تأملات في السلام

عبدالواسع الفاتكي
الخميس ، ١٦ ديسمبر ٢٠٢١ الساعة ٠٥:٢٩ مساءً

 

تنشأ الصراعات ؛ نتيجة اختلاف الناس في مصالحهم وانتماءاتهم ، فأنزل الله الأديان والتشريعات ؛ لضبط إيقاع هذا الاختلاف ، وعندما تطور الفكر السياسي والإداري والاجتماعي للبشرية ، جاءت التشريعات الدستورية والقانونية ، التي رمت حماية الإنسان من الظلم والاستبداد ، وتجريم العنف وتوطيد دعائم السلام ومبادئ وقيم العيش المشترك .

عندما امتلك بعض الناس القوة ، وشعر بتفوقه على الآخر، برزت لديهم فطرة الاستحواذ والسيطرة ،  التي دفعتهم لسلب حقوق الغير وحرياتهم ؛  مادفع بالغير للدفاع عن أنفسهم، ومن ثم نشأ النزاع وتطور ، ليتجلى في أبشع صوره المتمثلة بالحرب ، فتوقفت العقول عن الحوار ؛ لحل المعضلات والاختلافات ، لتتصادم الأبدان .

بتطور البنى السياسية والاجتماعية للإنسان ، وتكون  الدولة ، وظهور مفاهيم الشعب والأمة والحزب ، تغيرت أدوات الصراع وأساليبه ، متجاوزة الصورة البدائية ، لتأخذ شكلا عصريا ، يبدو أنه ناعما ، لكنه أكثر وحشية ودمارا .

يغيب السلام ، عندما تختل الموازين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وعندما تكن المصلحة العامة والدولة الراعية والناظمة لها محل صراع  ، ولم تعد محايدة أو مرجعية ؛ للفصل في الصراعات بمختلف درجاتها وأشكالها .

تراكم التباينات داخل المجتمعات وتعقيداتها ، وتغذيتها من أطراف داخلية أو خارجية ، يمثل وقودا ؛ لاستمرار الحرب ، والمستغرب منه أنا في عصر ، أصبحت فيه الحرب في نظر بعض وكلائها في الداخل ورعاتها في الخارج وسيلة ؛  لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية ، فاستمرار الاضطرابات  في البلدان النامية ، يعد في حسابات الدول الغنية عاملا مهما ؛ لبقائها متصدرة الاسقرار الاقتصادي ويحد من مضمار منافستها على ريادة العالم . 

تحتاج الشعوب ، التي تعاني من القلاقل والعنف والاحتراب ، لتحقق تطلعاتها للسلام العادل، وتحكيم صوت العقل في حل نزاعاتها ، ووأد ثقافة الغلبة والقهر والاستئساد ، لنخب وطنية تملك قرارها ، تؤمن بأن لغة السياسة والحوار والتوافق الوطني والمصلحة العليا للشعوب ، هي الكفيلة بردم أي خلاف ، وإنهاء أي صراع ،  وأن دوي المدافع ، وأزيز الرصاص ، لن ينتج  إلا مزيدا من سفك الدماء والخراب ، وتدمير حاضر ومستقبل الشعوب .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي