بعمل منهجي موازي يكفي لنجد اثر حقيقي!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الخميس ، ٢٨ ابريل ٢٠٢٢ الساعة ١٢:٣٢ صباحاً

 

المنظمات الخيرية في الغرب تستخدم أساليب مختلفة في التخطيط الاستراتيجي للعمل الخيري، والذي لا يتعلق فقط بمجرد تنفيذ النشاطات الاغاثية، وإنما بإحداث فرق في حياة الناس وفي ايجاد ابواب عمل بسيطة، وفي المجتمع على المدى البعيد تحفظ كرامتهم. المتبرع الغربي تظهر له الاهداف، والاطراف، والنتائج واضحة مما يدفعه اكثر على الاستمرار في الدعم، برغم عدم وجود الايمان بالثواب او العقاب وانما منطلق انساني. لذا فعندهم يظهر النجاح، والاثر للتبرعات وايضا المصداقية، وعندنا العكس صحيح حسب مانعيش.

ولنعود الى واقعنا كونه يتحرك من سيء الى اسوء ولا نجد الدولة الا في التلفزيون، فأبناء اليمن في الخارج مابين ٥ الى ٦ مليون مغترب. لو فقط ٢٥ % او ٢٠% اي اقل من الربع منهم اي مليون شخص ارسلوا اموال الزكاة والصدقة وتبرعات فيما يخصهم الى داخل اليمن، وكان ذلك ١٠٠٠ دولار سنويا، فانه سوف يدخل اليمن في شهر رمضان مليار دولار منهم على اقل تقدير. واذا استطاع كل مغترب في مكانه من باب مساعدة الوطن وتخفيف المعاناة ان يقنع شخص مثلا او شخصين في محيطه في الاغتراب اينما كان مثلا في الخليج او غير ذلك، ان يرسل جزء من زكاة ماله او يتبرع الى اليمن او هو يضاعف تبرعه فإن المغتربين يستطيعون ان يضاعفوا هذا المبلغ اي يصير لدينا منهم ٢ مليار دولار، وهذا المبلغ ممكن لاننا لم نحتسب الا فقط ٢٠ في المائة من المغتربين وايضا بسيط لاسيما ورجال ونساء اليمن في خارج الوطن يبذلون الكثير منذ ان بدأت الحرب. طيب فهمنا اننا قادرين كمغتربين ان نجمع هذا المبلغ من باب الصدقة والزكاة او التبرع في شهر رمضان، فماذا يمكن للداخل ان يجمع حتى نتجنب كارثة المجاعة من سوء التخطيط ونحدث تغيير بسيط الى الافضل برغم الوضع المزري الذي هو كل يوم اسوء؟.

في داخل اليمن يكثر الحديث عن ان ١٠% من سكان اليمن لازال حالهم جيد ويسيطرون على ثروة لاباس بها، وهم تجار كبار وبيوت مال وقادة وشيوخ وكبار الموظفين وتجار متوسطي الحال وغير ذلك. هولاء لم يتأثروا بالحرب بشكل كبير جدا، ويمكن ان نقول نصف ذلك العدد اي فقط ٤ الى ٥% اي مابين المليون والمليونين شخص تقريبا يجمعوا لنا زكاتهم وصدقاتهم او تبرعهم بمتوسط ١٠٠٠ دولار ايضاً لكل واحد، وهذا مبلغ واقعي، اذا نظرنا ان زكاة المال ٢,٥%. ويكفينا ان نجمع من الداخل نفس مبلغ الخارج على اقل تقدير، اي حدود ٢ مليار دولار. وبذلك تكون محصلة زكاة البلد ٤ مليار دولار من اخواننا المغتربين ومن اغنياء ومتوسطي الدخل في الداخل برغم الحرب والمعاناة. هذا المبلغ يكون بالريال ٢٤٠٠ مليار ريال بصرف هذه الايام في مناطق صنعاء تقريبا، اذا احتسبت الدولار بحدود ٦٠٠ ريال.

نخرج من هذا المبلغ ٤٠٠ مليار ريال للتنمية البسيطة للفقراء في محور الزكاة- والتبرعات سنويا- ونقسم الباقي اي ٢٠٠٠ مليار ريال كما تريد الأغلبية، وكما تنفق الأغلبية من حيث الهدف ل٤ الى ٥ مليون اسرة يمنية، وهو العدد الصحيح للاسر اليمنية بمعدل ٥ اشخاص, اى اننا نتحدث عن ٢٠ الى ٢٥ مليون شخص بما فيهم متوسطي الدخل. يعني نظام رعاية اجتماعية اسلامي لكل السكان متكامل بامكانيات بسيطة.

كل اسرة من ال ٥ مليون اسرة سوف يكون نصيبها ٤٠٠ الف ريال اي ٦٥٠ دولار تكفي ل ٦ الى ٧ اشهر كما تقيم المنظمات الدولية، ويمكن ان تشتري به كيس دقيق ب ٢١ الف ريال وكيس رز ب ٢٠ الف ريال وسكر ب ٢٠ الف ريال و٢٠ لتر زيت ب ٢٣ الف ريال، والى هنا مايقارب من ١٠٠ الف ريال تم انفاقه لمواد غذائية تكفي شهرين اقلها، واذا قلنا نضاعف الشهور فاننا سوف ننفق ٣٠٠ الف ل ٦ اشهر وتظل معنا ١٠٠ لباقي الاحتياجات.

طبعا نحن حسبناها من دون مساهمة الاسرة نفسها في تحسين حياتها، ووضعها اي ان المساهمة هنا بمعدل ٦٠ ال ٨٠ % من هذا المحور والباقي٤٠ الى ٢٠% على الاسرة نفسها مثل الإيجارات وغيرها. بهذا المبلغ نكون أمنا الاسرة اليمنية كلها ل ٦ اشهر، والدولة عليها من واردات النفط والغاز او من الاستجداء او من مصادر اخرى تؤمن بقية الفترة اي ٦ اشهر.

والى هنا لا اجد فعلا مشكلة لحمل المجتمع اليمني في هذه الكارثة.

طيب واين المشكلة، المشكلة انعدام التخطيط وسوء الادارة في الداخل والخارج من الحكومة الى الاسرة، مما يجعل المجتمع اليمني دائما في حالة استنفار وقلق دائم على مدار السنة فنحن كما يزاحم على وايت اي سيارة نقل ماء ونموت من الزحام او نبدد الماء دون ان نستفيد.

ويظل الحل هنا هو تأطير العمل الخيري التنموي بمؤسسة مدنية للرعاية والتنمية الاجتماعية الشاملة بعيدة عن الدولة والسياسة في هذه المرحلة، ذات وجوه نظيفة من داخل وخارج الوطن تعمل على التوزيع العادل لمقدرات الزكاة و التبرعات حتى يعيش ابناء اليمن ازماتهم الغير منتهية بدون امتهان لكرامتهم هذه واحدة. هنا يجب ان تكون الدولة مراقبة ومسهلة للعمل في ذلك، والاعلام داعم والمجتمع المدني شريك في الرقابة.

والنقطة الثانية نسيت ان اقول لكم انه سوف يبقى من المبلغ ٤٠٠ مليار ريال، التي اقتطعتها في بداية المقال. هذا المبلغ الهدف منه احداث تنمية حقيقية لكي نرفع عدد الاسر التي تعتمد على ذاتها وتصير رافد منتج للمجتمع.

هذا المبلغ نبني به كل سنة ١٠٠ مدرسة للاطفال في الريف، بمعدل ٤٠٠ مليون لكل مدرسة، وهنا نكن انفقنا ٤٠ مليار ريال. ونبني ١٠٠ مستوصف طبي في كل الجمهورية سنويا بمعدل ٤٠٠ مليون لكل مستوصف وصار انفاقنا ٤٠ مليار اخرى. ونبني ١٠٠٠ ورشة عمل مختلفة فنية ومهنية بمعدل ٣٠ مليون لكل واحدة نملكها لمن ينجح في الاستمرار وامتصاص البطالة معه، ونكن انفقنا ٣٠ مليار ريال هنا. ونبني ١٠٠٠ وحدة سكنية بمعدل ٣٠ مليون لكل وحدة نملكها بقرض ميسر ل ٢٠ سنة يسترجع لتوسيع الدائرة ونكن انفقنا ايضا ٣٠ مليار ريال.

وسوف يظل معنا ٢٦٠ مليار تكفي مرتبات ل ١٠ الف موظف يعملون على تحقيق اهداف المؤسسة الخيرية لزكاة والتنمية والتخطيط والتوزيع والتنفيذ والرقابة الداخلية ويحسنون حياة الناس، ويعملون على تأهيل الكثير منهم وذلك بمعدل ١٢٠ الف ريال شهريا ول ٧ سنوات دورة حياة خيرية بمعدل ١٠٠ مليار ريال.

او يمكن هنا الاعتماد ايضا على الجمعيات الموجودة بنظم بيانات توزيع حديثة مع تأهيلها اكثر وبناء شبكة فاعلة وهنا نكن جعلنا المجتمع هو الفاعل بمبدأ التدافع. وسوف نبتعث ٢٠٠٠ شخص من طلاب الاسر الفقيرة والايتام الى المانيا او فرنسا بمصاريف شهرية ٨٠٠ دولار للدراسة لكل شخص وبذلك ننفق ٨٠ مليار دولار لسبع سنوات ونغير الطبقة الفقيرة والمحتاجة .

بذلك سوف يختفي الفقراء من الشوارع مع السنوات ونخطف الاطفال منهم الى المدراس، ونحدث تنمية للاسر البسيطة وندرب الشباب على العمل التطوعي ونوظف ١٠ الف شخص هذا فقط في المؤسسة، وليس في الورش والمستوصفات وغير ذلك، ونأهل ٢٠٠٠ طالب من الاسر الفقيرة كمهندسين واطباء في الغرب تحت اشراف هذه المؤسسة ولمدة ٧ سنوات، وقبل ذلك نحفظ كرامة المجتمع ونكسب ثقة الجميع اننا قادرون على ان نحدث تغيير حقيقي داخل شرائح المجتمع بالبسيط الذي بايدينا بدل من البقبقة والعك والخطط الاقتصادية الهيرغلفية، التي لم تنجح واحدة منها منذ كنت عمري ١٥ عام.

ويظل معنا من المبلغ ٨٠ مليار ريال يتم احداث نهضة ريفية بذلك، نبني ١٥٠ حاجز مائي بمعدل ٢٠٠ مليون ريال لكل حاجز مائي ونكن الى هنا انفقنا ٣٠ مليار ريال بوجود مشاركة شعبية و ٢٠ مليار ريال، وننفق ١٠ مليار ل ١٠٠٠ مشروع تنموي مدعوم بحدث اثر في ٣٣٣ مديرية. و١٠ مليار ريال لشبكات الرى واستصلاح الأراضي و بناء المشاتل وتحسين طرق إكثار النبات و تربية النحل وغير ذلك و ١٠ مليار لتعليم المرأة الريفية وتحسين حياتها و١٠ مليار ريال لدعم الطاقة البديلة وتحسين مدارس الريف وبناء منتزهات ريفية بسيطة.

والان لنا ان نفكر ان المملكة انفقت لدعم اليمن ٢٠ مليار و ٥٠٠ مليون دولار في ٧ سنوات الاخيرة، ولم نجد اثر كبير كما يمكن ان نتخيل ذلك، وحتى لو انفقت بنفس النهج مليارات اخرى لن يحدث تغيير.

واخيرا علينا فقط نفكر لو نستمر بنفس البرنامج الذي وصفته ل ٥ سنوات موازي لعمل الدولة، ونتصور التغيير في المجتمع فلا نحتاج بعدها الى حرب وصراع لانه سوف نسحب المجتمع الى التنمية، فبعد ب ١٠ سنوات نكون نفذنا من دائرة المجتمعات الفقيرة، وصنعنا معجزة بدل الخطط الاقتصادية حق الدولة، التي تشبه الطلاسم، والتي تتحدث عن الرقمنة والمجتمعات المعرفية، والتي صعب تحقيقها في مجتمع ينتظر سلات الغذاء اولا.

لذا تغيير الوطن يحتاج فقط إلى مجتمع يؤمن بأنه يستطيع.

الفريق الاقتصادي بموجب القرار الرئاسي في مشاورات الرياض لو يتبنى مثل هذا المشروع انه اخرج لنا ولهم .!!!!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي