بــاقــــــــــــون.. قــــــــــــــــــادمون!

د. علي العسلي
الجمعة ، ١٨ فبراير ٢٠٢٢ الساعة ٠٦:٣٤ مساءً

ظهر قبل أمس السيد حسن نصر الله مُلقيا خطاباً ناريا على جمع أصطف بالضاحية الجنوبية  في بيروت، يستمعون لخطابه ويصفقون له، لا جديد في ذلك كما جرت العادة من خلف شاشة منصوبة!؛ لن أخوض في التعليق بشأن الخطاب فيما يخص الداخل اللبناني الآن، حيث سأفرد له حديث أكبر لاحقا؛ لكن خطابه اندرج ضمن سياقات ومعطيات ومتغيرات دولية كبيرة، فمن المهم الإشارة والتركيز على بعضها؛ فخطاب السيد حسن جاء  متزامنا مع الساعات الاخيرة من مفاوضات "فينا" بشان البرنامج النووي الإيراني؛ حيث سربت بعض بنوده وسائل الاعلام، ومن أسبوع وكإبداء حسن نية فقد أفرجت امريكا او سمحت بالإفراج عن اموال ايران المجمدة فيما يخص البرنامج النووي الإيراني للأغراض السلمية؛ والخطاب ربما جاء ايضاً ضمن تعضيد المفاوض الإيراني، وقد جاء كذلك  تحديا للكيان الصهيوني الذي سُمح لوفد من خارجيته الحضور إلى فينا والاطلاع والانخراط في التفاوض الذي يجري هناك ،وبالتالي قد يكون استفزازا للكيان لجره للحرب ومشاغلته من حدود  لبنان لا أن يقوم بالعدوان على ايران؛ والجزء الكبير من الخطاب قطعا موجه نحو الداخل اللبناني للتأثير على الانتخابات اللبنانية  القادمة؛ وجاء خطابه أيضا في وسط دق طبول الحرب في وسط اوروبا الشرقية حول أوكرانيا؛ غير أن الملفت هنا أن  خطاب السيد نصر الله قد جاء عقب وصول وزير الدفاع الروسي لدمشق والتقائه بالأسد، ثم التحرك إلي قاعدة (حميميم) الجوية العسكرية الروسية والتي تقع جنوب شرق مدينة اللاذقية بسوريا، للاطلاع على المناورة التي تجري في البحر الأبيض المتوسط؛ وجاء خطابه كذلك عقب استهداف الحوثين بطائراتهم المسيرة على العمق الاماراتي!؛  هذه هي المعطيات التي خطب فيها حسن نصر الله، تجدر الإشارة أن السيد حسن هو عراب الشيعة لدى أمتنا العربية؛ ولذلك فغياب عبد الملك الحوثي وخطاباته الطويلة المملة، ربما السيد حسن صار بديل له وبقية الاذرع وحتى الأصل الفارسي بطهران!؛

فيما يخص الداخل اللبناني فإن السيد نصر الله دشن برنامجه الانتخابي اليوم بشعار: 

"باقون نحمي ونبني" !؛ 

وهنا أود أن أطرح معادلة مقابل معادلة كما يحلو لحزب الله ومن على شاكلته طرحه في الاعلام، تصعيد اما تصعيد، وقوة تجاه قوة وهنا نطرح سياسية تجاه سياسة؛ إذ المفروض أن هذه المعادلة هي التي تسود في أوساط الشرعية اليمنية وداعميه من دول التحالف العربي وبالأخص المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.. وليكن:  "قادمون ننهي ونبني" !؛

أليس الفرق بين المعادلتين أو الشعارين كبير في الشكل والمضمون؟!؛

إن خطاب نصر الله هو خطاب دال علي ثقافة التصعيد والتحدي والحروب، ويريد الدخول للانتخابات في ظل المحاصصة والطائفية التي يتقوى بها لهزيمة المشروع المدني الحداثي اللبناني، وبالضد الدستور والقانون اللبناني الذي يتغنى أنه يدافع عنه وعن هوية لبنان العروبي الديمقراطي الحر!؛ لكن الممارس هو بالضد مما يطرح حسن نصر الله ، نصر الله قبل كم يوم ظهر بخطاب وليس ورائه خارطة الوطن العربي ولا علم لبنان ، بل صورتي خميني وخامنئي، أهذه روبة؟!؛ 

ونصر الله يختضن ويحمي قنوات تزرع ثقافة الحقد والكراهية والفتن والطائفية تحت لافتات محور المقاومة والممانعة، تلك القنوات لا تقدم وجهة نظر بل تفتن وتفتي وتجرم وتخون وتكفر، وتمجد السلالية والعنصرية!؛   فهو يريد انتخابات تعزز من موقعه لاستمرار اغتصابه للسلطة في لبنان من خلال تطويره لمنظومة الصواريخ وشعبه يجوع، ويصنع المسيرات ويريد تصدير ارهابه للمنطقة والعالم، أما الكيان فبمعادلاته الردعة لم يطلق نحوه رصاصة منذ 2006، على الرغم من حروب قامت ضد الفلسطينيين ودمرت غزة مع ابراجها وهو يتفرج!!!!!؛ ينقد خصومه السياسيين بعد ان أعلنوا الاعتزال وعدم المشاركة في الانتخابات القادمة ((آل الحريري وتيار المستقبل))، وكأنه هو قد جعل لبنان في مصاف الدول العشرين المعروفة بالعالم في التطور الصناعي والتكنولوجي!؛

إذاً نصر الله وحزبه باقون لتنغيص حياة اللبناني ولاستهداف الدول العربية وليس الكيان سوريا واليمن أنموذجه!؛ باقي ليحمي الضاحية والقنوات التي تبث سمومها في الوطن العربي، ويني مملكته الخاصة به وليس بناء لبنان؛ فالكل يعلم حاله وما وصل  إليه!؛  باقي ليعطل بما يسمى الثلث الضامن، ويحمي هذا الثلث ويحمي اسلحته وبالتالي يمنع من اي سن او تشريع او استراتيجية وطنية تطالب نصر الله وحزبه بتسليم السلاح للدولة وللجيش اللبناني، فما بالكم وقد اعلن انه صار يطور الصواريخ ويصنع المسيرات، وبات يفتش له عن سوق لمن سيشتري طائراته المسيرة، دون شروط قانونية واخلاقية ليضرب بها المشتري ما شاء للتصدير، المهم ان نصر الله صار تاجر طائرات من دون طيار؛ والتجارة لا تعرف القيم عند من يبحثون عن المال للمال وللربح، وبعد هذا الإعلان التجاري التدميري فأحدروا ايها اليمانيون و يا ايها الاخوة في التحالف العربي وخاصة الاخوة في الأمارات والسعودية، سيعطي السنبل او العينة مجانية  للحوثة لتجريبها واختبار فعاليتها على رؤوس اليمنين" لتعطي اسعر أعلى)، كذا على الاعيان المدنية في المملكة ودولة الامارات الموصوفة في خطابهم بأنها دولة زجاجية!؛ مؤكد أن المشتري ليس بدول تعمل وفقا للدستور والقانون، فالمشتري حتما من جنس المصنع؟!؛

بالمقابل ينبغي ان يكون شعار الشرعية أو صياغة معادلة ميدانية كما يفعل  خصومهم، المفروض تلتهب الجبهات كافة والتقدم نحو العاصمة ؛قولوا للحوثي ولنصر الله ولطهران قادمون يا صنعاء!؛ قادمون إليك يا صنعاء لتحريرها واستعادتها، ومصادرة سلاح نصر الله المصدر، ومحاكمة عناصره من الخبراء والمدربين!؛

 لو أن الشرعية ومن ورائها التحالف بهذه الإرادة، وهذه العزيمة من دون شك سينتهي الانقلاب، وسينتهي مشروع حكم العصابات، ومشروع قانون الغاب، ومشروع الحكم الإلهي لسلالة؛ ومشروع الملشنة، ومشروع الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون؛ ومن ثمّ ستعاد الدولة، ويعاد السلاح، وممكن إعادة ما دمر بفعل المنقلبين او بسببهم؛ وسيبني اليمن الجديد المدني الحديث والديمقراطي .. 

هذا باختصار كتبته من وحي خطاب السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية يوم الاربعاء السادس عشر من فبراير  ٢٠٢٢!؛ لإثبات معادلة توزن الردع والرعب .

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي