في اليوم العالمي للمرأة ... تكريم أمي كأم مثالية

مكرم العزب
الخميس ، ١٠ مارس ٢٠٢٢ الساعة ١١:١٦ مساءً

لفتة كريمة وطيبة ومشكورة من إدارة مكتب التربية في مديرية مشرعة وحدنان بقيادة الاستاذ القدير عبدالعالم احمد عبدالعزيز الشيخ ،والذي انتبه لهذا لموضوع فقام بتكريم عينه من الأمهات،واعتبار هذا التكريم رمزيا لكل الامهات المثاليات في المديرية،منهن ما زلن يعشن  بيننا حفظهن الله جميعا ورحم الله من غادرن الحياة إلى جنة الخلد. إن شاء الله، هذا التكريم بنظري يشكل  بعض من التقدير لهن وحافزاً لبقية الامهات للقيام بدورهن في تربية الأبناء والقيام بواجبهن والتماسا لقول أمير الشعراء :" الأم مدرسة '

بهذه المناسبة اجدها فرصة أن اهني أمي الغالية بهذا التكريم الرسمي من مؤسسة حكومية وهو الاول من نوعه في المديرية واهني نفسي وإخواني واخواتي بيوم المراة العالمي.،وإن جاء هذا التكريم متأخرا، وامي في العقد التاسع من عمرها، لكن يظل له دلالة طيبة ورائعة في نفوسنا جميعا.

امي أمينة عبدالكريم مغرم معروفة " ببنت كرامي" برغم صعوبة العيش ناضلت بشكل أساسي مع والدي المرحوم  في تربيتنا التربية الحسنة والحرص على تعليمنا لنكون متفوقين في كل مناحي حياتنا، تعلمنا منهما الصبر والصدق والوفاء وحب الأخرين في التعامل والابتعاد عن الرذائل، بالتعليم أمي كانت الجندي المجهول التي لم تدع أحدنا يحتاج ما يلزم للتعليم والمذاكرة فكانت بيتنا مدرسة   يجتمع به كل مستوى تعليمي مع زملائه في القرية وكنا نعلم بعضنا بعض بتجربة عرفتها فيما بعد بعلم التربية اسمها ( من طفل إلى طفل ) او ما تعرف بالانجليزية (  child to child )

امي بنت كرامي لم تكن كبعض الأمهات يكتفن بما يجلبه الاب  دون مساعدة بل كانت عاملة في الحقل كمزارعة  حتى انه في بعض السنوات  اضطرت أن تعمل في  محل بسيط بالقرية تبيع المواد الغذائية لتسطيع مساعدة والدي في تحمل أعباء الحياة والعيش، وحينما مرض والدي تحملت مسؤولية تربيتنا منفردة، وغادر والدي عام  1993م وما زال اخي الصغير "حليم"  لم يبلغ  بضع سنوات واكبرهم أنا ما زلت  في المستوى الثالث في الجامعة .

امي كانت في اخر العام وفي الاجازات قبل الامتحانات تجهز لنا كل ما نحتاجه لنسهر للمذاكرة , ومن يصل إلى الصف الثالث الثانوي تكثف جهودها معه وتنتبه له أكثر من الاخرين حتى يتفوق.

برغم قسوة الظروف ومعانات الحياة أمي" بنت كرامي" كانت أسطورة في التضحية من أجلنا، لم نذق الاكل يوما إلا بعد أن  تطمئن أننا شبعنا،كريمة معنا ومع الأخرين،لم تتضايق من أحد من زملائنا معنا، ولا تميزنا عن بعضنا    كانت تنظر لنا جميعا ذكور وإناث بعين واحدة.

يكفي أمي  فخرا بأنها انجبت وربت لهذا الوطن ستة أبناء وثلاثة بنات جميعهن مواطنين صالحين مثمريين للوطن وللناس، فمنهم الطبيب ومنهم المختبري ومهندس المعدات الطبية،والاقتصادي والمهندس المدني والتربوي،وجميعهم يحملون المؤهلات الجامعية وعاملون يكافحون من أجل البقاء والعيش الكريم.

 أكبر مؤهل يحمله أبناء بنت كرامي أنهم جميعا يتذكرون أمهم في كل وقت وحين ويحملون لها كل الحب والود وما زالت تعيش على ذكراهم بعد ان انتشروا بانحاء المعمورة باحثين عن الحياة الكريمة، ويكفيها شرفا أن أبنائها معتصمين بحبل الله متأخين متحابين،لا يعرفون الفرقة او الاختلاف،فهم جميعا متأزرون كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضوا تداع له بقية الجسد بالسهر والحمى،يشكلون مع أبناء اعمامهم  اسرة مثالية يضرب بها المثل في الوحدة والاخوة والتآلف والتأزر.حفظهم الله ورعاهم جميعا.

امي بنت كرامي ذات التسعة العقود من عمرها اجتماعية بطبعها،برغم  عمرها الكبير  الا انها إلى اليوم إذا غابت عنها رفيقاتها يوما لم يحضرن إلى غرفتها للجلوس معها بعد العصر من كل يوم لإنشغالهن بمناسبة او غيره تخرج الى كل بيوت القرية تدق ابوابهن تسال لماذا لا يحضرن اليها اليوم، فاتحة  البيت لمن جاء إليها  من نسوة القرية او من قرى اخرى،مضيافة كريمة بشوشة كعادتها لمن يطرق باب بيتها... تحب اطفال القرية وتداعبهم وتضحك معهم فيتجتمعون دوما امام البيت لا يخافون أن يلعبوا او يمرحوا  بكل حريتهم، هذا يذكرني بانها في طفولتنا كانت تتركنا نعبث بمحتويات البيت وجدرانه ،فتقول لنا: ( ستكبرون وستصلحون كل ما تخربوه الان)، وفعلا  هذا ماحصل.

باليوم العالمي للمرأة  ادعو لأمي بالصحة والعافية وان يمنحها طول العمر ويكفي ان نراها مبتسمة راضية عنا جميعا.كما اتمنى أن ارى كل نساء اليمن والوطن العربي يعشن باطمئنان وسلام ويساعدن في التنمية والرخاء...  (والدهر فقيه)

الحجر الصحفي في زمن الحوثي