ما الذي أهدته مأرب للذكرى الـ58 من ثورة 26 سبتمبر؟

فائد دحان
الأحد ، ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٣:٣٣ صباحاً

 

‏مأرب يا حصن منيع

يا قلعة الحرية..

‏ربك مجيب وسميع

نصرك بنصره قوية.

جزء من مقطوعة فنية نادرة مهداة من العندليب عبد الحليم حافظ لثورة 26سبتمبر عام 1962م.

مأرب الحاضرة في وجدان وثورات اليمن لم تغب عن أي تحولات في تاريخها العظيم، ولا تزال هي الرائدة المتقدمة، و حاجز الصد أمام غزوات الإماميين منذ قدوم مؤسس الإمامة يحيى الرسي الملقب بالإمام الهادي مرورا بغزوات السفاح عبدالله بن حمزة الملقب بالشريف وحتى اقتحامها من فلول الإمامة في 2015م مسلحي مليشيا الحوثي.

لم تستطع مليشيات الإمامة في 2014م اقتحام عمران وصنعاء لولا ركونها على الداعم الدولي و شرائها للولاءات واختراقها لمنظومة الدولة ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمنظمات الدولية.

وتحت يافطة القضاء على حزب الإصلاح سيطرت على المعسكرات واقتحمت المدن، بينما كانت عاجزة عن اقتحام الجوف منذ عام 2011م، لأن الداعم الدولي كان هناك غائب فقد فعلت ذلك في عمران وصنعاء، وبعدها اجتاحت بقية المناطق والمدن تباعا، ولكي لا نظلم مقاومة تعز فقد سجل التاريخ مشهد انكسار جموعها من اقتحام حارة الروضة ليس لشيء، وإنما لانكسار عامل الخيانة في تعز وازدهار عامل وحدة صفوف المقاومة.

ما الذي تغير إذا في مأرب هذا العام بعد مرور 6 سنوات من الحرب والغزو الحوثي للمدن والقرى اليمنية؟

سلكت مليشيات الحوثي الانقلابية كل تلك الطرق المتبعة سابقاً في اقتحامها للمدن، وضمنت صمت المجتمع الدولي و دعما إقليميا قدم لها بسخاء واستقدمت أنساقاً من البشر كما فعلت في اسقاطها لنهم والجوف جاءت من صرواح وفشلت وبينما هم فيها داهمت جموعهم البيضاء ووصلت لمشارف مأرب في الماهلية وجبل مراد، وفشلت و حاولت الالتفاف للجوبة، وفشلت إرادات قطع الطرق الدولية لإحراز أي تقدم يذكر فلم تستطع.

عادت خائرة القوى منهكة.. فعلت فلول مليشيات الحوثيين كل ما بوسعها لتقدمه في ذكرى انقلابهم على الدولة في 21سبتمبر 2014م فقرر أسود مأرب وجيشها أن يحرزوا نصراً مختلفا يهديه للذكرى الـ58 من ثورة 26سبتمبر 1962م.

نعم لقد كان انتصاراً مختلفاً هذه المرة لانتصارها كذلك على من قبضوا الثمن وباع مأرب للانقلابيين وبهذا تكون مأرب قد كسرت قاعدة الانكسار النفسي الذي يلي الهزيمة  وفي أيلول العظيم قرر الجيش الوطني من النازحين وقبائل مأرب ان يصنع النصر المؤزر ويهشم رؤوس الخونة ويمنع تقدم الحوثيين في كل الجبهات.

ما الذي سيحصل لاحقاً بعد هذا الانتصار الكبير؟ دعوني أخمن إذاً، لأول مرة يذهب وفد الحوثي منهكاً تماماً دون اشتراطات تذكر ولا حتى خبر في الإعلام في التحضير لأي تفاهمات ربما تضع أي حد لأي تفكير للجيش الوطني بالتقدم نحو صنعاء، ولأن معظم جموع المليشيات دخلت مأرب مأسورة فهم في خسارة واضحة واستنزاف بشري مهول فإن المبعوث سيحرص على تبادل الأسرى وسيتم مبادلة المختطف المدني الجمهوري بعدة أسرى حرب حوثيين كي يعودوا للجبهات، خاصة وأن معظم الأسرى هذه المرة هم من القيادات الحوثية التي كانت تعذب المختطفين في مناطق سيطرتهم وهذا أمر يكشف أن المليشيات استنزفت كل جهودها وجموعها لينكسروا في أبواب مأرب وأسوارها وهذا ما حصل.

وماذا حدث أيضا، كانت تعتمد مليشيات الحوثي في تحشيدها للجبهات على عوامل عدة منها محاربة أمريكا وإسرائيل حتى أصبح ذاك أضحوكة بين حتى المغرر بهم في مناطق سيطرتهم، عمدت مؤخراً لبث مزيد من الشائعات انها أسقطت مدناً ثرية كالجوف و دخلت مأرب وهذا سيجعلها تسيطر على مناطق النفط والغاز مما يجعلها تحل مشاكل الناس الاقتصادية، بينما الشعب الذي يعيش في مأرب مثلا يتمتع بأقل الأسعار للمشتقات النفطية والغاز مقارنة بصنعاء، وعندما طالت المدة ولا تزال الأمور تنهار كل يوم عمد الحوثي لتثبيت الشائعات عبر استخدامه لعناصره في الأحياء الشعبية ببث أخبار كاذبة عبر مكبرات صوت وفي الأسواق، وحتى هذه أصبح الناس يسخرون منهم ولم يعد أحد يصدقهم خاصة وأنه ما يعود إلى صنعاء من مأرب غير مواكب الجنائز والجثث وامتلاء المشافي والمستوصفات بجرحاهم، وأصبح أهالي في صنعاء وعمران وذمار ماكثين إما أمام غرف العناية المركزة أو في مجالس العزاء وصالاتها، و جمع كبير من الآباء والأمهات يقلبون صور أبنائهم خلسة في زوايا البيت يرثونهم ليل نهار.

في الختام

كيف لا تكون مأرب قد أهدت الذكرى الـ58 لعيد ثورة 26سبتمبر نصرا مختلفا، وقد صدح شاعرها فؤاد متاش بأبيات شعرية تلخص تاريخ قرون من النضال منذ عهد النبي سليمان من الشام و حتى آخر أحفاد أبي لهب من قريش ومران:

حتى سليمانُ عنه مأربُ امتنعت

ولم تَذِلَّ له يوماً وكان نبي

لكنّها أسلمت للهِ طائعةً

فكيف تطمعُ فيها يا أبا لهبِ؟!

كل 26سبتمبر وأنتم بخير  

الحجر الصحفي في زمن الحوثي