تعز والسبع العجاف

موسى المقطري
الاثنين ، ٢١ مارس ٢٠٢٢ الساعة ١٠:٣٦ مساءً

 

قبل سبع سنوات من اليوم كانت جحافل الحوثي تهاجم تعز حاملة معها كم هائل من السلاح والحقد ، مشبعة برغباتها الدنيئة بنشر الموت والدمار المتكئ على أفكار عنصرية تتوارثها السلالة التي لاترى نفسها إلا في موقع السيادة والتحكم مُسخرةً الشعب لخدمتها ، مستبيحة دمه وماله وكرامته ، لكن تعز أعلنت رفضها لهذا المشروع واطلقت فكرة المقاومة له ، ومنذ ذلك اليوم لازال التعزيون يدفعون ثمن الحفاظ على كرامتهم ، ويقدمون خيرة رجالهم في تعز وفي كل جهات الوطن حاملين لواء الجمهورية التي لاسيد فيها ولامسود .

منذ سبع عجاف تتجرع تعز مرارات لم تتجرعها مدينة ، ويدفع التعزيون فاتورة ثقيلة أركانها ممارسات مليشيات الحوثي الانقلابية وعلى رأسها الحصار والقصف والقنص والاختطاف ، إضافة إلى الهجمات العسكرية الهادفة إلى التسلل للمدينة المحاصرة والتي تفشل في انجاح أي منها ، ولا ننسى الكم الهائل من الالغام التي زرعته مليشيات الموت في طرقات ومزارع ومنازل المواطنين في المناطق التي كانت تحت سيطرتها ، وهذه الالغام لازالت تحصد الابرياء ، والضحايا في تزايد مستمر .

رغم الفشل المتكرر في تحقيق نصر عسكري على الارض لكن المليشيات نجحت في تحقيق أكبر نسبة من الأذى بحق المدينة وأهلها ، فرصاصات قناصاتها لازالت تصطاد الأبرياء من سكان تعز ريفاً ومدينةً ، لا تستثني شيخاً أو طفلاً أو إمرأة ،  وقذائف مدافعها كل يوم تقلق المدينة وما حواليها ، وتصل إلى المرافق الصحية والتعليمية والرياضية حاصدة المزيد من الضحايا ، وكل ماهو مدني وضعه المليشاويون الانقلابيون هدفاً سهلاً لهم .

سبعة أعوام مرت والأمم المتحدة ترعى اتفاقات وتخوض في جولات مفاوضات مستثنيةً تعز والتعزيين من أي جهد لتخفيف معاناتهم من الحصار والقصف والقنص ، وكأن المدينة تُركت لقدرها تواجه الموت منفردة ، ورغم وصول المبعوث الأخير إليها ومعاينته قسوة الحصار والدمار الذي تتعرض له تعز إلا أن شئ لم يتغير ، وأضحت الزيارة اليتيمة حدث عابر لاتشبهه إلا تعبيرات القلق التي يطلقها مسؤلي المنظمة الدولية .

تحتاج تعز اليوم الى وقفة جادة من الإقليم والعالم يخرجها مما تعانيه نتيجة تمسكها بمشروع الدولة ، ورفضها السير في ركب الانقلاب المليشاوي العنصري ، وهذا موقف تشكر عليه لاتعاقب لأجله ، وليس من العدل أن تظل ضريبة هذا الرفض مفتوحة للأبد ، ولابد من تحرك عاجل لايقاف مسلسل الموت والحصار ، واعتبار تعز وما تعانيه قضية انسانية تحضى بالأولوية القصوى في كل تحرك سياسي يخص القضية اليمنية .

تعز لازالت تقاوم مشاريع الموت وستظل كذلك ، ومن وسط معاناتها هذه لازالت تعطي دروساً لمحبي الحرية والكرامة ، وكل يوم تشرق الشمس فيه هو مساحة أمل وعمل وفرصة جديدة لمقاومة المشروع الانقلابي ودحض أمنياته في السيطرة على البلد أرضاً وإنساناً .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي