اليمنيون مخاوف مشروعة وانسداد أفق !

عبدالواسع الفاتكي
الأحد ، ١٩ ديسمبر ٢٠٢١ الساعة ٠٩:٣٥ مساءً

 

بعد زهاء سبع سنوات من الحرب ، باتت مخاوف اليمنيين من تأخر إسقاط انقلاب المليشيات الحوثية ، واستعادة الدولة مشروعة ، تعكس مدى التدمير والتدهور الذي حل بوطهنم ، وانعدام مقومات الحياة والعيش المشترك، في ظل تمزق البنية الاجتماعية ، وغياب المؤسسات التي تتحمل مسؤولياتها في بسط سلطة النظام والقانون .

دخل الوضع في اليمن مرحلة مستعصية ، فليس هناك على المدى المنظور حسم عسكري ، ولا أمل في تسوية سياسية أو حتى هدنة ، تخفف من حدة الحرب ، التي أضحت خليطا غير متجانس من الحرب الأهلية والإقليمية والتدخلات  الدولية ، إذ أن الحرب في اليمن لم تعد مجسدة لصراع داخلي مستقل ،  بل صارت تمثل وجها من وجوه صراع مركب متعدد الأطراف ، تتداخل فيه المصالح الأمريكية والإيرانية والعربية ، ممزوجة بعوامل طائفية وسياسية وجهوية .

في الوقت الذي أصبح اليمن فيه مرهونا بالصراعات والحسابات الإقليمية والدولية ،  بدا السلام المنشود بعيدا ، مع تزايد الصراعات والانقسامات الداخلية ، وتباين المصالح للدول ذات العلاقة بالشأن اليمني ، حيث اتسعت رقعة الصراع ؛ لينتقل من الداخل ؛ ليهدد الأمن الإقليمي والدولي عبر مهاجمة منشآت حيوية في السعودية والاعتداء على السفن في البحر الأحمر .

لا يمكن النظر للوضع في اليمن ، بمعزل عن التباينات الحادة بين مكوناته السياسية والقبلية والطائفية والجهوية ، فضلا عن غياب العدالة في توزيع الثروة والبطالة والجهل .

بينما تبدو المليشيات الحوثية جبهة واحدة موحدة ، يرى مراقبون أن السلطة الشرعية ممثلة بالرئاسة والحكومة اليمنية ، لم تتمكن من إعادة رسم الخريطة السياسية والعسكرية والاجتماعية ؛  لتكوين جبهة عريضة موحدة ؛  لإسقاط المشروع الإنقلابي الحوثي ، بل اكتفت بأداء دور المراقب للحرب من الخارج ، إذ أن المكونات التي تقاتل تحت راية الشرعية ، تظهر وكأنها جزر معزولة عن بعضها البعض ، لها أهدافها وقيادتها الخاصة  واتصالاتها المستقلة مع قيادة التحالف .

تفتقر السلطة الشرعية لصياغة رؤية واضحة ، تزيل أي تباينات في وجهات النظر بينها وبين التحالف ؛ لاستنهاض الشعب اليمني ، عبر برنامج زمني محدد للتحرير ، واضح المعالم والخطوات ، ناهيك عن أن المواطن اليمني يشعر أن الشرعية وضعت نفسها، إما مسلوبة الإرادة أو فاشلة في الاضطلاع بمسؤولياتها .

تعصف باليمن جملة من التحديات ، تتعامل معها النخب والقوى السياسية والاجتماعية ، بمنطق لاوطني عصبوي ، يهدف للتملك السلطوي ، القائم على فرض أمر واقع ، مجانب للوضع السياسي الطبيعي وتجلياته الوطنية ، ففي كل مرحلة من مراحل الصراع ، تحرص القوى المتصارعة على نقل صراعاتها لأوساط المجتمع ، دون أن تخرج اليمن من مشكلاته العتيقة .

إن أي مفاوضات لحلول سياسية ، تنهي الحرب في اليمن ، وإن لم تعالج أسبابها وتداعياتها ؛ تتحول غطاء لكل الإخفاقات المؤدية لجولات من الاحتراب ، متعدد المبررات والأسباب ، وتنقلب لمتنفس ؛  لتبادل الاتهامات والتنصل عن المسؤولية ، في جولات جديدة من الصراع المفتوح ، المتسم ببؤس التفكير وفقر في الخيارات الوطنية .

نحن أمام سيناريوهات متعددة ، أقلها استدامة العنف والصراع لسنوات قادمة ، ما يحتم على السلطة الشرعية والمملكة العربية السعودية ؛ كونها قائدة تحالف دعم الشرعية ،  أن توحد المكونات الرافضة والمقاومة للمليشيات الانقلابية ، من منظور وطني ، لا مكان فيه للجهويات أو الفئوية أو النزعات المناطقية ؛ لتبسط سلطات الدولة الشرعية سلطتها ، على كامل التراب الوطني ، وتشرع في إعادة إعمار اليمن ، ووضعه على طريق النهوض الاقتصادي .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي