صرف أسعار العملات المجنونة باليمن.. اسبابها وعلاجها..؟! (1)

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٠٢ يونيو ٢٠٢١ الساعة ٠٦:٥٨ صباحاً

مؤخرا ردد النشطاء "نكتة" عن الحكومة مبنية على حقيقة : " أن العملة اليمنية تتهاوى امام العملات الجنبية فترتفع العملات مقابل الريال اليمنين كما ترتفع درجة الحرارة فجأة عند الانتقال الى موسم الصيف ،ولذلك علق المعلقون الساخرون فقالوا: ((ان الحكومة تنفي نفيا قاطعا علاقتها بارتفاع درجة الحرارة ، لكنها تترف و تؤكد علاقتها ومسؤوليتها بارتفاع قيمة العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني وذلك كله خدمة لليمن ولصالح اليمن واليمنين..)) ؛ فوجدتها مناسبة لأبين بعض المفاهيم والمصطلحات، قلت سأسهم بتبصير المهتمين بعض المعلومات عن اسباب قوة العملة وضعفها! وما هي الإجراءات الضرورية التي ينبغي ان تتخذ في حال هبوط قيمة العملة؟!؛ وهل يمكن من ضمن الحلول تغيير العملة مثلا؟!؛ وغير ذاك مما سأدلي به تباعاً: _ فتعالوا معا لنتحدث أولاً عن العملة. فما هي العملة؟؛ العملة: هي ورقة مالية محددة القيمة مضمونة بحكم القانون من قبل مُصدرها وعادة تصدرها البنوك المركزية للدول!؛ وعملة أي بلد هي كأي سلعة يتم تحديدها في السوق، بناء على تفاعل قوى العرض والطلب على هذه العملة، بمعنى أنه إذا زاد الطلب على عملة من العملات، فإن ذلك يؤدي إلى رفع سعر صرف هذه العملة مقابل العملات الأخرى..؛ إن تداول العملات بين الدول يساعد على تحديد مقدار ما يجب أن تدفعه الدولة المستوردة، كما تحدد القيمة التي سوف تحصل عليها الدولة المصدرة، فمثلاً عندما تنخفض قيمة الدولار الأمريكي، فتصبح الواردات الأمريكية أغلى. وهناك عوامل تؤثر على سعر العملة، فما اهمها؟ إن من اهم العوامل المؤثرة على سعر العملة أو قيمة العملة الآتي: _ أولاً: حجم العرض والطلب على العملة: للعرض والطلب دور كبير في تحديد قيمة العملة، فكلما زاد الطلب على العملة، يعمل ذلك على رفع سعر تلك العملة، أما إذا كان حجم العرض أكبر من حجم الطلب، تنخفض قيمة العملة حينها. ثانياً: نسبة الفائدة مقابل التضخم: فكلما زادت نسبة الفائدة مقابل التضخم، أدى ذلك إلى تشجيع المستثمرين على الاستثمار في تلك الدولة؛ ممّا يؤدي إلى زيادة الطلب على تلك العملة، وبالتالي ترتفع قيمتها، والعكس صحيح أي كلما كانت نسبة الفائدة منخفضة مقابل التضخم، أدى ذلك إلى خفض قيمة العملة. ثالثاً: الميزان التجاري: حيت أنه كلما كانت واردات الدولة أكثر من صادراتها عمل ذلك على خفض قيمة العملة. رابعاً: ثقة المستثمرين: فكلما زادت ثقة المستثمرين في عملة دولة ما، وعملوا على الاستثمار في تلك الدولة، عمل ذلك على زيادة قيمة العملة في الدولة. خامساً: العامل السياسي: يتجه المستثمرين للدول ذات الاستقرار الأمني، للاستثمار أموالهم فيها. سادساً: مستوى الأسعار النسبية: وذلك عندما ترتفع أسعار السلع المحلية في الدولة، عمل ذلك على خفض قيمة عملتها، وذلك بسبب انخفاض الطلب على السلع المحلية. سابعاً: التعرفة الجمركية: فكلما كانت الضرائب المفروضة على سلع الدولة منخفضة، أدى ذلك إلى زيادة الطلب على سلعها، وبالتالي زيادة قوة العملة في الدولة. إن أداء الاقتصاد الحقيقي للدولة وقطاعاتها الإنتاجية والخدمية يؤثر تأثيرا كبيرا في العملة واستقرارها. وكلما تفاقم العجز التجاري ولم تستطع الدولة مواجهته كلما أثر ذلك على قيمة العملة بالدولة. إن الشرط الواجب تحققه لارتفاع قيمة عملة بلد ما هو أن يكون حجم الصادرات في البلد أكبر من حجم الواردات.. ونظرا للعجز التجاري المستمر في اليمن أي الميزان سالب، نرى ذلك جليا من استخدام الحكومة الشرعية للوديعة السعودية لتغطية هذا العجز. كذلك فإن اختلال القوة الشرائية "والتي هي مقدار السلع والخدمات والتي يمكن للفرد من الاستفادة منها بواسطة دخله المتاح، وخلال فترة زمنية محددة "، حيث هناك علاقة طردية بين انخفاض القوة الشرائية وانخفاض العملة والعكس صحيح، مما يعني إقبال الأفراد على العملات الأجنبية في مقابل تراجع الطلب على العملة المحلية (أي أن ثقة المواطنين بعملتهم لها دور في ارتفاع وانخفاض العملة، فعندما تهتز ثقة الناس بعملتهم يسارعون للتخلص منها ويستبدلونها بعملة أجنبية مما يؤدي إلى انخفاض قيمتها بشكل كبير. كذلك فإن الأوضاع والتطورات السياسية؛ فالأخبار الاقتصادية السيئة تسبب تراجع قيمة سعر التبادل بعكس الاخبار الجيدة قد يسهم في جذب المستثمرين، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع قيمة العملة إذ يخلق طلب على العملة المحلية ويرفع سعر التبادل. إن الممارسات المالية الخطرة وتوقعات المستثمرين بناء على مستوى الاضطرابات السياسية تؤثر على قوة العملات بشكل كبير. فالمستثمرون لا يرغبون بالاستثمار في البلدان ذات الاضطرابات السياسية او التي تعيش حروبا طاحنة كالتي تجري باليمن. فتوقعات المستثمرين بشأن تدفق الأموال دخولا وخروجا تلعب دورا ما في تحديد تحركات المستثمرين بيعا وشراء للعملات في المستقبل. وبالمجمل فإن الحروب الاقتصادية والعقوبات والخلافات السياسية وتقلبات أسواق المال، تدفع إلى انخفاض أو انهيار قيمة العملات. وترتبط التوترات السياسية ارتباطًا وثيقًا بأسواق المال في البلاد، حيث تشهد البلاد خلال الاضطرابات السياسية ركودًا اقتصاديًا وضعفًا في الإنتاج، كما تشهد عزوف المستثمرين عن الاستثمار، ما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج وبالتالي انخفاض قيمة العملة بسرعة. وتعد ثقة المستثمرين أحد الأسباب التي تؤثر على أسعار العملات، حيث يعزف المستثمرون عن شراء الأصول في البلاد التي تكون ثقتهم في اقتصادها منخفضة، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض قيمة عملة البلد، والعكس بالعكس.. والجدير ذكره.. أنه لا توجد معادلة محددة لقياس العملات، حيث أن معظم العملات في السابق كان يتم تسعيرها بالذهب وبما تملكه الدولة من المعادن النفيسة، وبعد الحرب العالمية الثانية تم فرض تسعير العملات والسلع العالمية بالدولار الأمريكي، بعدما أصبحت أقوى دولة في العالم اقتصاديا وعسكرياً وتم ربط الدولار بالذهب. وفي العام 1971 م تم فك ارتباط الدولار بالذهب فيما عرف بــــ "صدمة نيكسون (الرئيس الأمريكي نيكسون)" وأصبح تسعير العملات يعتمد عل العرض والطلب وقوة العملة المرتبط باقتصادها وميزان المدفوعات والناتج المحلي والأوضاع السياسة والاقتصادية.. وهناك مؤشرين هامين لتغير سعر الصرف هما: ـــ

 

(1) مؤشر التضخم: يعتبر من أهم العوامل لمعرفة القوة الشرائية والتذبذب الكبير في سعر الصرف والاتجاه العام لمؤشر العملة المحلية، فهو يعطي إشارات على توجه العملة انخفاضا أو صعوداً.

 

ـــ (2) مؤشر سعر الفائدة: إن اعلان سعر الفائدة من قبل البنك المركزي وقراءة البيانات التاريخية والحالية أيضاً يقود الى أين ستتجه العملة في تداولاتها.. يتبع

الحجر الصحفي في زمن الحوثي