هل الصهاينة في حربهم الراهنة على غزة كانوا أغبياء أم تمتعوا بقدر من الذكاء ...؟!

د. علي العسلي
الخميس ، ٢٠ مايو ٢٠٢١ الساعة ١٢:٤٨ صباحاً

السؤال المطروح هذه الأيام هو "هل الحكومة الصهيونية غبية أم تتمتع بقدر من الذكاء؟"؛ وفي المقابل "هل إيران بصمتها وسكوتها عمّا يجري هو دهاء أم ظهر فقط انها انتهازية؟!؛ يلحظ ان معركة فلسطين حاليا هو الفاصلة ربما والاخوة الشيعة غائبون عنها بممثلتهم إيران الإسلامية وبأدواتها في المنطقة.. فماذا يعني ذلك؟؛ أو علينا ألا نستعجل؟!؛ فلربما ستلحق قريبا وستسهم في الخاتمة...!؛ما علينا.. دعونا نذهب مباشرة للنتيجة لنجد أنه لا "الكيان" الصهيوني، ولا حتى "ايران واذرعها " كانا أذكياء في هذه المعركة الجارية في فلسطين؛ وانما الذكي حقاً هو الذي حقق قدر كبير من الانتصار لقضيته وابرازها الى فوق الطاولة من جديد، فالمقاومة الفلسطينية هي الوحيدة التي انتصرت وستنتصر وكان لديها الذكاء الكافي للاستفادة من الصراع الصهيوني_ الفارسي على المنطقة العربية دون أن تتبع احدهما ..!؛ أما تفاصيل الموضوع فهو على النحو الآتي:_  لقد كانت الأمور والمعطيات والتهيئة في نهاية حقبة "ترامب" تفضي إلى حشد الطاقات والامكانيات وخلق الظروف المواتية لضرب إيران وتدمير منشآتها النووية ومنعها من الوصول لصنع القنبلة النووية، والقضاء على منظومتها الصاروخية، فيما عرف بــــ "صفقة القرن" المرفوضة شعبيا، وقد كان التطبيع المتتالي هو السائد في الفترة المنصرمة من بعض أنظمة النظام العربي الرسمي؛ وكان الوضع قاب قوسين أو ادنى من تنفيذ العملية العسكرية المكلفة وكلفتها على حساب بعض الصناديق السيادية في المنطقة..!؛ 

.. لكن شاءت الاقدار وتهيئت الظروف لذهاب ترامب أبو صفقة القرن عن المكتب البيضاوي وأتى من خلفة الرئيس الديمقراطي بايدن الذي وإن اتفق مع الجمهورين من حيث الهدف الغائي "حماية الكيان الصهيوني" إلا انه وادارته يختلف في الوسائل والأساليب لتحقيق ذلكم الهدف.. السياسة الحالية لإدارة بايدن هي اتباع السياسة الناعمة للإبقاء على علاقة محدودة مع الفلسطينيين وتقديم بعض الدعم لهم وتقديم الدعم اللامحدود واللامتناهي للكيان الصهيوني اخره تمويل الحرب الدائرة بالذخائر وكل ما يطلب جيش الاحتلال؛ أي القيام بتنفيذ ما تريد إسرائيل ولكن ليس بالتحدي للعرب وانظمتهم واجبارهم وانما اتباع السياسة الناعمة ، ونفس هذا المنحى اتخذته مع ايران فأعادت المفاوضات معها لتفعيل الاتفاق النووي الذي وقع أيام الرئيس أوباما والغاه ترامب..!؛ ربما هذا التصرف من قبل الإدارة الامريكية لم يروق للكيان الصهيوني؛ فلجأوا لاستفزاز مشاعر الفلسطينيين والمسلمين بدعم المستوطنين في اقتحام المسجد الأقصى بعد ان قرروا اخلاء المواطنين من سكناهم في الشيخ جراح المتسبب في هذا الذي هو حاصل..!؛وبعد أن كانت المنطقة متهيئة نفسيا وربما ماديا لدعم الضربة لإيران نتيجة لصلفها وتدخلها السافر في اكثر من عاصمة عربية والايعاز لأذرعها بتعكير الامن والاستقرار في المنطقة خصوصا باليمن وبعض الاعيان المدنية في المملكة العربية السعودية؛ علاوة على ما يجري من تدخل فج في لبنان و سوريا من قبل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.. وبصعود "با يدن" للحكم انفتحت الإدارة الامريكية مع إيران كما قلنا واوشكت أن ترفع بعض الحصار على إيران والذي لم يعجب نتنياهو المتورط بفساد وملاحق شرطيا وعدم تمكنه من تشكيل حكومة يقودها هو فلجأ لهذه الطريقة لخلط الأوراق والخروج منها سالما وحاكما ومنتصراً، هذه هي أهدافه فقام بما قام.. لكن فوجئ بثورة عارمة وعامة انطلقت في الخط الأخضر قبل ان تنطلق صواريخ المقاومة من غزة وتلحق بهما كل الضفة الغربية فتوحد الفلسطينيون وصار لديهم قدرات فاجأت الصهاينة.. نعم! انطلقت ثورة شعبية فلسطينية عامة وعارمة مدعومة بسلاح المقاومة والتي صار لها اليد العليا في هذه المعركة.. هنا ظهر الغباء الصهيوني الذي لم يحسب حساب لقوة وقدرة المقاومة، فقام بحماقات كبرى كتدمير الأبراج التي فيها صحافة وفيها سكان عزل وعلى منازل على رؤوس ساكنيها؛ وهنا فقد كل شيء كان يمكن ان يحققه في المنطقة من خلال الادرة الناعمة للديمقراطيين بدون حرب ولذلك يقال ان الادرة منزعجة على عدم توقيف الحرب خوفا عليهم لا حبا للفلسطينيين...!؛

وقد استغرب البعض ــــ وانا منهم طبعا ـــ عن تخلف إيران وأذرعها في الدخول في الحرب مع الكيان والاكتفاء فقط بالمشاغلة والاعتداء على العرب وقتل يمنين وتوجيه صواريخهم وطائراتهم المسيرة على منشآت اقتصادية سعودية؛ لقد تخلوا لحد الآن ـــ أقول حتى لا نتحامل عليهم، فلربما سيلحقون!!ـــ عن شعارهم "اللعنة على اليهود" و "الموت لإسرائيل" .. ترى لماذا لا تستغل إيران فرصة هذه الانتفاضة وهذه الصحوة العالمية ضد الكيان؟؛ كونه قد بالغ في العدوان والتوحش والاجرام وتقوم بضربه بما تملك من ترسانة أسلحة وتنتقم من هذا الكيان اللقيط والذي فعل بها ما فعل في العام الماضي "ضرب حرسها الثوري وبوارجها واغتال علمائها" دون ان ترد عليه وظلت ساكتة كما هي الآن...؟!!؛ نحن في اليوم العاشر حرب وإيران وأذرعها باهتون وليس ردهم كما كان اخرون كثر يتوقعون، تنفس الصعداء الكيان الصهيوني من عدم تدخلهم فيتعامل معهم بلطف في رده على الصواريخ المطلقة من جنوب لبنان.. هذا التخلف سيعري إيران ويكشف سوءاتها تماما إن لم تلحق نفسها وتشترك في العملية فالاختباء ليس هو الذكاء.. الذكاء ولو قدر منه لو استغلت هذا الزخم العربي والإسلامي مع الفلسطينيين وتظهر بقوة وتؤدب الكيان؛ لكن الانتهازية والانانية عند حكام إيران هي السائدة، وبالتالي فالخسارة لها واردة وهي تالية لفلسطين إن تخلفت أو تأخرت...!؛ 

..إن المقاومة الفلسطينية وبإمكاناتها الذاتية قد مرغت أنوف الصهاينة في التراب وحبستهم في الملاجئ ولا تزال؛ وربما  الأيام القليلة القادمة حبلى بالمفاجآت إذ لم يوقف هذا الكيان عدوانه الهمجي فوراً على قطاع غزة ويقلل من هذا التوحش ضد المتظاهرين في الخط الأخضر ويترك الشيخ جراح لحاله ويدع أهالي القدس والفلسطينيين يمارسون شعائرهم الدينية دون تدخل في المسجد الأقصى ؛ ولذلك تلحظون في هذا الشأن ان الإدارة الامريكية منزعجة، لان الكيان خرج عن ((بيت الطاعة)) وفجر حربا لا تريدها أمريكا، لأنه عطّل عليها استمرار التفاوض مع ايران  للعودة الى الاتفاق النووي.. أمريكا تضغط باتجاه إيقاف الحرب عند هذا الحد حماية لإسرائيل...!؛ لكن الغباء الصهيوني مستمر والاستغلال الانتهازي الإيراني أيضا مستمر لحين، فإن لم تشترك بالمعركة بترسانتها فسيكتشف العرب والمسلمون معدنها وصدق موقفها بالوقوف مع فلسطين ..شخصيا لا أرى أذكى ولا مستفيد اكثر من الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وعلى رأسها حماس ، فقد اشعلوها ثورة عارمة في كل فلسطين وانهو صفقة القرن واسلوا إلى الابد وفرضوا معادلات وتوازنات جديدة ،ونفضو غبار الاستسلام وكل التخاذل العربي السابق، واظهروا قضيتهم بقوة بعد ان كانت قد رفعت الى الرفوف او الهوامش، واخرجوها من تحت انقاض التدمير بغزة الى العالم كله ...!؛ التحية كل التحية لشعب فلسطين الذكي ومقاومته الباسلة المقتدرة وعلى المتخلفين ان يلحقوا بما يدعون قبل ان تلفظهم فلسطين والتاريخ ..!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي