الفرق بين الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية 

عبدالناصر العوذلي
الجمعة ، ٢٨ مايو ٢٠٢١ الساعة ٠٧:١٩ صباحاً

 الإتحاد الأوروبي الغى الحدود بين الدول الأوروبية وجعل من جغرافيا واسعة مفتوحة أمام كل الأوروبيين الجامعة العربية جامعة صورية لاتمت للعروبة بصلة تمضي على خطى الاستعمار الذي صنع الحدود بين الأشقاء العرب..   توحدت اوروبا وهم قوميات وأعراق إثنية متعددة وتفرق العرب وهم أشقاء واخوة توحدهم اللغة والدين ..  نبذت اوروبا الفرقة باتحادها وصنعت انموذجا أشبه بفسيفيساء جميلة لأنهم علموا وأدركوا أن قوتهم في إتحادهم مع تكامل العلاقة السياسية والإقتصادية والإحتماعية ورغم التباين العميق في سياساتهم الداخلية الا انهم يتوافقون توافقا شبه مكتمل في سياساتهم الخارجية وخصوصا سياسية اوروبا في الشرق الأوسط والعالم العربي ..  سياستهم تخرج من مشكاة واحدة ولا يسمحون لدولة اوروبية بأن تسقط اقتصاديا او تنهار فيها التنمية مثال ذلك دولة اليونان عندما أوشكت على السقوط في متاهة الإفلاس انبرت اوروبا لدعمها وتقويمها لتستعيد عافيتها وتنهض من كبوتها .

الجامعة العربية لم تستطع الى الان حل أي معضلة ولا إيجاد اي تسوية لأي نزاع او خلل ما في اي دولة من دول الجامعة العربية . وإسم الجامعة العربية هو إسم على غير مسمى ! فمعنى الجامعة اي انها الحاضنة التي تجتمع فيها إرادة العرب وتوافقهم ومحل إجماعهم، لكنها لاتعدو ان تكون مؤسسة خيرية قائمة لاخير فيها ولا صلاح. ..

فشلت الجامعة العربية في حل النزاع بين الكويت والعراق وعقمت سياستها حتى تدخلت أمريكا وأوروبا نتيجة فشل الجامعة في إيجاد الحلول ونزع فتيل الحرب وتحرير الكويت الشقيقة . فشلت في حل الأزمة بين المغرب والبوليساريا كما فشلت في حل الأزمة اليمنية في 1994 وفشلت في حلها اليوم فيما آلت اليه اليمن من حرب عصفت بكينونته منذ 21 سبتمبر 2014 .. العرب ليسوا أمة فاشلة ولكنهم أمة مقيدة بقيود الأنظمة العربية التي كان يفترض أن الجامعة العربية أنشئت لتكون عامل من عوامل جمع الكلمة وتوحيد العمل بقوة الإرادة الشعبية التواقة الى بناء الكيان العربي الواحد الذي يكون سياجا قويا لأمة قواها الله بخصائص لم تكن في سواها فنحن كعرب من المحيط الى الخليج اهل لغة واحدة وديانة واحدة ولذلك ضعفنا وتشرذمنا ليس ضعفا ناتجا عن ضعف إرادة الشعوب ولكنه ناتجا عن ضعف القرار السياسي العربي ، ولذلك يجب ان يكون القرار السياسي العربي منطلقا من مراكز بحث علمية ويبنى على دراسات بحثية ويكون منبثقا من تصورات استراتيجية لكنه لم يكن إلا قرارا انفعاليا قاصرا ولا يعبر عن آمال وتطلعات الشعوب العربية لأنه قرار قرار غير مكتمل لافتقاره للدراسة البحثية العلمية التي تعطي التنظير الصائب لرسم مستقبل الأمة .. ولذلك ظلت الأنظمة العربية عاجزة أمام تغول الغرب وحماقة الشرق ولم تستطع المنطقة العربية الخروج من الهيمنة الإمبريالية ، وظلت المنطقة العربية ساحة صراع دموي استنزف الأمة ماليا وبشريا، وصب هذا في ميزان القوى لصالح إيران وإسرائيل ومن خلفهما أمريكا وأوروبا ..

لم نستطع ان نضع استراتيجية عربية لصد مشاريع إيران الصفوية وإسرائيل الصهيونية ولذلك تغلغلت إيران واستطاعت منذ العام 1978 إختراق البلدان العربية وفتحت جامعاتها ومعاهدها للعديد من فئات الشباب العربي وشحنتهم بالفكر الطائفي واعادتهم الينا ليكونوا قنابل موقوتة وذراعها وأدواتها في المنطقة في ظل غفلة عربية حتى أن إيران استطاعت أن تجعل منهم قوى عسكرية في بلدانهم وقوضت بهم دعائم امن واستقرار البلدان العربية العراق سوريا لبنان اليمن والجزيرة والخليج..

ولعل جائحة كورونا كشفت العدد المهول للأسر العربية في الجزيرة والخليج والذين يحملون أيضا الجنسية الايرانية ويذهبون في وقت الانتخابات الايرانية ليؤدوا دورهم الإنتخابي والإدلاء بأصواتهم وتم أيضا معرفة أن إيران لاتختم على جوازاتهم ختم الدخول الى أراضيها لتعطيهم مزيدا من التمويه ليظلوا خناجرا في خاصرة بلدانهم . لقد عملت إيران بالتعاون مع الكيان الصهيوني في تفتيت لحمة الأمة العربية وهناك قنوات فضائية وتنسيق إعلامي مشترك موجه للوطن العربي لتفتيت النسيج المجتمعي عبر فضائيات تعمل من داخل إسرائيل لإثارة الضغائن في ظل عجز عربي وخصوصا من جامعتنا العربية التي لادور لها سوى إستلام الهبات والمخصصات لتظل في دائرة الظل غير مجدية ولا نافعة ولا تحل ولا تربط وهذا لعمري قمة الخذلان . وفي اعتقادي اذا لم تكن الجامعة العربية وجدت لتحقق للعرب وجودهم وقوتهم وانسجامهم فيما بينهم وتزيل الفوارق والحواجز والحدود فلا أساس لبقائها الا مصلحة موظفيها والعاملين بها .

 

عبدالناصر بن حماد العوذلي 27 مايو 2021

الحجر الصحفي في زمن الحوثي