ثورة الـ 11 من فبراير تقاس بمضمون أهدافها !

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٠٩ فبراير ٢٠٢٢ الساعة ٠٧:٥٨ مساءً

تطل علينا الذكرى الحادية عشر بعد يومين في ظل متغيرات ومعطيات متداخلة ومتشابكة وانقسام؛ بين من يرى في أن ثورة الحادي عشر من فبراير هي مستمرة حتى تحقيق جميع أهدافها!؛ وبين من يرى أن الوضع القائم البائس الذي يعيشه اليمنين هو بسببها هي، وثوّارها؛ وأصحاب هذا الرأي هم أصحاب مواقف مسبّقة؛ وعليهم إن كانوا يحبون اليمن أن يراجعوا بنظرة موضوعية وعميقة لأهداف ثورة فبراير ثم يحكموا عليها بوجدانهم قبل اقلامهم والسنتهم وبإنصاف!؛ فأية ثورة تقاس بمضمون أهدافها، لا بما آلت عليه الأوضاع عقب انطلاقها!؛ وكنت في مقال سابق قد بعثت برسالة إلى من يسهرون هذه الأيام في تضليل الناس والقدح والطعن بثورة فبراير وبثوارها!؛ وهي من ابقتهم  على كرسي السلطة؛ وأكرر هنا النداء واناشدهم أن يعيشوا اللحظة ومتغيراتها ومعطياتها ثم يقومون بما يلزم من رص الصف وتوحيد الجهود والانتصار لأن تكون أهداف فبراير واقعا حتى يصل جميع اليمنيون لما يتطلعون ويحلمون ويأملون!؛

جميعنا بحاجة لإخراج اليمن من حاله القائم والتفكير بمستقبل الأجيال في يمن واحد موحد؛ على الجميع مضاعفة الجهود لإنهاء الانقلاب وترميم ما نخروه في النسيج المجتمعي؛ من معتقدات وثقافات، فيمن اليوم يسود فيه ثقافة الطائفية والكراهية والمناطقية؛ علينا جميعا صناعة السلام والمبتدأ هو تذكير وتوعية  وتفهيم القبلية ان ضخها لأبنائها في جبهة القتال مع المنقلب هو انتحار ولا يصنع نصرا، ولا يعيد للقبيلة دورها الريادي والمميز، فهي تفقد حتى توريث القيم والشهامة والشجاعة لأبنائها، فأبنائها قد استنزفوا في الجبهات، ننصحهم أن اول خطوة نحو السلام هو منع أبنائهم من التحشيد مع المنقلب!؛ ونقول للأحزاب عودوا الى قواعدكم ومؤتمراتكم ونشاطكم لكي يحل السلام محل الحرب، كذلك نقول للمنظمات المدنية؛ إن  العالم يثق بكم فأوصلوا له حقيقة الوضع ووصلوا مساعداته لمن يستحق، ونهيب بالمثقفين والمفكرين والنخب السياسية أن تسهر على ابداع بدائل عملية مقبولة للحل، لا تكريس الوضع القائم .. اليمن بحاجة للجميع لمضاعفة الجهود لتعويض ما فات، نتيجة الحروب التي شنت على اليمنين من قبل الحوثين عقب انقلابهم؛ حيث دمروا الأخضر واليابس، ودمروا الانسان اليمني الذي هو الهدف والغاية؛ الكل مطلوب منهم ان يوجهوا البوصلة نحو المنقلب، لا أن يخلقوا لهم أعداءً!؛ أرجوا أن هذا النداء يلقى آذانا صاغية؟!؛

.. والآن.. انظروا وفكروا بعمق في اهداف فبراير ثم احكموا وقيموا!؛ إن اهداف ثورة فبراير هي: _ اسقاط النظام الفردي وكل من شاركه في الفساد. بناء الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية التي تكفل الحقوق والحريات العامة وتقوم على مبدأ التداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات واللامركزية الفاعلة. تحقيق نهضة تعليمية شاملة تلبي تطلعات الشعب اليمني وتستعيد مكانته الحضارية. بناء اقتصاد وطني قوي يكفل حياة كريمة للمواطن. إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية حديثة وبما يضمن حيادتها. استقلال السلطة القضائية بما يضمن تطبيق العدالة والمساواة.. كانت هذه اهداف ثورة فبراير.. ولن اخوض في مطالب الثوار فبعضها تحقق ولكن مع حصانات، وبعضها شوّهت أو حرفت أو اختزلت!؛ أعود للأهداف فأين النكبة في المضمون والمحتوى لتلك الأهداف!؛

 فبالله عليكم هل في أحدكم من يريد أن يحكمه نظام فردي ديكتاتوري مستبد؟!؛ وهل احداً يريد أن يحكمه أي فاسد؟!؛ وهل احد منا لا يريد بناء دولة مدنية حديثة ديمقراطية؟!؛ وهل أحد منا  يريد يكون عبداً لأخر يدّعي انه سيداً عليه ومن الله؟!؛ وهل لمن رأى التعليم وثمرته يقبل أن يعيده الحوثي لزمن الجهالة، زمن الشعوذة، الى زمن "المعلامة"، والحوزات والملازم وغسل ومحو عقول الناس وتفكيرهم وحريتهم السياسية والعقدية؟!؛ ومن منا لا يريد لليمن ان يستعيد مكانته الحضارية والتاريخية وأن يكون له دور في الحاضر والمستقبل؟!؛ ومن منا لا يريد إنعاش الاقتصاد ومغادرة وضعنا الحالي البائس؟!؛ ومن لا يريد للموظف أن يستلم رواتبه المستحقة؟!؛ ومن منكم يريد الاستمرار بالعمل بالسخرة ولا يجد ما يقيت به يومه له ولأسرته؟!؛ 

ومن يريد لميليشيات أن تتحكم فيه وتسوقه للموت ولا تقوم بتوفير ابسط الواجبات والخدمات والمنافع للمواطنين الذي يعيشون تحت سيطرتها بالقوة؟!؛ ومن منا يريد استمرار ما نراه من جيوش تتبع اشخاصاً او تيارات او معتقدات او مناطق؟!؛ أليس جميعنا ننشد وجود مؤسسة عسكرية مهنية واحترافية، وعقيدتها وطنية، و تسهر على صون الدستور، وحماية الوطن من التقسيم  والتشظي، والدفاع عن السيادة الوطنية للبلاد؟؛ فلماذا إذاً بعد الذي سقناه!؛  أنعلق كل عجزنا وقصورنا واستسلامنا على الثورة الشبابية السلمية المتسامحة التي انطلقت بالحادي عشر من فبراير من العام 2011م ؟!؛ 

والتي هدفها التغيير وتحقيق تطلعات الشعب نحو للأفضل؛ وكانت ولا تزال مستمرة في نضالها السلمي نحو تحقيق  مطالبها وأهدافها والتي لم تتحقق بعد كما لاحظتم، وتحقيقها بحاجة إلى جهود الجميع.. وسلمتم، ونتطلع لتحقيق أهداف ثورتكم المباركة على النحو المبين آنفاً!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي