تعز "المكان" وتعز "الرجال" قلب اليمن النابض في الثورة والحرية والوحدة ( 2 )

د. علي العسلي
الجمعة ، ٠٢ اكتوبر ٢٠٢٠ الساعة ١١:١٣ مساءً

 تعز "المكان" وتعز "الرجال" قلب اليمن النابض في الثورة والحرية والوحدة ( 2 ) 

الجزء الثاني: 

نتحدث عن تعز" الرجال" نبدأ بالعلماء وأصحاب الاختصاص، ومن ثمّ رجال الأعمال والتجار والوجهاء.. نحكي عنن بعض لمساتهم وادوارهم  في قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ١٩٦٢.. ..  

وقبل أن نرفع القبعة تحيةً واجلالاً وتكريماً لتعز " المكان " احبب أن أشير إلى احتفالية المخا وهي من المكان، لقد احتفلت المخا بالذكرى الـ ٥٨ لثورة ٢٦ سبتمبر مثلها مثل باقي تعز المميز عن سائر ارجاء اليمن ((المخا عنوان كبير  لنجاح ثورة ٢٦  سبتمبر ، المخا التي أعطت لتعز ولليمن الشهرة العالمية ؛ إلا أن الإمامة ومن حكموا الجمهورية بعد الثورة بنفس وقلب ملكية غيبوها  واهملوها وتاريخها كما غيبوا تعز و رجالها الثوار الأحرار الأوفياء و الذين سنأتي على ذكر بعضهم في هذا المقال. لقد كان المخا كما ذكر الكاتب محمد انعم في مقال له قبل أيام أن البداية الحقيقية بشكل عملي وميداني في سياق التحضير لقيام ثورة 26 سبتمبر1962،انطلق من ميناء المخا، فقبل الثورة بشهرين ،أي في يوليو من عام 1962 انطلق البطل علي عبد المغني  في مهمة لمصر العروبة  كلفه الضباط الأحرار من اجل ضمان دعم واسناد الثورة من مصر عبد الناصر، انطلق مفجر الثورة من  ميناء المخا، وفي ذلك إشارة على ثقة الثوار بها وأهلها وبعد الإبحار بأيام التقى القائد علي عبد المغني بالزعيم الخالد جمال عبد الناصر على متن سفينة مصرية في شرم الشيخ ،لقاء تاريخي وحاسم ومصيري، خرج منه الضباط الاحرار بدعم مصر العروبة اللامحدود  للثورة وتفجيرها من أجل إزالة اعتى أنظمة الحكم استبداداً وتخلفاً وتجهيلاً.. ولقد قدمت مصر فلذات اكبادها شهداء من أجل نجاح الثورة الرحمة والخلود لشهدائها ولشهداء اليمن الأبرار والفاتحة على أرواحهم... )).. نعم احتفلت المخا لهذا العام وكان احتفالا مميزا كما هو في كل محافظة تعز والذي نقلنا لكم تلك  الحشود العظيمة كمرفق في الجزء الاول من هذا المقال، والتي كانت كالسيول الجارفة التي اقتلعت الحكم الملكي من الجذور وستصفي الأوساخ والشوائب  التي لحقت بمسيرة الثورة السبتمبرية الظافرة..!؛ 

  نقول لمن شوهوا وزوروا تاريخ تعز وابنائها أن التاريخ لا يرحم، وفي الوقت ذاته لا يظلم.. الحكام الحاقدون السارقون لجهود ونضال وتضحيات "طلائع الشعب" هم الظالمون وهم المفضوحون دوماً وابداً ..!؛فترات سابقة لقد حاولوا طمس تعز وابنائها في الإعلام الرسمي، وظفوا وسائل الإعلام وانصاف المثقفين بتزوير التاريخ؛ فكتبوا لهم تاريخ على الورق، فحاولوا محو التاريخ مع سبق الاصرار والترصد؛ لكن نقول لعم أن أي  فعل ثوري عظيم، يقومون به الثوار لجهودهم وعرقهم ودمائهم لا يمكن أن يمحى  من ذاكرة الشعب، وإن حولتموه على الورق  أن الحكام صانعوه زيفاً وتضليلاً..!؛ لقد استخدموا  التوجيه المعنوي للقوات المسلحة اسوء استخدام ..نعم! الذي وظف التوجيه المعنوي بشكل مقزز، إذ قام بتشويه وتزوير التاريخ لصالح من يحكمون فصنع لهم تاريخ من لا شيء، وجعلهم ثوار وأصحاب أدوار على الورق، بينما بقي رجال الرجال الذين صنعوا الاحداث العظيمة محفورين  في ذاكرة الأجيال، جيلاً بعد جيل؛ فنقول لمن وصل للحكم.. الله..الله..على من  انتم بسببهم جالسون على كراسي الحكم باسم الثورة والجمهورية، فلا تمحوا تاريخهم ولا تحولوه لكم زوراً وبهتاناً ، بل إن كنتم أوفياء فكرموا أُسر الثوار وأحفادهم ..!؛

والأن دعونا نسرد بعض الأسماء الذين كانت لهم اسهامات جليلة في التحضير والإعداد لثورة ٢٦ سبتمبر، ويعرف اسهامهم من خلال اختيار الضباط الأحرار لهم في مجلس القيادة وفي تولي مناصب اول حكومة بعد الثورة، فبحسب الصور المرفقة أن  عدد مجلس القيادة والحكومة كانوا (٢٥)  منهم (١٠) من محافظة تعز، أي ما نسبته ٤٠٪؛ بمعنى أن قيادة الثورة قد  اقرت باستحقاق لمساهمتها المتفردة، وتحمل العبء الكبير في الاعداد والتحضير والتضحية بالمال والروح وما يلزم لإنجاح الثورة المباركة؛ ورغم استمرار تعز بالتضحيات وتقديم النموذج في النضال؛ إلا أن تعز تأكل شيئا فشيئا نسبتها.. فأين تعز الآن من  تلك  النسبة التي منحت لتعز من قبل ثوار  ٢٦سبتمبر ..؟؟!! ؛

 والآن حان التذكير ببعض مفكري تعز. احرارها ورجال اعمالها ووجهائها الداعمين الأوائل لقيام ثورة ٢٦ سبتمبر: فلنبدأ برجل العلم والثقافة والتنوير الاستاذ " احمد محمد نعمان" الذي أسس مدرسة ونادي ثقافي في ذبحان " لبنان اليمن" كما سماها نجل الأمام  ليس امتداحا وإنما خشية من زرع بذور التغيير في تعز، أحمد محمد نعمان ولد في قرية ذو لقيان عزلة ذبحان قضاء الحجرية لواء تعز. كان رئيس وزراء الجمهورية العربية اليمنية لمرتين، رئاسته الأولى كانت في عهد الرئيس عبد الله السلال، منذ 20 أبريل حتى 6 يوليو 1965م، أما الثانية فكانت في عهد الرئيس القاضي عبد الرحمن الأرياني منذ 3 مايو حتى 24 أغسطس عام 1971..؛ فمن ذبحان التنوع الفكري والثقافي، وتعدد التيارات الفكرية؛ أسهم ذلك في خلق حراك ثقافي نشط في تلك المنطقة وأثر في المحافظة وباقي المناطق اليمنية ..!؛  ننتقل إلى الشيخ " عبد  الغني مطهر"  الذي  تزعم تنظيم الأحرار؛ وبعد نجاح الثورة فقد  أسهم في تأسيس اللبنة الأولى للاقتصاد اليمني؛ حيث تولى وزارة الاقتصاد والتجارة والشؤون الاقتصادية، كما كان عضواٍ لمجلس قيادة الثورة وعضواٍ في مجلس الرئاسة وآخر منصب له كان محافظاٍ لمحافظة تعز .. لكن و يا للآسف تم اعتقاله بعد انقلاب 5 نوفمبر 1967 م وأدخل السجن وتعرض فيه لصنوف شتى من التعذيب..!؛  ننتقل لنذكر باللواء "محمد قائد سيف القباطي" الملقب  بـــ" الرئيس " هو أول وزير دفاع في أول حكومة للجمهورية العربية اليمنية؛ وهو أول يمني يتخرج من كلية حربية، وهو واحد من رجالات اليمن الكبار، وقائد من قادتها الذين غيروا مجرى تاريخ اليمن الحديث. عين بعدها عضوا في مجلس القيادة ومسؤول العلاقات الخارجية عام ١٩٦٣ م؛ عين لفترة قصيرة وزيرا للإعلام، وبعدها عين كسفير لليمن في إيطاليا وكان هذا التعيين بمثابة إزاحة مبكرة له وتجميدا لنشاطه وطاقته. أزيح على إثرها اللواء القباطي كغيره من أبطال سبتمبر من خارج مربع المركز المقدس..  ننتقل  الآن إلى ذكر الدكتور /عبد الغني  علي أحمد وزير الخزانة في اول حكومة بعد الثورة المباركة، هو الشخص الذي اسمه على العملة الورقية القديمة للجمهورية العربية اليمنية ، كان له دورا محوريا في تأسيس وزارة المالية، فهو رجل الاقتصاد الذي اوجد أول نظام مالي في عهد اليمن الحديث..؛ ننتقل لذكر العقيد طيار/ عبد الرحيم  السروري  اول وزير للطيران وعين عضو مجلس قيادة الثورة..؛ ننتقل الآن لذكر أعضاء مجلس القيادة من تعز (الشيخ عبد القوي حاميم ،الشيخ محمد علي عثمان ، والأستاذ محمد مهيوب ثابت )..؛ 

ثم انتقل  لذكر الوزراء من تعز في اول حكومة للجمهورية العربية اليمنية  للتذكير (الدكتور/ عبد الغني علي احمد وزير الخزانة ،الشيخ / علي محمد سعيد وزير الصحة ،الشيخ أمين عبد الواسع نعمان وزير التاريخ والآثار، والأستاذ محمد سعد القباطي وزير الهجرة والمغتربين ) ،انتقل الآن للتذكير بشخصية عظيمة بشهادة السلال نفسه  إنه: " أحمد عبده ناشر العريقي"؛ الذي وصفه الرئيس السلال  في عزومة غداء فخاطب المدعوين بعد أن قام للعريقي من مجلسه " لولا هذا لما كنتم هانا" ...هذا الرجل  هو من دعم الثورة قبل انطلاقها وهو من  وفرّ كل ما تحتاجه الثورة بعد نجاحها وخلال شهر واحد كانت الأشياء المطلوبة كلها عند الرئيس السلال ....." ؛ ننتقل الآن  إلى  الدور الوطني لآل هائل لم يكن مقصوراٍ على الدعم والمساندة بل لقد تعداه الى المشاركة المباشرة في الحركة الوطنية والثورة اليمنية، إذ ارتبط علي محمد سعيد بحركة الأحرار عام 1946م في عدن وعندما نقل جزءاٍ من أعماله التجارية إلى الشمال أواخر الخمسينيات ظل على تواصل مستمر مع الوطنيين والأحرار وفي عام 1960م كان عضواٍ بارزاٍ في تنظيم الأحرار بتعز.. !؛ دعونا الآن نذكر بعضا من مناقب وإعمال وادوار من سبق وأن ذكرناهم وأخرين لم يتم الاشارة إليهم..؛ لقد كانوا جميعا نعم  السند والتمدد للثورة والثوار ولولاهم لما انتصرت الثورة، لقد كانوا الداعمين بالمال وشراء الأسلحة وتوصيلها، وكانوا صلة الوصل مع الخارج نذكر على سبيل المثال لا الحصر: "جازم الحروي"؛ وهو من ابرز عناصر ثو ة ٤٨؛ ضحى بأمواله في سبيل الوطن؛ وكان هو من بين من  اعتقلوا إثر فشل ثورة 48م وأرغموا على السير على الأقدام مقيدين بالسلاسل من مدينة ذمار إلى حجة..!؛  

ولا  ننسى  أن نذكر التجار  التالية اسمائهم  وهم  (الحاج غالب سعيد صالح، ومطهر سعيد صالح، وأحمد عبده ناشر وعبد القوي الخرباش وأحمد العبسي ومحمد مهيوب ثابت) هؤلاء كانوا القاعدة التي ستند إليها الأحرار وهم من  مدوا الحركة بالأموال،  فقد كانوا يدفعون الاشتراكات بسخاء لحركة الأحرار وكانوا يستضيفون أعضاءها لديهم أياما طويلة حين تضطرهم ظروفهم السياسية للخروج من اليمن فراراً من اضطهاد الإمام . وعند الحديث عن الثورة لا بد من ذكر الشيخ "ناشر عبد الرحمن العريقي" والذي هاجر من اليمن الى نيروبي عاصمة كينيا هروباً من نظام الإمام. وعمل بالتجارة وحصر اهتمامه في الدفاع عن قضية الوطن. فكان يقوم بطبع المنشورات ويحرر المقالات في جريدته الثورية، أنفق ماله حتى فقد تجارته فرجع إلى عدن وانضم إلى صفوف الأحرار في مارس سنة 1958م، انضم إلى خلية تعز والتي كان يرأسها آنذاك عبد الغني مطهر وكان دوره الأساسي في الخلية هو كتابة المنشورات بخط يده لعدم وجود آلات الطباعة في ذلك الوقت.. كذلك فإن الشيخ عبد القوي حاميم والذي كان مديرا لشركة المحروقات اليمنية كان من أعضاء اللجنة التأسيسية في تعز التي تشكلت في 1958م بهدف التخلص من الإمام وأعوانه. ومن أهم أعماله انه كان يستقبل الأسلحة والذخائر التي كان يرسلها محمد مهيوب ثابت ومحمد قائد سيف وغيرهم من عدن ويقوم باستلامها وإرسالها سراً إلى قيادات الأحرار. ووقع عليه الاختيار من جانب الأحرار للسفر إلى القاهرة في أواخر أغسطس سنة 1962م لإخبار المسئولين المصريين بأسباب تأجيل موعد تفجير الثورة التي كان محدداٍ موعدها في 23يوليو 1962م إلى ٢٦ سبتمبر . وهناك عددا ممن كانوا من أعضاء الخلية في تعز من ابناء تعز نذكر منهم " علي احمد القباطي واحمد عبد الله الاصبحي وأخرين" وكانوا يقومون بتوزيع المنشورات التي كانت تأتي من عدن.  وكانوا يقومون بدور حلقة الاتصال بين الوطنيين الأحرار في عدن والخلية في تعز..؛ كذلك نذكر "شايف محمد سعيد" اشتغل بالتجارة، واتصف بالوطنية الصادقة والرغبة الهادفة إلى تخليص المجتمع من الاستبداد انضم لتنظيم الضباط الأحرار  وقام بكل ما أوكل إليها من اعمال. كذلك نذكر "يوسف ثابت سعيد" كان من الرعيل الأول المناضلين وعمل أمين سر خلية الأحرار في المهجر بأديس أبابا وكان يتولى حفظ محاضر اجتماعات الخلية. انضم إلى خلية عدن برئاسة محمد مهيوب ثابت وعضوية أحمد هايل سعيد أنعم ومحمد قائد سيف  البارزين في تعز؛ 

فكان هو همزة الوصل بين هذه الخلية والأحرار الأخرين .. كذلك فإن "علي محمد عبده الأغبري" كان همزة الوصل بين الأحرار. وكان يقوم بتوزيع المنشورات التي يسربها إلى داخل الوطن. إضافة إلى مهام أخرى.. هذه بعض الاسماء أرجو أن أكون قد وفقت في سردها ليكون الجيل الحالي على علم وبينة بما قدمه اجداده في سبيل اليمن وخصوصا رجال الأعمال الذي كانوا يعيشون افضل عيش وارغده من غيرهم ولو فكروا بتفكير تجار اليوم لتماهوا مع الامامة كما يتماهى تجار اليوم مع الانقلاب، لكنهم قبل ان يكونوا  اغنياء ومرتاحين كانوا وطنيين في الصميم؛ ففكروا بمعاناة غالبية الشعب واسهموا بتخليصه مما يعاني ؛ فلهم الشكر  والارواح من ماتوا الفاتحة .أما تجار ورجال اعمال هذه الأيام فندعوهم للاتعاظ والاعتبار والاقتداء؛ فالتاريخ يخلد من يقدم التضحيات لا من يحصل على المليارات..!؛

.. عاشت تعز  قلب اليمن النابض.. عاشت تعز ثائرة وحرة ووحدوية.. تحيا الجمهورية.. تحيا ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي