تعز وضمير العالم الغائب

موسى المقطري
الأحد ، ١٥ مايو ٢٠٢٢ الساعة ١٢:٤٦ صباحاً

 

 

كل يوم يمرُّ تستيقظ تعز المحاصرة على جريمة جديدة ترتكبها المليشيات الحوثية ، إضافة لجريمة الحصار المستمر والذي يحول حياة أبناء المحافظة إلى جحيماً يدخل عامه الثامن وسط صمت مريب وعجز عن إحداث اي تغيير من قبل كل من يعول عليهم ذلك إبتداءً من الامم المتحدة باجهزتها ومؤسساتها ، ومروراً بالمنظمات المهتمة بالإنسانية ، ووصولاً إلى كل المهتمين بالشأن الانساني أفراداً وكيانات .

ومن الأسوأ أن تاتي الجرائم الأخيرة في ظل ما أسمته الأمم المتحدة بالهدنة الانسانية ، والتي قبلتها الحكومة وقبلها التحالف لكن الحوثيين وهم يمارسون سلوكهم المعتاد كعصابة استمروا في جرائمهم المعتادة ، وأخر هذه الجرائم ما تم بحق اسرة الطفل محمد هاشم التي تقطن أحد ضواحي مدينة تعز ، والتي لم تتوقع أن تكون الهدنة الانسانية المعلنة وبالاً عليها ، إذ داهمت هدؤ منزل الاسرة في قرية السائلة قذيفة مدفعية اخترقت سقف المنزل ، وخلفت الطفل محمد ذو السنوات الخمس شهيداً ، ووالديه جريحين اخترقت الشضايا جميع انحاء جسميهما .

لم تتعرض مدينة خلال التاريخ الحديث لما تعرضت له مدينة تعز ، ولم يصمت العالم كصمته عن مظلمة هذه المدينة ، وبين مطرقة الاجرام الحوثي وسندان الصمت لازالت دماء ابناء تعز مراقة ، وجراحهم نازفة، وحياتهم صعبة ، ليس لذنب ارتكبوه إلا أنهم فضلوا الدولة على العصابة ، والشرعية على الانقلاب ، والمدنية المتساوية على الفوضى والعنصرية ، وهم يعيشون العام الثامن دون أن يجدون نصيراً.

سيخلد التاريخ ماحل بتعز كمأساة سكت عنها المتشدقون بحقوق الانسان ، وأهملها المتمنطقون برعاية السلام العالمي ، واستغلت هذا الاهمال أو بالاحرى التغاضي جماعة مليشاوية درجت على القتل والنهب وإلحاق أكبر قدر من الأذى بمن يقف في وجه تطلعاتها المشؤومة للاستئثار بإمكانات وقدرات شعب وبلد ، وتحويل الأرض والانسان الى ملكية خاصة بها في زمن قد تخلص العالم بأكمله من إدعاءات تفضيل الدم وتمجيد السلالة .

وأمام كل هذا فإن المؤكد أن تعز ستصبر في وجه مصيرها متمسكة بشجرة الحرية التي ضربت عروقها في أرضها ، ومدت غصونها في سمائها ، وأثمرت ومدت ظلالها ليستريح تحتها حملة مشاعل الفجر ، ومن زيتها المبارك يستزيدون ليواصلون المسير المزين بالصبر والمكلل بالنصر إن شاء الله .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي