المواقف الفردية تضر بالشرعية! 

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٠١ ديسمبر ٢٠٢١ الساعة ٠٧:٢٠ مساءً

ما الذي يجري؟ وما هذا التزامن؟ في دعوة الاشتراكي والناصري من جهة؛ ورئيس مجلس الشورى ونائب رئيس مجلس النواب من جهة ثانية!؛ البيانان أكدا علي تشكيل كتلة حزبية واسعة كما جاء في بيان التنظيم الوحدوي والحزب الاشتراكي، أو إلى تحالف وطني واسع  لا يستثني أحداً كما جاء في بيان رئيس مجلس الشورى الذي وقع عليه بن دغر بصفته رئيس وزراء سابق ونائب لرئيس المؤتمر الشعبي العام، وليس بصفته الحالية رئيسا لمجلس الشورى، وهذا يؤكد تحمل جزء من المسؤولية لما جرى، مما تم توصيفه بالبيان الموقع من قبله، ومن نائب رئيس مجلس النواب الاستاذ عبد العزيز حباري الذي قوبل بالرفض من فبل هيئة رئاسة مجلس النواب، حيث اصدرت بيانا قالت فيه:" كان مفاجئاً وصادماً ولا يعبر إلا عن رأي فردي لا يمثل مجلس النواب ولا هيئة رئاسته من قريب أو بعيد." ..

أعود للبيانين، وأقول  البيانين اتفقا على تحالف واسع وعريض، ومعلوم أن الحزب الاشتراكي والتنظيم الوحدوي وهما ركنان أساسيان وفاعلان  فعليا في التحالف الوطني الداعم للشرعية، لم يعترفا انهما لم  يستطيعا تحقيق مضمون ما ذهبا إليه في بيانهما وعليهما الاعتراف بذلك، فالاعتراف بالمشكلة جزء من الحل في المستقبل؛ وعليهما يخرجان من التحالف القائم ويبرران خروجهما قبل أية دعوة، فالتحالفات الفارغة المضمون، حقاً قد ملينا منها ومن تشكيلها، وقد جربت، إن الدعوة من قبل قوى رئيسية في تحالف قائم، لتحالفات جديدة هو تأكيد فشل التحالفات السابقة!؛ ثم أن الإنضمام لتحالف دعم الشرعية من  القوى المؤمنة بإنهاء الانقلاب هو مفتوح  لها للانضمام للشرعية دون عوائق تذكر، ودون حاجة لإصدار بيانات من احزاب تاريخية، على كلٍ هناك فرقاً جوهرياً بين البيانين، حيث ان بيان التنظيم والحزب يريدان تقوية وتصويب وتجذير مؤسسات  الشرعية، بينما بيان"جباري _ بن دغر" هو موجه للحوثين الذين هللوا له واعتبروه نصراً، وانتصاراً لهم ولشرعيتهم، فدعوتهما ببيان غريب في التوقيت وفي المضمون ولا يخدم الشرعية مطلقا، فالدعوة لتشكيل تحالف جديد جوهره لإنهاء الحرب، والاستنتاج غير المنطقي ان التحالف والشرعية قد فشلا في الحرب، رغم أنها في ذروتها هذه الأيام، فالدعوة للتحالف هو في الأساس دعوة للتصالح مع المنقلب لا من أجل انهائه، وهو تنفيذ لشروط المنقلب، وليس بالاصطفاف للوقوف ضد الحوثي المنقلب، بل الدعوة له للانخراط في تحالف سموه انقاذي مِن مَنْ؟ لا ادري؟! دعوة بن دغر _جباري هذه لا تستقيم شرعا ولا قانوناً ولا خلاقاً، قبل أن ينهي المنقلب انقلابه!؛  إن الحديث يجب أن يؤكد على أن الشرعية ليست شخوصاً، وانما منظومة متكاملة تؤدي بالضرورة  إلي استعادة الدولة والمسار الديمقراطي والتبادل السلمي للسلطة، والانتفال من اللادولة للدولة الاتحادية التي توافق عليها اليمنيون؟!؛ 

ولا شك أن شخوص قيادة  الشرعية، قد اعتراهم الإحباط، وغزاهم الفساد، وسادت عليهم صفة الاتكالية، وقلّ عطائهم أو أنعدم، وتراجعت مواقفهم المبدئية، وأهملوا عمداً او خطأً مناصريهم  ومؤيديهم أشخاصا وأحزاباً وتنظيمات،وصاروا يهتمون ويعتنون و يقدمون من يأتيهم من المنقلبين والمتمردين على حساب أولئك الصميمين، يسهم لا شك في تأخير النصر الناجز ، وهذا يحتاج كله لنقد ومعارضة من داخل الشرعية لا من خارجها، والسعي للتصويب حيثما أمكن، لا الانقلاب الناعم او الخشن على الشرعية المعترف بها دولياً!؛ 

ولا شك كذلك أن الشرعية بشخوصها القياديين، وبحكوماتها المتعاقبة، وفي الطليعة حكومة بن دغر قد أخفقت في دفع الرواتب، وإحلال الأمن، واستقرار الاقتصاد، وانهاء الانقلاب، وخلق نموذج يحتذى في المناطق المحررة؛ وأخفقت هي ومن تلاها بالوفاء بتعهداتها ووعودها  وبرامجها، ومطلوب بإلحاح الوقوف عند ذلك، والمراجعة والتقييم والتصحيح، خصوصا وقد بلغ الانهيار للعملة مبلغه، إذ وصل الدولار الواحد  إلى ما فوق الــ1600ريال، والتراجع في الجبهات ملحوظ وضروري معرفة الاسباب، وسرعة العلاج، والأمن لا يسر صديق، بل يفرح العدو، والغباء أو الإستغباء حول ما يجري على الأرض شيء لا يصدق ولا يمكن القبول به أن نسمع من أعلي قيادة السلطة الشرعية تصريحات تقول أن الذي حصل بالساحل ليس له علاقة بالشرعية، ولا علم لها، ولا سيطرة لها عليه، فكيف تفبل الشرعية  أن تسيطر قوات عسكرية على مناطق تحسب على الشرعية؟!؛ والشرعية لا علاقة لها بها، وفوق ذلك تعيد انتشارها أو تموضعها أو انسحاباتها دون علم كذلك!؛  ولا تدري السلطة الشرعية بالذي تم إلا بعد حدوثه، بينما التحالف يوكد علمه ومعرفته واشرافه علي إتمام ذلك ..!

واجب الوقوف عند هذا؟! وتصحيح الاختلال فوراً، لكن ليس بطرح رؤى وخطط ومبادرات تخدم المنقلب وتضعف الشرعية في مسارها في استعادة الدواة والسلطة، هذه الدعوات والبيانات تجعل المنقلب في نظر العالم يأخذ تدريجيا صفة الشرعية، بتخاذل وتخادم ودعوات كهذه، والتي تكون في معظمها فردية وشخصية، انفعالية وردود فعل لمواقف معينة، من قيادات ما كان عليها أن تفعل ذلك وهي لها وزنها في قيادة الشرعية، و الذين يفترض ان يحاسبوا علي ما وصلت إليه الشرعية من ضعف ووهن لأنهم الأساس في ذلك وليسوا ملائكة ولا منقذين ولا محايدين كما يدّعون، لا ينفع انقلابهم الناعم المستتر، ولن يمكنوا ولن يحلوا محل من ينتقدونهم بهذه الطريقة!؛ أبهذه الدعوات والاعترافات تُدعم الشرعية؟!؛

لا ليس بهكذا مواقف يُنتصر للشرعية؛ ولا شك انه  مطلوب الاصطفاف الوطني الواسع وإجراء إصلاحات جذرية واسعة في مختلف مؤسسات الشرعية لوقف نزيف وإنهيار المؤسسات، وينهي حالة العجز والضعف والتردي في عملها ويعيد الاعتبار للتوافق والشراكة الوطنية ويعزز ويدعم الشرعية داخليًا وخارجيًا؛ لكن ليس مطلوب ابداً تشكيل  تحالف لوقف الحرب، بل للعمل الجاد لما فوق المصالح الشخصية  لإنهاء الانقلاب، ولا للحوار، ففسيفساء اليمن قد التقت لما يزيد عن السنة، وتحاورت وأنجزت وثيقة وهي أهم وثيقة في تاريخ اليمن الحديث، وثيقة مخرجات الحوار الوطني شارك في صياغتها حتي من انقلبوا عليها، فلا يجوز التكرار في حوار وطني شامل برعاية أممية وقد تم ذلك!؛ إن التصريحات والبيانات والقفزات الفردية الانفعالية لا تخدم استعادة الدولة، وانهاء الانقلاب بل تعد خدمة مجانية لاستمرار غطرسة المنقلب، وإجازة لخيالهم المريض أن يسود!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي