تشخيص عشرية الأزمة اليمنية .. وأفكار جديدة لبناء سلام حقيقي في العام 2022 ( 3 )

د. علي العسلي
الجمعة ، ٠٧ يناير ٢٠٢٢ الساعة ٠٩:٢٣ مساءً

أما "الأزمة" المشكلة السادسة؛ فتمثلت بالحوثي ونهجه وعقيدته المستوردة والتخادم مع الأجنبي، أخرجته ثورة الشباب من كهوفه، فاستفاد منها استفادة قصوى ..استفاد بتسويق نفسه ومظلوميته، فتعاطف معه الثوار في مختلف الساحات، واستفاد من بن عمر الذي تماهى معه ومكنّه في مؤتمر الحوار رغم انه وجماعته لم يكونوا طرفا في المبادرة الخليجية، ولم يكونوا مسجلّين انفسهم في لجنة الأحزاب؛ فحصلوا على نسبة تمثيل سبقوا بها الحزب الاشتراكي والتنظيم الوحدوي، فاستفادوا  بنصيب الأسد في التمثيل، وفي مؤتمر الحوار؛ نظَروا وأثّرُوا، غير أنهم لم يتأثروا يوماً من الأخرين!؛  ومرّروا قضايا منها ما يتعلق بقضية صعده والاعتذار لهم على الحروب الستة السابقة عليهم، ومنها ما يتعلق بمستقبل اليمن، واستفادوا من الساحات بأن كانوا قربين من المكونات القبلية لطوق صنعاء فحرّضوهم ضد مشائخهم في الساحات ،وحصلوا على اعتذار رسمي وحزبي على حروب صعدة الست، واستفادوا كذلك من كسب ودّ المبعوث الأممي السيد جمال بن عمر، فمكّنهم من الانقلاب بسهولة لاحقا عندما قرروا  ذلك. أما "الأزمة" المشكلة السابعة؛ اعتقد أن الجميع في مؤتمر الحوار كانوا عاطفيين لدرجة أن أدعو أنهم أنصفوا الجنوب بالتأسيس لظلم باقي المناطق، فالمناصفة للثروة والسلطة مناصفة تتعارض مع مبادئ المساواة في الحقوق الانسانية والاقتصادية.. بل أنهم أسنوا سنة اظنها غير حميدة، فبسببها قد يدّعي الآن عديد الأقاليم بأن قضيتهم صعدت للمقدمة، وأصبحت تسبق الجنوب، لآن الجنوبين اليوم يحكمون الجنوب والشمال، نحن اليوم الشرعية تنفذ ما يحلوا لها من مخرجات الحوار الوطني، فنرى المناصفة منفذة؛ أما باقي الموجِّهات لا وجود لها على الواقع، البلد كله يحتاج إلى تنفيذ مطالب ما خرج من أجله الشباب ومن ورائهم  الشعب اليمني والمتمثل في التوزيع العادل للثروة والسلطة؛ فأيننا منهيا حكومتنا الشرية؟!

 ثم اتاحة الفرص لأي واحد في أن يكون في أي موقع طالما لديه المعايير والمؤهلات، وليس القرابة والمحسوبية والحزبية وفقط. أما "الأزمة" المشكلة الثامنة؛ العبث المستمر بالتفاوض والحوار مع الحوثي المنقلب، والفارض التشيّع باستخدام القوة المسلحة، والمسلم قراراه للأجنبي؛ ذلكم الانقلاب والتعامل مه كأمر واقع قد شرّع لأن تتشكل مجاميع وجيوش مسلحة تدّعي ان لديها قضايا مشروعة تدافع عنها، وتطالب بإشراكها بالحوار ومصير اليمن مستقبلا؛ فالانتقالي يدّعي أنه مفوّض من شعب الجنوب لاستعادة ارضه ودولته، واليوم يدّعي طارق صالح وحرّاس الجمهورية أنهم يدافعون عن الجمهورية التي تتعرض للاعتداء عليها من الإمامين وربما من جهات أخرى. المفروض الشرعية والاقليم والعالم لا يقبلون ولا يتقبلون سياسة الأمر الواقع المفروضة بالقوة أو تمكين واشراك الخارجين عن الاجماع والشراكة والقانون. أما "الازمة" المشكلة التاسعة؛ هي عدم التنفيذ الدقيق والآمين للاتفاقات ولمخرجات الحوار الوطني أو التنفيذ بالمزاجية وبالمخالفة والانتقاء، وعدم تشكيل اللجنة التفسيرية والهيئة الوطنية وعدم تنفيذ النقاط العشرين المرفوع من المؤتمر الحوار الوطني بخصوص القضية الجنوبية وغيرها، وكذلك تقسيم الأقاليم وشعور إقليم أزال بالظلم (ولربما أحد الأسباب الرئيسة للانقلاب والحرب على اليمنين)، وعدم تنفيذ النقاط كان مدعاة لتشكيل جيش جنوبي يدعو للانفصال، انا هنا لا ابرر وانما أنقد جانب القيادة الشرعية_ ، إضافة الى عدم إيقاف الجرعة قبل الانقلاب والتعامل الباهت إزاء ذلك من قبل بعض الاحزاب  ،

 فلو كانت عولجت في وقتها ربما لأزلنا المبرر واقمنا الحجة ولما جعلنا المنقلب يستفيد من بعض الناس بأنه يتبنى قضاياهم، ولو كانت القيادة  الشرعية لم تبطئ ونفذّت حرفيا  كما اتفق اليمنيون عليه في مؤتمرهم الوطني لما وجد المبرر للمشاريع الصغيرة أن تبرز وتصبح أزمات ومشكلات مركبة و تحتاج لمعالجة ولحوار وتفاوض. الحوثيون يوهمون طوق صنعاء بان الشرعية والحوار الوطني استهدف إضعافهم ولذلك وجد مقاتلين يقاتلون معه، فقد شنّ الحرب دون هوادة حتى لا تنشأ دولة اتحادية في مستقبل اليمن. هذه تحتاج لمعالجات يسود فيها العقل والعدل لا العاطفة والتعصب.  أما "الازمة" المشكلة العاشرة والأخيرة؛ تتعلق بالتدخل الخارجي فإيران تدخلت لتمكين ميليشياتها بالتحكم باليمن لتتفاوض به على ملفها النووي وتعزيز دورها في المنطقة، والمشكلة عويصة ومتداخلة داخلياً، فهناك تجريف للمعتقد وللمواطنة وللعادات وللتعليم وتجنيد الأطفال، كل هذه مشاكل فرعية تحصل في مناطق سيطرة الحوثين، جميعها مشاكل فكرية وثقافية واقتصادية مؤثرة على مستقبل لأجيال، إذا لم يوضع حد للحرب والانقلاب الآن، وليس غداَ. أما التدخل الآخر من قبل المملكة والتحالف الذي انشأته المملكة؛ ففيه إشكاليات وتعقيدات كثيرة، وتحديات ينبغي تجاوزها لأنها خطيرة، فتسليم الساحل الغربي لطارق يذكرنا بتسليم البريطانيين له للأدارسة، وما أشبه اليوم بالبارحة؛ كذلك تشكيل مجلس انتقالي، ونخب وهبات يذكرنا أيضا بتدخل بريطانيا في إقامة سلطنات، صحيح ان التحالف أتى بطلب من الرئيس لكن اين الرئيس اليوم؟!؛ ولماذا يغيب أو يُضعف في مناطق يفترض أنها محررة وتحت سيطرته؟؛،

وهناك إشكالية بين التجمع اليمني للإصلاح بشيطنته وبين رغبة التحالف بعدم وصول الاسلاميين للسلطة في اليمن ،في الوقت ذاته يقاتل التحالف الحوثين بجيش من السلفيين انشأته الامارات، وهم إسلاميون؟!؛ وهناك تدخلّات في الجزر والموانئ والمطارات.. تحتاج إلى التئام الشرعية والتحالف ووضع النقاط على الحروف وإنهاء هذا التدخل غير المبرر والتداخل غير الحميد، الذي ينتج شرعية وحكومة يمنية ضعيفة، وعدم إعطاء نموذج للحكم الرشيد في المناطق المحررة، فأضعفت الشرعية وهيبتها، وانشئت تشكيلات عسكرية خارج الجيش الوطني وبمسميات جغرافية او تابعة لأشخاص او عقائدية ستكون حتما مشكلات كبيرة  لاحقا، اذا لم يتم تدارك المسألة ومعالجتها الآن سواءً بتنفيذ اتفاق الرياض او به واستيعاب واشراك التشكيلات الخارجة عنه لحد الآن ؛فإن ذلك بالنتيجة لا يخدم التحالف ودُولِه، فعيب أن نرى في شبوة _مثلا__ من ينزل العلم اليمني ويدوسه ويرفع علم انفصال وندعي ان الشرعية تنتصر وتتقدم، هذه الأفعال تخدم الحوثي، كذلك لا يجوز استحداث أي شيء في الجزر اليمنية إلا بموافقة الشرعية، كذلك ما يحكى عن البصمة وكود الاتصال الدولي في سقطرى ومنع اليمنين من الوصول لبعض مناطق اليمن. أي صحيح أن المملكة ضامنة لتنفيذ المبادرة الخليجية، رغم معلوماتنا جميعا أن المملكة والامارات لهما مواقف من ثورات الربيع العربي وقاما باحتواء معظمهما وهي هنا في اليمن لديها مشكلة عويصة تحتاج للتفكيك وإيجاد مخارج وحلول! تلك هي الازمات المتداخلة المتشابكة التي تحتاج عند صناعة السلام في اليمن لملامستها كلها ومعالجتها جميعا دون الانتصار لأجزائها على حساب أخريات.. 

المشكلات هذه مع مرور الوقت تكبر، وكل يوم تتضارب أهداف المكونات والجماعات المسلحة المسيطرة، ودول التحالف وتتقاطع مع قيادة الشرعية أو بعض المكونات الرئيسة فيها؛ إن عدم الوضوح والرؤية الواحدة انعكس تأثيرا سلبيا على مجمل عملية التدخل في اليمن، وإبرام اتفاق سلام شامل عادل؛ الأمر وفي نظري يحتاج لصدق وتشكيل لجنة مشتركة من التحالف والشرعية والقوى الموجودة على الأرض والاتفاق على رؤية واضحة يلتزم بها التحالف والمكونات التابعة للشرعية على تنفيذها على الأرض فورا، أرى انها ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى !؛ ويحتاج الأمر كذلك لإجراء حوار بين الدول المجاورة لليمن والمتدخلة والاتفاق على مساعدة اليمنين للخروج من الأزمات لا تعميقها.. هذا هو التشخيص الذي رأيته للمشكلات!.. يتبع!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي