ثورة 26 سبتمبر .. جَعَلَت منّا بني آدام

تيسير السامعي
السبت ، ٢٥ سبتمبر ٢٠٢١ الساعة ٠٧:٢٢ مساءً

تيسير السامعي

 عندما كنت طفلا كنت أسمع كثيرا من الأحاديث والحكايات من جدّي -رحمة الله عليه- عن ثورة 26 سبتمبر.  كان جدي يحتفي بها احتفاءً كبيراً، ويعتبرها عيداً. 

كثيراً ما حدَّثني عن الحِروي وناشر العريقي وعبدالغني مطهر والنّعمان والزُّبيري وعبدالقوي حاميم والسَّلال، والإرياني والبيضاني وعبدالرقيب عبدالوهاب - بطل ملحمة "حصار السبعين يوماً"- وموقف مصر العروبة، ورئيسها العظيم جمال عبدالناصر، أمور أخرى كثيرة لا يسع المجال لذكرها.

كان جدِّي -يرحمه الله- دائماً يقول: "ثورة 26 سبتمبر جَعَلَت منّا بني آدام".

لم أكنْ أفهم ماذا يقصد ب 'جعلتنا بني آدام'، لأننا جيل ما بعد الثورة لم نعرف قيمتها، ولم نكن نعرف حقيقة الإمامة. 

 لكنّي أدركت أخيراً ماذا كان يقصد جدِّي بقوله "جعلتنا بني آدام"، فهي ثورة المساواة التي أنهت عصر السادة والعبيد، وأزالت النظام الطبقي، وأعادت للإنسان اليمني قيمته وكرامته، بعد أن كان محروماً من حقه في حكم نفسه، وجعلت من قبيلي بسيط يصل إلى رياسة الدولة، وهذا كان مستحيلا قبل الثورة.

26 سبتمبر لم تكن ثورة سياسية غيّرت نظام الحكم فقط، بل كانت ثورة اجتماعية غيّرت مفاهيم وقِيماً، وأسقطت إرثا طويلا من الخُرافة والتخلُّف والكهنوت، ووضعت اليمن أمام مرحلة جديدة يعيش أبناؤه بحُرية وكرامة، يكونون هم أسيادا على أنفسهم، وحكاماً على بلادهم. إنها الثورة الحقيقية التي يجب أن نحتفل بها، ونحيي قِيمها، فكل ثورة جاءت بعدها ما هي إلا امتدادٌ لها، حتى ثورة 14 أكتوبر. أهداف ومبادئ 26 سبتمبر هي إرثنا المقدّس من أجدادنا الذي لا يجوز بأي حال من الأحوال التنازل عنه أو التفريط بحرف واحد منه، إنه شرف كل يمني وكرامة كل يمني، فإذا تنازلنا عن هذا الإرث أو فرطنا فيه نكون بذلك قد فرطنا بإنسانيتنا، ورضينا لأنفسنا العُبودية والهوان، وصرنا مجرد زنابيل يسخدمنا الدُّخلاء وعملاء الأجندات الخارجية في تحقيق مآربهم. 26 سبتمبر تعني أن لا نرضى بالوصاية من أحد، تعني أن اليمن دولة ذات سيادة، تتعامل مع كل دول العالم وفق مصالحها فقط.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي