لماذا يتم إفساد ما هو جميل وصالح في هذا البلد؟!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ١٥ ديسمبر ٢٠٢١ الساعة ٠٢:٤٣ مساءً

في اليمن الفساد موجود كباقي الدول المتخلفة وغير الرشيدة وغير الديمقراطية، حيث تلجأ انظمة الحكم لممارسة الفساد على أوسع نطاق؛ غير انه في اليمن يبدو بأضعاف مضاعفة! أما؛ الإفساد فهو ماركة يمنية بامتياز.. ففي اليمن فساد مستشري، وإفساد كل جميل وكل ما هو صالح ومفيد ومحاولة تخريب كل من يحمل قيم او يتمتع بضمير يقظ، فيستخف ويستهان بهم و نزهاتهم، فيتم تعظيم وتكبير كل فاسد أو مفسد ووصفه بالـــ "الشاطر" والذكي؛ مما أسهم ذلك!؛ بأن يصبح الفساد ظاهرة، ومستوطن وليس محدود وبشكل عرضي ..؟

إن السلطات المتعاقبة باليمن تغذي الحالين "الفساد والإفساد" ،لكنها ربما في زمن الرئيس الاسبق كانت  الأكثر بحكم المدة الممتدة لحكمه ،فلقد كان يركز دوما على استمالة كبار السياسيين المعارضين والمشائخ والتجار والوجاهات وبعض الأكاديميين وأنصاف المثقفين، وكان يعمل هو ونظامه على "ترسيم" النقابات ومنظمات المجتمع المدني، وما إلى ذلك، وكان يتباهى ويفتخر أنه استمالهم إليه، وجعلهم يعملون لحسابه؛ وكان دوماً يعطيهم الأموال الهدايا والسيارات الفارهة والمناصب الرفيعة لكسب ودّهم ولضمان عدم معارضتهم له معارضة فعلية مؤثرة، وكل ذلك كان يتم على حساب المخلصين له في حزبه، حزب الرئيس، حزب المؤتمر الشعبي العام!؛ والإفساد يمارس في اليمن من أعلى القمة وحتى اسفلها "عموديا وأفقيا" فالسلطة هدفها النهائي إفساد كل حر وكل نظيف وكل وطني وكل مهني وحرفي وتاجر ،وتبعا لذلك فإن الذين أُفسدوا يقومون بإفساد ما حولهم، و من يليهم، فالوزير يفسد نوابه ووكلائه والذين ادنى منهم، والتاجر يفسد المجتمع بسلعه وتجارته ويغسل أمواله بعطاءاته الخيرية او المجتمعية ؛ والتجار على نوعين تجار حقيقين يفسدون ويرشون " تقية" وقد يشركون مسؤولين للحماية، وتجار تايوان يصنعهم النظام ليبتز بهم التجار الحقيقين، وأولئك التايوان هم من يجمعون (الجاه والتجارة )، او (السلطة والتجارة) أي يصنفون بالمتنفذين، وهؤلاء الدخلاء  من أجل يضربون التقليدين يتم عادة اعفائهم من الضرائب والجمارك، ويمنحون قروضا وإعفاءات و سماحات لا تعد ولا تحصى!

وعموماً تجارة في هكذا بيئة ليست سوية، فإنها تخلق جشعاً وطمعاً و متوحشة أكثر من المتقاتلين!؛ ولست مبالغا إن قلت ان الواقع المشهود باليمن من انخفاض القيمة الشرائية للعملة الوطنية، ومن ارتفاع شديد في الاسعر وتدمير ممنهجا في الاقتصاد جله بسبب أولئك التجار، ووجب محاسبة كل واحد فيهم ممن يهددون سلامة وامن الوطن والمواطنين وأمنهم القومي !

 ومنهم أحياناً من يغطون تجاراتهم الفاسدة بتنفيذ بعض الأعمال الخيرية والمجتمعية، فينفذون اعمال خيرية وبسببها يستوردون ويُعفون من الجمارك والضرائب للمدخلات المستوردة (استيراد المواد وبكميات تفوق تلك الاعمال الخيرية المنجزة)، ففسادهم فيه ملحوظ من خلال استيراد كميات إضافية كبيرة  معفية علاوة على الشهرة بتنفيذ اعمال خيرية؛ وكذلك ممارسة الإفساد للمبدعين الذين يهدون ابداعهم لوطنهم ويتفاخرون بذلك!؛ فترى كثير من المسؤولين والتجار نتيجة للشهرة التي اكتسبها المبدعون الماهرون يتسابقون، فيغدقون بالمال على من يشاءوون و يا ليت كل المبدعين نالوا ذلك، فمثلا  من سمعنا اصوتهم المميزة المسجلة من المخيمات وتداولها العالم، فأوصلوا رسالة اليمنيين ومعاناتهم باقتدار للعالم!؛ 

 فلماذا لم نرى الأموال تصل اليهم لتطوير فنهم، كما اللاعبين مثلا؟! إن الدعم لمجرد الدعم غير المهدّف قد يسهم في نزع الضمير الوطني من بعض المبدعين الماهرين المؤمنين بوطنهم وتطورها؛ فيتحول بعض أولئك من خدمة وطن إلى جلب مادة، وعلى أي حساب "قيمي او أخلاقي"، وقد يخسرهم الوطن، فيحترفون ويتجنسون ويتركون وطنهم الذي كان نجاحهم وابداعهم منه فصنع فرحة عارمة لكل اليمنين، وهم من ردة الفعل هذا سكبوا عبراتهم فرحا وافتخارا!

ما جعلني اكتب هذه المشاركة بسبب الكرم الذي نزل على المسؤولين والتجار على فريق منتحب الناشئيين، وتلك الأموال التي لو صدق من أعلنوا تبرعهم بها لأصبح كل شاب من شباب منتخبنا تاجراً، ولفقدنا حلاوة النصر والنجاح الذي استمتعنا به جميعنا في المباراة النهائية، لذا يا ابنائي المبدعون نحن نبارك النصر ونتطلع لان نسمع بكم في الأيام القادمة، وحاولوا ان تجعلوا الدعم دعما موجها يخدم موهبتكم الرياضية بالدرجة الأولى وتطويرها  ولا يشغلكم عنها كون الدعم العشوائي هو أحد صور الافساد، وبهذا قد يتسبب من تبرع في إفساد من بهم ينتصر ويفوز الوطن  فيتحولون من الرياضة إلى التجارة؛ أو لمجال الاخر كما رأينا وزارة التعليم العالي التي عرضت على ناشئيين في الابتدائية  منح دراسية وطلابها في الخارج  المبتعثين مرت عليهم ارباع دون أن استلام،. واخرون يتعلمون في الدراسات العليا وتخصصات نادرة  ولا يحصلون على منح، فهل تريدوهم ان يخرجوا من مجال الرياضة كي يناموا على ارصفة السفارات مثلا!

 

 وعلى الداعمين ان يلتفتوا للمبدعين ، والموهوبين  ولطلبة العلم، ولانقاذ الاقتصاد الوطني!؛هذا إن كانوا حقا يحبون الوطن وما بداخله، ويحسون بالأفراح والاتراح!؛ وليس لغرض الشهرة والمزايدة والضحك على ذقون يمنيين، وعليهم جميعا عدم إفساد ما هو صالح في البلد.. والسلامَ!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي