أفغانستان .. هل هزمت أمريكا أم خرجت بصفقة ؟

عبدالناصر العوذلي
الاربعاء ، ١٨ أغسطس ٢٠٢١ الساعة ٠١:٠٢ صباحاً

 

مايحدث في أفغانستان من تحول دراماتيكي  وانهيار سريع لمنظومة الدفاع لحلف الناتو  والجيش الأفغاني يدخل في إطار  عملية  التوازن الإقليمي فيما يختص بإعادة تموضع المسلمين السنة لتحجيم المد الشيعي الإيراني الذي استفحل في المنطقة منذ 2001 وتغلغل في الشرق الأوسط والأقصى  .

ومما لاشك فيه انه على مدى السنوات المنصرمة كانت السياسة الأمريكية والأوروبية تتمحور في دعم المشروع الصفوي في المنطقة بدءا من التدخل الأمريكي في أفغانستان 2001  بالتعاون مع إيران ودعمها للحركات الشيعية والعرقية في البلاد لتقويض دعائم دولة وإمارة طالبان بحجة أنها تيار متشدد ويحمي عناصر القاعدة ويتواجد على أراضي الدولة زعيم القاعدة  أسامة بن لادن ونوابه  .

وكانت هذه الذريعة الاولى في التمهيد لسقوط كابول بيد الجماعات المناوئة لطالبان وتمهيدا لإيران لتلعب دورا محوريا في رسم سياسة أفغانستان فكانت هذه هي الخطوة الأولى التي تحطوها إيران في أفغانستان  تلاها بعد ذلك العمل الثنائي ببن أمريكا وإيران لإسقاط العراق وإنهاء حقبة حكم حزب البعث العربي الاشتراكي  وكان ذلك يدخل ضمن الدعم الخفي للمشروع الشيعي ودعم إيران من الباطن وتمكينها من العراق، وبالفعل اسقطت أمريكا العراق بمعية ودعم ملالي إيران وتسلمت إيران وملاليها دفة القيادة في عراق العروبة وللأسف أن ذلك تم بتماهي عربي لايعي خطورة غياب التوازن الذي كان يشكله العراق أمام اطماع تيار  الخميني وزبانيته  والذي تبين بعد ذلك كارثة انهيار النظام العراقي والجيش العراقي الذي حلت  مليشيات إيران ومعمميها  خلفا لهذلك الطود الشامخ وسقطت ارض الرافدين وتحولت الى حوزة صفوية كبيرة .

تلا ذلك التعاون بين أمريكا وإيران في سوريا وغض الطرف الأمريكية عن دور إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومع الأسف الشديد أن ذلك كان يمر بمساهمة عربية مباشرة او غير مباشرة وحقيقة لم يكن هناك مشروع عربي ولا استراتيجية عربية لتحجيم دور إيران ،  التي استقلت هذه الغفلة العربية وكرست جهودها لتنشىء جماعاتها المؤدلجة بفكرها والتي أوكلت اليها تسيير الامور بنظرها واشرافها .

ولكل ماسبق فقد  تمدد المشروع الصفوي وأصبح يشكل خطرا على المنطقة ولأن شعوب المنطقة أدركت مؤخرا الخطر المحدق بها والذي ساهمت بطريقة او بأخرى في التغاضي عنه حتى وصل الى مرحلة يكاد يبتلع فيها المنطقة  برمتها فبدأت شعوب المنطقة  ترفض هذا التمكين الأمريكي لإيران .

ولذلك كان لابد من البحث عن عناصر ضغط لمحاولة ردع هذه الإستراتيجية الأمريكية الإيرانية وأيضا الإسرائيلية  ومن أجل الوصول إلى توازن فقد عقدت دول المنطقة علاقات وطيدة مع روسيا والصين وهما الدولتين المحوريتين اللتان تلعبان دورا سياسيا وعسكريا متوازيا مع الدور الأمريكي فكان ذلك قرعا" لناقوس الخطر على المصالح الأمريكية  ولذلك بدأت أمريكا  تستشعر بشعور الخوف الذي اعترى هذه الدول فجاءت الإدارة الأمريكية الجديدة لتوصل رسالة للحلفاء العرب انها مازالت معهم وانها لايمكن أن تقبل بسيطرة إيران على مقاليد الأمور في الشرق الأوسط والجزيرة والخليج وحتى في الشرق الأقصى ولذلك بدأت أمريكا ترسل رسائل تطمين لهذه الدول فكان أن انتهجت الإدارة الإمريكية الجديدة سياسة تخالف ماكانت عليه الإدارات السابقة وترسم سياسة متوازنة نوعا ما  .

ولأن أمريكا سيدة العالم فهي تعقد الصفقات السياسية والإقتصادية بحسب ماتمليه مصالحها ولأن شبح الدب الروسي والتنين الصيني  يثير مخاوف ورعب الثور الأمريكي فهي مضطرة لإعادة الصياغة لسياستها  في أفغانستان  وفي بعض البلدان التي كانت ضمن المحور الإيراني ومحاولة أمريكا لإعادة التوازن السني في المنطقة لمواجهة التغول الشيعي وتحجيم دور إيران نوعا ومن وجهة نظري مايحصل في أفغانستان من انهيار كلي لمنظومة الدفاع والأمن الأفغاني ياتي ضمن سيناريو تفاهمات مسبقة بين أمريكا  وطالبان .

إذا" السياسة القادمة ستكون محكومة بنوع من التوازن السني الشيعي وهذا ناتج عن ان أمريكا أدركت أن هناك تحالفات ستقوض مصالحها في المنطقة فتغيرت أمريكا وتغيرت سياستها  ..

عبدالناصر بن حماد العوذلي  18 أغسطس 2021

الحجر الصحفي في زمن الحوثي