لكل طاهش ناهش

علي هيثم الميسري
الاربعاء ، ٠٧ اكتوبر ٢٠٢٠ الساعة ١٠:١٥ مساءً

 تشرئب الأنفس العدنية الأصيلة لرؤية مدينتهم عدن جوهرة اليمن تنعم بالأمن والأمان والإستقرار ، وتتوق أفئدتهم وكل جوارحهم للحياة الكريمة التي لا تشوبها شائبة ولا يعكر صفو حياتهم إفتقداهم لأبسط الحقوق التي ينشدها كل شعوب العالم ، وتتمثل هذه الحقوق بتوفير أبسط الخدمات التي تُعَد عصب الحياة وهي "الماء والكهرباء" ، مع العلم أن هذه المطالب باتت هي أكبر مطامح أهالي عدن وجل مطامعهم ، ويا لصروف الدهر أن تجعل شعب من الشعوب أعلى مطامحه وأمانيه وأحلامه أن يرى الماء والكهرباء لا ينقطعان أو على الأقل ينقطعان لسويعات قليلة فقط في حياته اليومية .

     من ينظر للمشهد العام في العاصمة عدن سيجد أن هناك الكثير من الظلم والسلوكيات الخاطئة يُمارَسان لفئة من الناس تجاه فئة أخرى من الناس ، فغطرسة وعنجهية تتار القرية تـُمارسان ضد إخوتنا الشماليين من الباعة المتجولين القادمين من المحافظات الشمالية ليضربوا في الأرض بحثاً عن  عمل حلال وشريف ليجنوا به القليل من المال ليعولوا أسرهم ، ومن دخل منهم إلى عدن فكأنما إنفتحت له طاقة القدر ولا يفكر بالعودة لأهله إلا لأمر جلل لأن عودته تـُعـَد من المستحيلات وقد رأيت هذا بأم عيني في نقطة العلم بإعادة كل ماهو شمالي إلى بلده ، وبدلاً من أن يجد إخوتنا الشماليين تعاطفاً من أبناء عدن وجدتُ أن هناك من أبناء عدن يمارسون نفس عنجهية وغطرسة تتار القرية تجاه هؤلاء المساكين وعلى الأخص أبناء تعز .

     ومن قاعدة مقولة من لا يـَرحـَم لا يـُرحـَم فواقع الحال في عدن هو عذاب الناس من خلال الإنقطاعات الكهربائية المتكررة وشحة المياه في معظم الأحياء السكنية ، فلو أنهم رحموا الفئة الضعيفة من إخوتنا الشماليين ولو بالكلمة الطيبة بدلاً من إهانتهم بسبب أو بغير سبب لتغير الحال للأفضل ، وقد يقول قائل وما ذنب تلك الأنفس العدنية الأصيلة وضعفاء أبناء عدن أن يؤخـَذوا بأفعال ضعفاء النفوس وخبثائها أقول له ما قاله الإمام القرطبي رحمه الله : إذا كثر المفسدون وقل الصالحون هلك المفسدون والصالحون معهم إذا لم يأمروا بالمعروف ويـُكرِهوا ما صنع المفسدون .

     حينما كنت في عدن إلى عهدٍ قريب رأيت تلك السلوكيات الفـَظـَّة والتعالي تجاه إخوتنا الشماليين البسطاء من قـِبـَل أبناء عدن ، فكنت في غالبية تلك المواقف أدخل في مهاترات كلامية مع أقرب الناس لي من الأهل والأصدقاء وآخرين من ناس لا أعرفهم حينما أراهم يهينون كرامة أولئك الباعة ، فأقول لهم ما بالكم عليهم فيكون الرد غالباً : فليرحلوا من بلدنا .. فأقول لهم هذه بلدهم كما هي تعز وصنعاء وغيرها بلدكم وأردف سائلاً لماذا إخوتنا الشماليين في المناطق الشمالية يتعاملون معنا نحن الجنوبيون معاملة طيبة ويكرموننا في عقر دارهم أَهـُم أكرم منا ؟ فلا أجد رداً شافياً وأختم كلامي معهم إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ، فوالله الذي لا إله غيره ما عذابكم هذا من حياة بائسة إلا لسواد قلوبكم وضيق أنفسكم ، ولكل طاهش ناهش فكما تهينوا كرامة إخوتكم هؤلاء المساكين أرسل لكم الله عز وجل تتار القرية ليهينوا كرامتكم في عقر داركم فبئساً لكم ولأنفسكم ، ولولا رحمتي بالأطفال والنساء والمرضى وكبار السن لدعوت الله أن يرسل لكم رياح من جهنم .. أو كما قلت .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي