الظاهرة «الحوثية» والظاهرة «الترامبية» ومعاندة الديمقراطيين للجمهوريين في الشأن اليمني ( 2 - 1 )

د. علي العسلي
الأحد ، ١٧ يناير ٢٠٢١ الساعة ٠٩:٥٠ صباحاً

لا تتعجب! ولا تستغرب! إن رأيت رئيس منتخب ديمقراطيا وفي بلد الديمقراطية الأول كما يقولون "أمريكا العظمى" أن يصل إلى كرسي الرئاسة بالديمقراطية زعيما ديكتاتوريا متطرفاً، لا يؤمن بالتداول السلمي للسلطة ويدّعي بالفوز بالانتخابات رغم هزيمته ، ويعمل على تشويه بلاده وديمقراطيتها، بل ويعمد إلى التحريض لأنصاره بطريقة أو بأخرى على العنف في سبيل أن يبقى هو رئيس الولايات المتحدة الامريكية لفترة رئاسية جديدة ..!؛

نعم ترامب ! في تصرفه عمل محاكاه لنهج الحوثي وقلدّهم بمسائل التحشيد المسلح  وحتى ببعض الشعارات ،فقام بالتحريض لأنصاره وناخبيه من أن اصواتهم قد نهبت و سرقت، وحثهم على التحرك للكونجرس في الوقت الذي كان الكونجرس يمارس مهامه الدستورية في إقرار الرئيس الفائز ،فما أن وصلوا حتى اقتحم بعضهم المبنى وكثيرهم قد اتوا من خارج " واشنطن" العاصمة ؛ كما كان يفعل الحوثي مع قبائل طوق صنعاء قبل اقتحام العاصمة "صنعاء" في سبتمبر من العام 2014 ؛ ورغم التعارض في المعتقد والتفكير والتدين إلا أن الظاهرتين اتفقتا على استخدام العناصر المتطرفة ؛ فبالنظر إلى الحوثين الآتين من كهوف مران والذين لا يؤمنون بالديمقراطية، ولا يؤمنون بالحوار ولا بالتداول السلمي للسلطة وهم "أصحاب فكر ديني متطرف ،سلاليين توريثين، يدعون الاحقية الالهية بالحكم؛ وهم جماعة غير ديمقراطية "؛ فقد هاجموا المعسكرات والمؤسسات ونهبوا المحتويات وتصوروا في مكاتب المسؤولين " المخالفين لهم " ؛رأينا تكرار الصورة باستخدام العنف في الولايات المتحدة الامريكية قبل تنصيب الرئيس المنتخب الجديد " با يدن" رفضاً للتسليم بنتائج الانتخابات والادعاء ان الانتخابات سرقت وزورت فسمح ترامب بدعوته للتظاهر بأن تصل عصابات يمينية متطرفة إلى مبنى الكونجرس وبقي صامتا طوال فترة الاقتحام ،وانصاره بما فعلوا قلدوا الحوثة بالضبط، فتم اقتحام مبنى الكونجرس ونهبوا التحف والملفات المهمة في الكونجرس، وعبثوا ،وحطموا وتصوروا في كراسي المسؤولين "الخصوم" وقتلوا وزرعوا العبوات الناسفة حول الكونجرس كما يزرع الحوثي الألغام في طول وعرض البلاد ثم يقال لك أن جماعة الحوثي ليسوا ارهابين فمن يا ترى يكون الإرهابي اذاَ؟! ..

فما هذا الشّبه الفريد بين الظاهرة "الحوثية" والظاهرة "الترامبية" ؟!؛ ما الحكاية؟!؛ أيعقل أن يُقلد قائد أكبر دولة في العالم؟!؛ عصابة في دولة هي في ذيل الدول في كل شيء ،دولة كانت فاشلة ،وأصبحت لا دولة ،يقودها عصابة وهي بلا اقتصاد، وبلا تصنيع ،و بلا إدارة ،وفيها لا يٌحترم حق الانسان في الحياة وفي التعبير وفي الاختلاف ؛ هذه ألا دولة بلا تنمية وبلاد اقتصاد وبلا تطور وبلا ديمقراطية حقة ..!؛ هذا ما حصل ويحصل من "ترامب" ولا يزال يحمل معه الخطر لتهديد امريكا العظمى قُبيْل التنصيب أو اثنائه؛ والذي من المتوقع أن يجري في الأسبوع القادم؛ إذا لم يفاجأ العالم من قبل السيد " ترامب" بإصدار قرار مستنسخ من ثقافة وعقلية الحوثة ،فيقوم بمغامرة عسكرية ما في المنطقة وقد تجلى ذلك من خلال قرار إدارة ترامب  اشراك الكيان الصهيوني في قيادة المنطقة العسكرية الامريكية الوسطى..!؛

و المصيبة أن داء جنون العظمة مسيطر على انصار الله (الحوثين ) وانصار ترامب (المتطرفين العنصريين )، فــــ "الحوثية و الترامبية" ؛ مضافاً إلى ظاهرة جنونهما، يكتازان أيضا بالتهور وعدم الاكتراث بأي شيء "سياسياً كان او إنسانيا"؛ أو حتى عمل حساب لموت البشر عند اتخاذ قرارات انفعالية كردة فعل غير مدروسة وغير حكيمة..!؛لكن رغم الشبه فيما بين من ذكرنا سابقا ؛إلا أن هناك اختلافاً جوهرياً بين أمريكا الدولة قبل وبعد تمرد ترامب وانصاره ،وبين اليمن الهش غير المؤسسي قبل انقلاب الحوثي وبعده، فأمريكا دولة لها نظام راسخ ومتين ولها جيش وأمن يحمي الدستور والقانون والديمقراطية ، بعكس ما كان موجودا في اليمن من جيش يحمي سلطة الرئيس  وليس الدستور والقانون، ولذلك نجح الحوثي إلى حد ما في انقلابه باستخدام نفس القوة العسكرية الحامية لكرسي الرئيس ، بينما لا يمكن أن ينجح أي انقلاب أو تمرد في أمريكا، لان الجيش يحمي ويصون الدستور والديمقراطية ،وبمجرد خطاب الكراهية والتحريض من قبل الرئيس " ترامب" ، على الفور جُرد من سلاح الاعلام  الذي كان يتباهى به ويصدر معظم قراراته عبره ، بينما في اليمن سمح للحوثة بالاستيلاء على الاعلام الرسمي والحزبي ،واستخدموهما، ولا يزالون دون أن تكترث الحكومة الشرعية بخطورة ذلك السلاح الفتاك حتى هذه اللحظة، مثلا لم تطلب من الدول التي تملك الأقمار الفضائية حظر قنوات الحوثي التحريضية ،ولم تفاتح شركات التواصل الاجتماعي المعروفة  مثل "الفيس بوك" و "التويتر" وباقي شركات  التواصل الاجتماعي بغرض حضر الذباب الالكتروني الحوثي ،فلتستفيدوا مما حصل بأمريكا ضد ترامب ايتها الشرعية النائمة..!؛ فمن المعلوم أن الحوثة بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء بقوة السلاح وبعناصر متعصبة سلالية الهوى والهوية و حاقدين على معظم الشعب اليمني ؛ مثلهم وجد في أمريكا بتسمية متطرفين ، أو يمينين، او عنصريين وأولئك هم من استفادوا من دعوة ترامب للتظاهر واقتحموا مبنى الكونجرس الأمريكي..!؛ ومعلوم كذلك أن جماعة الحوثي قد استفزت بُعيد انقلابها على الشرعية  الاخوة الاشقاء باستعراض عسكري على الحدود، كي تدفع المملكة لاتخاذ قرار التدخل لإنهاء الخطر الحوث _ إيراني على حدودها الجنوبية ؛فقام الحوثين أولاً بحربهم على اليمنين بعد أن استولوا على مقدرات الدولة اليمنية ،فكان من الطبيعي أن تتدخل المملكة العربية السعودية سواءً أكان من اجل امنها او من أجل مساعدة الشرعية واستعادة الدولة من فم الحــوث _ إيراني..!؛ يتبع ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي