قضيتي الطفل « ريان » والنبي « يوسف » .. وبلد الحكمة والإيمان ؟

د. علي العسلي
السبت ، ٠٥ فبراير ٢٠٢٢ الساعة ١١:٤٤ مساءً

سيدنا يوسف رُمي في بئر ماء من إخوانه.. والطفل ريّان وقع في بئر ضيقة، غير مردومة، وربما جرى حفرها بطريقة غير قانونية؛ واليمن جمع الحالين يمانيون إخوة ينسبون أنفسهم للنبيّ (ص)، أوقعوا اليمن في بئر ضيقة جداً، كبئر الطفل ريّان، فانقلبوا على الشرعية بطريقة غير قانونية؛ وإخوة أخرون تداعوا لإنقاذ اليمن فتداعيهم تحوّل في بعض جوانبه إلى معيق ومضعف للشرعية، بتشكيل جماعات مسلحة في بيئة هشة وغير متماسكة وبالمخالفة للقانون، وعلي المقلب الأخر الحوثيون يدّعون الأحقية الإلهية في الحكم؛ تداعي بعض دولنا العربية، كمثل ذلك التداعي للكثير من الإخوة المغاربة إلى موقع البئر والذي سبب الإعاقة لفرق الإنقاذ!؛بسبب هشاشة التربة هناك!؛ لا شك أنه بعد خروج الطفل ريان بحول الله وقوته، سيحتاج إلى رعاية وتأهيل حتى يعود للمجتمع سويا دون صدمات او نوبات، كذلك اليمانيون بحاجة ماسة إلى تأهيلهم وادماجهم في العالم بعد سبع سنوات من العزلة وشيوع ثقافة الكراهية والحقد وتجريف هوية المجتمع ومعتقداته؛ كل ذلك خلّف تصرفات وحكايات نسمع عنها، عمر اليمني ما كان يقوم بها!؛

ولا شك ايضاً أن اليمن أصل العرب؛ وبالتالي جميع مواطني الدول العربية يحبون أشقائهم اليمنين، كما كان النبي يعقوب (عليه السلام) يحب يوسف (عليه السلام) حباً كبيراً، فاتفق اخوته على الانتقام منه، بإبعاده عن البيت الذين يعيشون فيه، فقرروا أن يأخذوه إلى مكان بعيد ورميه في البئر عوضاً عن قتله، وعند العودة قالوا لوالدهم أن يوسف قد أكله الذئب.. كذلك الحوثين أرادوا ان ينتقموا من اليمنين، بسبب قيامهم بثورة السادس والعشرين من سبتمبر ضد الامامة الكهنوتية؛ فانقلبوا على الدولة الشرعية الانتقالية، وعلى وثيقة الحوار الوطني التي وقعوا عليها، فأرادوا قتل مخرجات الحوار الوطني، فأنتجوا شعارات زائفة، وصرخة كاذبة، فلم يموّتون إسرائيليا او أمريكياً، فيوسف لم يأكله الذئب، والحوثين لم يموتون إسرائيليا او أمريكا؛ بل أن الصحيح هو قتل اليمنين بسلاح الذئب الإيراني، افترسوا الشعب اليمني بصواريخه وطائراته وألغامه!؛

يوسف النبي الرسول عليه السلام؛ عندما كان صغيرا رُمي في البئر وخرج من البئر منها حيا، وريّان وقع في البئر، وأنظار العالم كله بكاميراتهم وفنواتهم واعلامهم وصلوا لمكان البئر، وفرق الانقاذ هرعت لعين المكان وعملت أربعة وعشرين ساعة لمدة خمسة أيام حتى وصلت للطفل ريّان، الذي نسأل الله أن يخرجه سالما ومعافا؛ وسيخرج بحول الله وقوته حياً، لكن لا شك عنده جفاف ومصدوم وقد يوجد به بعض الرضوض أو الاكسار، ويحتاج لإسعافات أولية لإنقاذه.. ثمّ يحتاج إلى مستشفى لتطبيبه!؛

 كذلك اليمن سبع سنوات وقع في حفرة عميقة "احترب داخلي وحرب إقليمية"، واليمن الدولة كانت بيئتها هشة كالتربة المحيطة بالبئر المتواجد فيها ريّان، وهشة كذلك في الوعي والمعتقدات، سبع سنوات بسبع حكومات هنا وهناك، بسبع مناطق عسكرية، بسبع جيوش عسكرية.. ولو تمّ إحصاءات حقيقية ربما لوجدنا أنه من قتل وجرح، ومات من الأوبئة من اليمنين بالألف سبعمائة، ومن شرّد ونزح وهاجر بالألف مضاعفات السبعمائة، ولربما سبعة ملايين يعيشون حالة فقر مدقع، وسبعة ملايين في حالة مجاعة، وسبعة ملايين مصابين بأمراض مختلفة، وربما الأرض ملغمة بسبعة ملايين وتحتاج للإزالة سبعة سنوات أخرى!؛ إذاً اليمن يحتاج للتعاطف والإنقاذ من قبل العالم بقاراته السبع!؛

أيها العالم تداعوا لـــ "سبع" أيام فقط، لفرض وقف الحرب في اليمن، وسارعوا بسكب عبرات دموع الإنسانية على اليمنين فهم في امس الحاجة إليها، وساعدوهم وأخرجوهم من البئر العميقة الضيقة التي وضعوا فيها، فاليمانيون جميعهم كما الطفل ريّان يحتاجون لحالات إسعافيه، محتاجون للتطبيب، محتاجون للغذاء، محتاجون للمأوى، محتاجون للملبس، محتاجون للحياة، ومحتاجون لمعالجتهم نفسيا واجتماعيا وجسمانيا!؛ فقد عانوا كثيرا جدا على فراق أحباب وأعزاء وخسران منزل و ارضي ووظائف ورواتب!؛اليمنيون محتاجون لإيصال أكسجين الحرية إليهم..!؛ فهل يا أيها العالم المتحضر والإنساني الذي رأيناه يتعاطف مع الطفل ريان والتضامن معه!؟؛ هل ممكن ان تعتبروا لحالة شعب في حفرة وفي نفق مظلم، ويتم بالتالي تعميم التفاعل والتضامن على شعب بأكمله أُدخل حفرة صغيرة وعميقة، ولم يخرج منها بعد ، وبحاجة ماسة لإخراجه منها؛ مهما كانت الصعوبات والتحديات؛ فأين فرق انقاذكم ومسعفيكم إن كنتم انسانيين حقا!

وفي القصص لعبرة.. الرجل الذي اشترى يوسف هو عزيز مصر، سُجن يوسف، وخرج يوسف من السجن، راود الحاكم حلماً شاهد فيه سبع بقرات نحيلات تأكلن سبعة بقرات سمينات، وسبع سنابل جافة تلتف حول سبع سنابل خضراء، لتصبح السنابل الخضراء جافةً أيضاً، جاؤوا إلى يوسف عليه السلام، ففسرّ يوسف الحلم،... بأن مصر ستتعرض إلى سبعة أعوام من الأمطار الغزيرة يتلوها سبعة أعوام من القحط والجفاف، أعجب حاكم مصر بالتفسير، فعيّن الحاكم يوسف أميناً على خزائن مصر ليبدأ يوسف بالتخطيط لتخزين القمح لاستخدامها في سنوات الجفاف ليحمي مصر من المجاعة التي كانت قد تفتك بكل سكانها، فأصبح بعد ذلك الفتى الذي أُخرج من البئر عزيزاً لمصر.. الطفل ريان إن شاء الله سيخرج معافى وسيصبح له شأن في المغرب الشقيق بإذن الله تعالى، اليمن عاشت سبع سنوات حرب، وهي بحاجة لسبع سنوات سلام وتسامح وتصالح وإعادة إعمار وما يلزم، عبر التخطيط الواعي والتعاون العالمي وإخراج اليمن من المجاعة التي تفتك بها.. 

فهل من قصتي يوسف (عليه السلام) والطفل ريان (نسأل الله ان يخرجه من البئر بسلام) يا أيها العالم قد وصلتكم قصة اليمن، فشعرتم بقصة اليمن الأرض والانسان!؛ اللهم اخرج اليمن من النفق المظلم ومن الكهوف الضيفة التي وُضعت فيها؛ الى العالم الواسع الرحب المتطور، اللهم كما سخرت اهتمام العالم كله لإخراج الطفل العزيز ريّان ((والذي بات على وشك الخروج بعد لحظات)) ان تخرج اليمنين مما هم فيه.. آمين اللهم آمين..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي