مُـــــــــــــــــوقــــــــــــــــدات؟!

د. علي العسلي
الأحد ، ٠٦ مارس ٢٠٢٢ الساعة ٠٤:١٣ مساءً

اليوم الثاني عشر لعدون روسيا على أوكرانيا؛ وهو اليوم الثاني عشر أيضا على الهدوء والطمأنينة التي حلت في دواخلنا، بفعل استدارة الظهر من قبل الجزيرة؛ والعربية، والعربية الحدث، عن نقل الاخبار من بلداننا العربية، فعلهم هذا أحسسنا؛ أنه لم يعد يوجد حرب باليمن، ولا مشاكل في ليبيا، و قد استقرت الأوضاع هناك؛ وفي لبنان أصبح سويسرا، والتعايش فيه فريد، وقد عولجت كل ازماته الاقتصادية والمالية والنقدية، وجرت الانتخابات الديمقراطية فيه؛ وإيران قد تخلت عن التشيع وتصدير الثورة الخمينية والمسيرات والصواريخ والألغام إلى أوطاننا لقتل أطفالنا ونسائنا، وفجأة وبفعل الصدمة من الحرب الروسية أصبحت إيران (عاقلة)، ومتعقلة، وقد تخلت عن انتظار ظهور المهدي، وهي الآن دولة جارة تحترمنا مائة في المائة!؛ وقد أزالت الشيطان الأكبر من قيدتها وأصلحت كل أمورها مع الغرب، وتنازلت على النووي بمحض إرادتها، وتعهدّت للعالم، من أنها لن ترسل الصواريخ، ولا الطائرات المسيرة، لضرب أعياننا المدنية، والأمور كلها تسير على ما يرام!؛ أليست هذه هي أهم مواضيع العربية، والعربية الحدث؛ والجزيرة التي كانت لهن سبق وسباق قبل اثنا عشر يوما؟!؛ فأين ذهبت أخبارها العاجلة والمواضيع وأحداثها حتى من شريط الاخبار عن دولنا العربية؟! أليس هذه المواضيع هي العناوين البارزة، ألم تكن هناك نشرات خاصة لبلداننا لساعة كاملة؟!؛ فأين ذهبت هل انتهت الحروب ام ماذا؟!؛ نشرات وبرامج معادة!؛ تكثيف إعلامي ممل، ومحبط، حتى ليظن المرء ألا يصبح إلا وقد أبتلع الحوثي مأرب، ووصل حفتر طرابلس ومحا حسن نصر الله السنة والمسيحيين من الوجود في لبنان!؛

 

ترى من يحرك الإعلام العربي؟؛ ولماذا فجأة أدار ظهره لقضايا المنطقة؟؛ وذهب بعيداً هناك لتغطية الحرب الروسية الأوكرانية على مدار الأربعة والعشرين الساعة، وكأن القيامة ستقوم من هناك!

هل فعلاً الأحداث هي من تقود الاعلام للتغطية؟؛ أم أن التوجهات وإيقاد واشعال الحروب هو من قبل الاعلام الذي  يجعل المتصارعين أكثر عنفاً، استجابة لذروة الأخبار المشاهدة لدى القنوات؟؛أم أن من بيده الزناد يدرك أن اطلاقه لن يكون عاجلاً في  القنوات الإخبارية هذه الأيام مع اشتعال الحرب الروسية على أوكرانيا، لأن النار هناك أكثر اشتعالا وضراوة، فقرروا التوقف قليلا ليُعدّو العدّة للانطلاق ثانية، بعد توقف الحرب الكبرى هناك، يعني "استراحة محارب"؟!؛ وقد يقول قائل: إن الحرب في اليمن قد هدأت بسبب الحرب الروسية، وبسبب اتفاق ايران مع الغرب والجيران؟!؛ وماهي الأمارة؟؛ يقول لك من دون تردد لم نعد نشاهدها في الجزيرة والحدث؟!؛ ولم نعد نسمع عن أعاصير الحوثي، فقد توقف عن قصف السعودية والإمارات بمسيراته وصواريخه البالستية ؟؛

خلاصة القول.. هل العربية والجزيرة موقدات للحروب في بلداننا بحسب توجهاتهما؟؛أم أن المتحاربين وخصوصا المعتدين المنقلبين المتمردين هم بطبيعتهم لؤماء يتابعون الذروة للقنوات ويقومون بجرائمهم قبيل النشرة بدقائق لكي تكون جرائمهم الخبر الأول وربما التغطية تستمر بعد ذلك؟؟!؛ 

أسئلة تحتاج الى إجابات؟؛ لكن في الحقيقة شكراً للجزيرة، والشكر موصول للعربية الحدث.. هدأت قليلا عقولنا وافئدتنا وأعصابنا مما يجري لأهلنا في طول الوطن العربي وعرضه، وعلى الخصوص يمننا الحبيب؛ بغض النظر إن كان المتقاتلين قد هدأوا بأنفسهم ويعدون عدتهم لما بعد الحرب الروسية، أم أنهم لايزالون مستمرون في حروبهم، لكن الجزيرة والعربية هما من اهملتهم لتذهب لحرب أكثر جذبا وأكثر جمهوراً.. شكرا لكم أن اعطيتمونا استراحة، كوننا من اشد المتفرجين المحروقين المتابعين المتسمّرِّين على قنواتكم، لا تفارقنا، وماسكين أيدينا على قلوبنا خوفاً من سماع اخبار لا تسرنا، من اخبار وطننا العربي ومشاكله ومعاناته وموته جوعاً أو قتلاً!

اللهم أصلح شأننا كله، وأصلح بين المتحاربين، وأصلح اللهم إعلامنا لنقل الحقيقة كما هي، دون تحريف أو تبديل وفي أي مكان كانت.. آمين اللهم أمين..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي