لابد للحرب مـن (نهـايـة).. ولكـــن كـيـف...؟!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٢٦ مايو ٢٠٢١ الساعة ٠٣:٣٧ مساءً

هذا مقالي استوحيته من مداخلة قدمتها إلى مؤتمر انعقد مؤخرا عبر الزوم وتحت شعار (معاً لأجل اليمن) نظمه الائتلاف الوطني اليمني؛ قلت فيها أن الحرب في النهاية ألا بد أن تتوقف وتنتهي بعد أن تكون قد أكلت "الأخضر" و "اليابس".. لما لا يتم توقيفها الآن؟!؛ ويوفر اليمنيون ما بقي لهم من بنى تحتية "بشرية" كانت أم "مــادية" !؛

 ألا ترون (جميعكم) معي أن حجم التضحيات وفقد الأرواح من هذا الشعب العظيم كبيرة، وكبير جداً؛ وبخاصة من الكوادر اليمنية والثقافية والتخصصية...؟!؛ فكثير منها مات كمدا وحزنا على ما يجري في البلاد.. وأخرون ماتوا مرضا وعوزا "، كونهم لا يمتلكون تأمينا صحيا كما حيوانات اغرب ولا تتوفر لديهم قيمة ادويتهم، لأنهم محرمون من رواتبهم، وبالتالي فهم لم يعودوا يملكون أي مدخرات أو مكتنزات للإنفاق على اسرهم وابنائهم وباتوا لا يملكون قوت يومهم...!؛ ألا ترون معي أيضا أن من نجا منهم قد أختطف أو نزح أو أُبعد وفصل من مكان عمله أو هاجر بمحض ارادته..؟!؛ وكل ذلك يُعد خسارة قومية، إذ لا يمكن التعويض فهم علماء وأساتذة وخبراء وخبرة متراكمة؟!؛ ثم أتدرون أن من يحل محلهم هم دون المستوى ويحملون أفكاراً منحرفة، وأغلهم عقليات مريضة سلالية معقدة ؟!؛ تقوم بوظائف مشبوهة تسعى إلى تدمير ما تبقى من النسيج الاجتماعي و الوطني..! 

إن إيقاف الحرب هو هدف وغاية...!؛ ولكن كيف ينبغي أن تتوقف هذه الحرب وتنتهي...؟!؛ خصوصا بعدما قدم هذا الشعب من تضحيات!؟؛ سؤال عريض ويحتاج للإجابة عليه إلى: " وعي كبير، وعقل جمعي مؤثر، وإلى ضمير حي من صناع قرار الحر والسلم باليمن...؟!؛ نعم! يحتاج ممن لا يزال يحمل البندقية ويزرع الألغام ويوجه صواريخه إلى المدن والاحياء السكنية أن يتراجع ويوقف فعل ذلك كشرط ضروري للبناء عليه لإنهاء هذه الحرب العبثية..؛ أقول لهم إن الآراء السياسية والفكرية لا تفرض بالقوة وبالبلطجة وبحمل السلاح، بل بالجلوس على طاولة الحوار ووضع كل شيء على الطاولة لا من تحتها وبكل أدب واحترام ودون تعال أو ادعاء بالحق الإلهي في الحكم، أو الادعاء بالتميز عن الأخرين ..!"؛ ويحتاج السؤال للإجابة عليه أيضا من انقلب على  الثوابت الوطنية أن يتراجع ويعتذر عن فعلته الشنعاء، ويتراجع عن مخالفته وانقلابه على الإجماع الوطني المتمثل بمخرجات الحوار الوطني الشامل وإذا له ملاحظات منطقية وعلمية عن الأقاليم فليقدمها في جلسات حوار معنية بتنفيذ موجهات الحوار الوطني الشامل؛ لا أن يحاول تحشيد الناس للقتال لفرض المركزية في الحكم للمركز المقدس بقوة السلاح والحرب.. إن الاجابة.. تحتاج.. وتحتاج... تحتاج منا جميعا أن نسمو فوق الجراح وأن تنازل لبعضنا، وأن تلملم صفوفنا ونداوي جراحنا ونعيد اعمار ما دمرناه ـــــ بقصد أو بدون قصد ــــ، وأن نطلق الحريات لكي نرى الإبداع سائدا ومنتشرا في شتى مناحي الحياة، نطلق العنان للعقول كي تبدع لا أن تشعوذ.. نشغل العقول ونوظف الكفاءات، كي نحدث تنمية مستدامة نعوض بها السنين (العجاف) بسنين (سِمان) لنقفز قفزة نوعية بالنمو إلى أعلى ما يمكن..؛ ولن يتأتى ذلك إلا بالتوظيف الكامل لمواردنا المحدودة وبالاعتماد على الذات بعد التوكل على الله بإرادة صادقة مؤمنة بالتغيير وسننه كقدر ومصير...!

بعد أكثر من عشر سنوات من الخروج بغرض الحرية والتغيير؛ وبعد ما يقارب من السبع سنوات حر واحتراب .. الأمر بحاجة إلى أن نوقف الحرب الآن؛ ثم تنفيذ ما يلبي تطلعات كل اليمنين من مخرجات الحوار الوطني من توسيع المشاركة في صنع القرار وفي تحمل المسؤولية؛ بحاجة إلى نعظم الدستور والقانون واعمالهما، بحاجة إلى مبدأ تكافؤ الفرص والتوزيع العادل للثروة والسلطة، بحاجة إلى اقامة العدل.. أقول وانا الوحدوي الذي يؤمن بالوحدة ويسعى إلى تنفيذها ليس على اليمن وحده، وإنما من المحيط الى الخليج، ولكن ليس بفرضها بالقوة بل رضا الناس.. أقول.. كما أن الأمر مطلوب ومرغوب في التراجع والتنازل لبعضنا من اجل توقيف الحرب حالا، أيضا التراجع عن الوحد الاندماجية خطوة واحدة إلى الوراء؛ فالمتسبب الوحيد لهذا ـــ ليس الوحدة ـــ وانما فساد الحكام واعتبارهم للوحدة غنيمة لهم ولأسرهم ومتنفذيهم؛ فأصبح على ما يبدوا لزاما الإقرار بضرورة لاستمرار في الوحدة، التراجع خطوة نحو الفيدرالية.. أقول وانا الوحدوي الذي يعلم علم اليقين ان الوحدة ليست هي المشكلة انما كل المشكلة في السلطات المتعاقبة الفاسدة المنحرفة، وهي ذاتها من أدخلت لعقول الكثيرين أن الوحدة هي سبب ما يحل بهم وهذا هراء وتزوير، فالوحدة بريئة كبراءة الذئب من دم يوسف ــعليه السلام ــ، ولذلك فلا بأس ففي الفيدرالية الحل للمشكلات، وليس الانفصال كما يروج المروجون، فهي تعني فيما تعنيه أنها صيغة وحدوية تمزج بين المركزية واللامركزية، علينا الاخذ بها قبل أن نجد أنفسنا دويلات منفصلة، مجزئة ومتناحرة.. على الجميع ترك السلاح والتوجه لبناء الدولة اليمنية الجديدة الاتحادية الفيدرالية الديمقراطية بالنظام الجمهوري البرلماني التعددي وترسيخه وتقويته...!؛ علينا جميعا اختصار الزمن والمسافات، لحشد الطاقات وإيقاظ الضمير الوطني مما هو عليه من سبات ، لمواجهة ما نعيش من تحديات..؛ لنتسامى جميعنا، وننهي الصراعات والثارات، ونحفظ لليمن عزته وكبريائه ومكانته في الدول والقارات ،وسلمه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لنعتبرها جميعا اهداف وغايات..!؛ 

هل بعد ما سردت يمكن إيقاف القتل لنحافظ على الانسان اغلى الثروات..؟!؛ عند ذلكم يمكن للاستقرار أن يسود وللتنمية أن تنهض ولإعادة اعمار ما دمر أن يحصل ..؛ دعونا نحافظ على الانسان من القتل والاقتتال والتيه والإحباط كي يحصل بالوطن قفزات وطفرات ؛ دعوا العقول تبدع الابداعات في حل المشكلات وتجاوز التحديات ..!؛ءأنتم لهذا بتم جاهزون؟؛ أوصلتم إلى مقولة يكفينا خسارات ومستعدين لتقديم التنازلات؟؛ ثم ليتجه الجميع لتحقيق الانجازات بأقل الأوقات..!؛ إن كان الجميع فعلا يحب يمنه ويؤمن بوحدته وعزته ؛من أجل ذلك؛ فليتسامى إذاً الجميع ويعلو ويعفو ويسامح ويتسامح ويؤثر البعض للبعض الأخر ويتناسى الجميع الخلاف والخلافات..!؛ وليقدر كل منا ما قدم لحد الآن من تضحيات؛ وبالعمل الجمعي البناء وحده ستختصر المسافات ،وتوحد وترص الصفوف والطاقات، ويتم الانفتاح مع العالم فيما يلبى الحاجات، ولا يكون احدنا لهم إمعات..ّ؟!؛ فهل آن الوقت لإيقاف وانهاء الحرب ولتفت لسيادتنا وجزرنا، ونوفر الدماء ونتجه للبناء وإعادة الاعمار .. أرجو من كل قلبي ذلك.. والسلام

الحجر الصحفي في زمن الحوثي