمن.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي