محسن علي حيدرة || المبادرة السعودية تكتيك أم هزيمة

كتب
الاربعاء ، ٢٤ مارس ٢٠٢١ الساعة ١٢:٠٦ مساءً

إن المبادرة السعودية المفاجئة المعلن عنها يوم امس على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان آل سعود والتي تتظمن النقاط التالية :

 

١- وقف اطلاق النار وقفا شامل في جميع الجبهات وتحت اشراف ومراقبة الامم المتحدة. 

٢- فتح مطار صنعاء الدولي لرحلات اقليمية مباشرة محددة 

٣-توريد ضرائب ميناء الحديدة الى حساب مشترك للبنك المركزي لمواجهة رواتب الموظفين وغيرها .

٤- استئناف المفاوضات السياسية بين الحكومة الشرعية والحوثين للتوصل الى حل سياسي للازمة باشراف الامم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي (2216) والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل .

حيث ستدخل هذه المبادرة حيز التنفيذ بمجرد المواقفة المباشرة من قبل جماعة الحوثي والتي اعلنت على الفور رفضها التام والمطلق لها على لسان ناطقها الرسمي محمد عبدالسلام. 

في الحقيقة هذه المبادرة اربكت الكثير بالذات في الشرعية والانتقالي رغم البيانات المستعجلة المؤيدة والمباركة لها رغم انها بيانات كانت مجرد احرف وضعت على الأسطر ركيكة المعنى ضعيفة الصياغة بشكل واضح للجميع لانها لم تكن ذات مصداقية فيما اعلنت .

كما اربكت ايضا معظم ابناء الشعب اليمني المناوئين لجماعة الحوثي وانصاره وكل المهتمين بالشان اليمني حيث كانت ردود الافعال مختلفة بين مؤيد ومعارض .

ارتباك الشرعية امر طبيعي لانهم لم يكونوا على علم حسب توقعي وتحليلي او لم يتم أخذ رايهم ببنودها ومناقشتها معهم باعتبارهم اول المعنين كحكومة شرعية يمنية معترف بها دوليا، فكانت صدمتهم واضحة للعيان رغم ان المبادرة تعبر عن الاهداف الاسترتيجية الرئيسية التي اعلنت الشرعية حربها ضد جماعة الحوثي الانقلابية .

اما بالنسبة للمجلس الانتقالي فالاسباب فعلا جلية وباعثة للارتباك اكثر من غيره ليس لانهم لم يكونوا على علم اسوة بقيادة الشرعية بل لان المبادرة كانت مجحفة وصادمة وغير متوقعة فهي لم تشير حتى مجرد اشارة الى القضية الجنوبية وكأنها لم تكن بطريقة جعلتنا في حيرة واستغراب منها بل جعلت الكثير منا يعيد البحث والتقييم ومراجعة مواقف المملكة التاريخية تجاه الجنوب قديما وقضيته العادلة حاضرا ومستقبلا .

 

لكن من وجهة نظري وبعد الاطلاع اكثر وتواصل اوسع مع الكثير من الشخصيات الاعتبارية طلعت بالاستنتاج الاتي :

بان المبادرة السعودية حكمة وتكتيك فعلا وليست هزيمة كما يعتقد ويفكر الكثير حيث وجدت المملكة نفسها امام ضغوطات دولية لاول مرة تكون بهذا المستوى وبالذات من الرئاسة الامريكية الحالية بعد انتخاب الرئيس الديمقراطي السادس والاربعون جو بايدن بعد هزيمته للجمهوري دونالد ترامب .

طبعا كل هذه الضغوطات تهدف بعضها الى الابتزاز للسعوديه كما جرى الحال مع كل رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية وبعضها نظرا لطول فترة الحرب في اليمن واثارها السلبية القاتلة للشعب اليمني والذي اصبح امر لايحتمل فحياة الناس ومعاناتهم اليومية في كل اليمن من أقصاه الى اقصاه صارت في غاية السوء والتعقيد وكل يوم يمر من هذه الحرب يزيدها دمارا وتهديدا بالمجاعة والفقر وانتشار الامراض والاوبئة المختلفة، بل اصبح يعيش كارثة انسانية كبيرة بكل ماتحمله الكلمة من معنى. 

 

فالتكتيك السعودي من وراء هذه المبادرة هو ضرب عصفورين بحجر واحدة بتوقعي : اولا : ايقاف او التخفيف من الضغوط الأمريكية والدولية عليها .

ثانيا : خلق مواقف دولية جديدة ضد جماعة الحوثي وانصاره لانها اي السعودية تدرك تماما بان الحوثي لن يقبل بهذه المبادرة على الإطلاق ومهما كانت الاسباب والمبررات لانها من وجه نظره هي الاسباب الرئيسية لانقلابهم على الشرعية اليمنية بدخولهم صنعاء ٢٠١٤ واحتلال كل مقرات الدولة بالقوة واعلانهم الحرب في اواخر مارس ٢٠١٥ .

وفعلا حصل ماكانت تهدف إليه السعودية من وراء هذه المبادرة الجديدة وهو الرفض النهائي من قبل جماعة الحوثي الانقلابية الامر الذي يدفع العربية السعودية الى الاعلان داخليا ومع الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي بتحقيق نصر دبلوماسي كبير دوليا وكذلك وضع الادارة الامريكية الجديدة ومجلس الامن وكل الدول المهتمة بشان ايقاف حرب اليمن الى تغيير رايها من جماعة الحوثي وتحديد مواقف جديدة منهم مبنية على الرفض الحالي للمبادرة وتعنتهم باعتبارهم جماعات لاترغب بحقن دماء الشعب اليمني وإنهاء الحرب .

 اذا فالمبادرة تكتيك دبلوماسي خطير اعد بعناية فائقة لتحقيق مأرب معينة مهمة للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

*محسن علي حيدره قاسم

الحجر الصحفي في زمن الحوثي