ما بعد الحرب الحالية .. نظام عالمي جديد؟

د. علي العسلي
الأحد ، ٢٧ فبراير ٢٠٢٢ الساعة ٠٧:٣٤ مساءً

ثبت أن نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية غير جدير بالبقاء لأنه لم يحلل الامن والسلام بالعالم، بل كان في معظم الحالات سببا مباشرا لنشؤ صراعات اقليمية وحروب مدمرة، وكذلك قامت بعض دوله الكبرى بغزو لدول دون مبرر قانوني او منطقي؛ العالم بحاجة الى إرساء دعائم السلام والامن واحترام الدول الأعضاء وعدم التدخل بشئونها الداخلية؛ يحتاج العالم الى تطبيق النصوص والقرارات على الجميع من دون انتقاء او ازدواجية كما كان في السنوات والعقود الماضية!؛ يحتاج الى عالم يقوم الغني بتقديم المساعدات للفقير، نريد نظاما عالميا ينهي الفقر ويحافظ على البيئة ويمنع الاحتكار، وينهي سباق التسلح!؛

يبدوا أن روسيا قد استدرجت لمستنقع قد يسبب لها تراجعا عن المساهمة في إدارة العالم!؛ ونرى بالصورة دول طموحة وهي مستحقة ان تتقدم الصفوف نظرا لعلاقاتها المتوازنة ومساهمتها في العالم بإحلال السلام مثل المانيا!؛ إن المانيا التي قسمتها الحرب العالمية الثانية إلى قسمين شرقي وغربي يبدو أن غزو روسيا لأوكرانيا سيعيدها الى الصدارة في النظام العالمي لما بعد انتهاء الحرب الروسية على أوروبا!؛ 

إن روسيا ربما نست كوارث الحرب العالمية الثانية فبادرت لغزو أوكرانيا؛ تلك الحرب الدموية نتج عنها  الحرب، أعني الحرب العالمية ظهور الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي (روسيا الوريث الشرعي، أو الواقعي للاتحاد السوفيتي) كأقوى دولتين في العالم، تحالفتا معاً لقتال المانيا؛ ثم وقع صراع ونزاع بينهما استمر طويلا؛ عرف باسم الحرب الباردة ..أقول ربما المعطيات الحالية ستشكل احلافا جديدة، وقد تنهزم الدول الكبرى كما نرى بوادر ذلك في تأخر الحسم الروسي  في أوكرانيا، وسمعنا اليوم أن المانيا قررت ارسال أسلحة نوعية الى أوكرانيا مضاد للمدرعات والطائرات ،هذا السلاح قد يسهم في احراق المدرعات الروسية أكلاً!؛ وكذلك لحصد الطائرات الروسية!؛ وهذا القرار الألماني سابقة بتاريخ المانيا حيث كانت تنأى بنفسها عن ارسال أسلحة لمناطق النزعات!؛ ولا أظن أن ما أعلنه المستشار الألماني من ارسال الأسلحة لكييف تعاطفا مع أوكرانيا وحسب؛ وإنما لأنه يريد كذلك أن يحجز لألمانيا مقعداً في مجلس الأمن الدولي مستقبلا، أي بعد انتهاء الحرب الدائرة !؛

وقد يدفع دول أخرى لتنحى نفس المنحى، مثل الهند وباكستان وربما تركيا؛ وحظنا العاثر أن لا دولة عربية مرشحة لتكسب مقعدا في مجل الأمن للدفاع ن النظام العربي الرسمي وبلاش الشعبي ...؛ أقول هذه الحرب لو استمرت قد تفضي إلى تراجع أمريكا وروسيا لتفسحا المجال لهذه الدول وغيرها في الاشتراك في حفظ الأمن والسلم الدوليين!؛

وقد أدرك الرئيس الأوكراني أهمية التصويت في مجلس الأمن الدولي، وكيف ينبغي ان يدار مجلس الأمن الدولي مستقبلاً؛ حيث تقدم بطلب اليوم للآمين العام للأمم المتحدة بحرمان روسيا من حق التصويت واستخدام الفيتو!؛ صحيح أن الحرب الباردة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في العام 1990، قد انتهت، والصحيح أيضا أنه وقبل 45 سنة كان قد اجتمع ممثلون من 50 بلداً معاً في سان فرانسيسكو، واتفقوا على تأسيس الأمم المتحدة، التي أنشئت رسميا في 24 أكتوبر 1945م، عقب الحرب العالمية الثانية التي شملت العالم، ولكن كانت أطرافها الرئيسية؛ ((المانيا، وإيطاليا، واليابان) من طرف؛ ودول الحلفاء ((فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي، والصين)) كطرف ثان؛ نتج عن تلك الحرب مقتل أكثر من 40 مليون شخص!

واليوم أصبح كلا الطرفين طرف واحد باستثناء (روسيا والصين)، ليس الدول التي ذكرناها فقط، وانما حلف الناتو بأجمعه، مضافاً إليهم دولاً أخرى من خارجه انضمت إلى الحلف الذي يقوم حاليا بفرض عقوبات قاسية على روسيا، وعلى الدول التي تؤيد روسيا في غزوها لأوكرانيا؛ وربما قد يتطور الأمر وتتحد تلك الدول ضد روسيا عسكريا؟!!؛ إذاً العالم بحاجة الى نظام دولي عادل مستدام يحافظ على مصالح كل الدول دون انتقاص من أية دولة عضوة في الأمم المتحدة. ولم يعد مقبولاً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبروز نظام الدولي أحادي القطبية؛ أعني سيطرة الولايات المتحدة الامريكية فقط !؛

على العالم الانخراط في صياغة مجموعة جديدة من القواعد والمعايير والأعراف التي تحكم العلاقات بين الدول؛ تعتمد على العدالة والانصاف؛ يكون نظام بنمط مستقر ومنظم للعلاقات بين الدول، ويعكس جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية والأشكال الأخرى من التفاعل الذي ينشأ بين الدول!؛ ينبغي أن يكون النظام الدولي  المنشود، وحدة واحدة مسؤولة عن الأمن والسلم الدوليين وعن الاقتصاد؛ وليس كما هو حاليا، حيث ان النظام الحالي ليس وحدة واحدة؛ إنما يتكون من أنظمة فرعية متنوعة  اقتصادية وأمنية وسياسية!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي