واقع "مشتبك" وموقف امريكي "مرتبك" و "ملتبس"!

د. علي العسلي
الأحد ، ٢٩ أغسطس ٢٠٢١ الساعة ١١:٢٤ مساءً

في الحقيقة وجد العالم أسباباً للتدخل في شئون بلداننا، والسبب بعضا ممن ينتسبون لجلدتنا، تراهم يعشقون الدماء ويقتلون ببرود أعصاب ولا يقاتلون كما يقاتل الرجال وجها لوجه، بل يعمدون ويتحينون الفرص للقتل بالانتحارين في أوساط التجمعات، أو بالمسيرات والصواريخ الإيرانية الصنع.. هكذا حصل في مطار كابل، ولحقه في العند بمحافظة لحج اليمنية بسبب بعض متطرفين منتسبين لأمتنا من افغانستان وحتى اليمن! وهكذا استقبل الرئيس الأمريكي جثث جنوده بتوابيت في أمريكا، وهكذا عدن استقبلت جثث جريمة الحوثي المتفحمة!،وبين أفغانستان واليمن أحداث اثناء وقبل الحاصل بكلا البلدين،حدث إرهاب في العراق وسوريا وفي فلسطين _أعني غزة من قبل الكيان الصهيوني الذي كثير من العربان يطبع معه وينسق لتشكيل تحالف لضرب إيران التي لا علاقة لها لا بالقدس ولا بالأقصى ولا هي مصممة لاستعادتهما_! اذاً واقع عالمنا مشتبك ومتداخل بين  الوطني والإقليمي، والديني والعلماني، فقد تجد العالم يتحالف ضد سراب أو وهم، وقد يتحالف بجميع تناقضاته لأسباب سياسية لا مبدئية، رغم أن الشعار المرفوع والمعلن  يبدو وكأنه مبدئي!

قائدة العالم أمريكا العظمى لولا سياساتها، وتبدلاتها، وابتزازاتها، وتصلبها ثم ليونتها ومجاراتها للقوى التي صنفتها هي أنها إرهابية لما حصل ما يحصل.. فالمواقف الامريكية المرتبكة مع الارهابين، ثم التراجع والتسليم يخلق لدى الارهابين ضوء اخضر لمزيد من القتل والاجرام، ويخلق عند المؤمنين بأمريكا وقيمها وديمقراطيتها الشك والريبة والالتباس فيما يرون ويتابعون!

نعم! أتحدث عن اللحظة.. بلدين هما: (أفغانستان) و(اليمن) خاضعين كليا أو جزئيا للقتلة والمجرمين الارهابين؛ وطاولات مستديرة تتفاوض معهم وتوعدهم بالاعتراف بهم، إذا فقط ما اخرجوا لهم بعض الرهائن والمتعاونين، او بعض الفتيات والنشطاء من بلدانها الأصلية الى أمريكا او لبلدان الغرب كلاجئين! مقابل ذلكم الوعود؟! بادرت أمريكا العظمى بغض الطرف عما يرتكبون، وإيقاف الدعم اللوجستي والفني والتسليح لحلفائها التقليدين! جميعكم رأى كيف راحت للدوحة تتفاوض مع طالبان وخذلت الحكومة الأفغانية وجيشها التي سلحته ليكون غنيمة لطالبان في الأخير، فهرب رئيس أفغانستان لدولة تتبع أمريكا، إلى الامارات العربية المتحدة، ومن قبل ذلك خذلت أمريكا المملكة العربية السعودية؛  فأوقفت دعمها لوجستيا واستخباراتيا ، وتزويد طائرات المملكة بالوقود في الجو، وسحبت بطارياتها، ورفعت الحوثي من الارهاب، بعد ان أوغل بضرب  الاعيان المدنية بالمملكة وضرب منشآت اقتصادية وحيوية كأرامكو ؛ فزاد الحوثي من سفك الدماء على مدار الساعة على مأرب، ومن قبلها على كامل الحكومة اليمنية بمطار عدن؛ واليوم مئات القتلى والجرحى بمعسكرات تدريب ليسوا بوضع قتالي.. طالما أمريكا سلبية ورافعة يدها، فليسفك الدماء إذاً الحوثي حيثما يشاء، والمكافئة له من قبل أمريكا اعتباره شريكا فاعلا في الحكم باليمن المستقبلي، عندما قررت أمريكا الانسحاب بليل من أفغانستان، طار رئيس أفغانستان الى الامارات، وهجوم اليوم باليمن استهدف العمالقة، ربما تأديبا لها على فزعة آل الحميقاني ومقاومة البيضاء والجيش هناك قبل عدة أسابيع، وربما أن عامل أخر أدى الى هذا الهجوم يتمثل بالتوتر الحاصل بمنشآت النفط بــــ "بلحاف" بشبوة.. وهكذا التشابك والتداخل الذي لو فكر المرء لا يجد له سبب منطقي، لكنه حاصل ويحصل، فمنذ ازدياد التوتر بين الشرعية والامارات وتوقيف الدعم الأمريكي للسعودية صار التصدي للطائرات الحوثية والصواريخ لا يذكر في العمق اليمني!

أرجو بالأخير فك الاشتباك ومعالجة الاختلاف وضمان المصالح حتى يحصل الانفراج ويتم توفير دم اليمنين يا سادة يا كرام! ونتمنى على أمريكا مراجعة مواقفها، وأن تعالج ترددها وارتباكها واحباطها، فإذا لا تريد دعم الدول وحكوماتها الشرعية، فعلى الأقل لا تسلم رقاب أبناء تلك الدول للمتطرفين الارهابين القتلة والمجرمين! لتحافظ على قيمها ومصداقيتها واحترام شعوب العالم لها! على الأقل اكراما للمتفائلين بها، وبقيمها وبديمقراطيتها، والذين بعضهم ماتوا قل أن يصلون إليها! ماتوا في بوابات طائراتها وهم يحلمون بالطيران إلى واحة الديمقراطية أمريكا ذات القيم التي تحترم الانسان وحقوقه، فطارت الأجساد والرؤوس على ايدي الارهابين بسماء مطار كابل وامتزج الدم الأمريكي بدمهم قبل أن يصلوا إلى مبتغاهم مع كل آسف!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي