النظريات المعرفية في التعلم

د. عبدالقوي القدسي
السبت ، ١٩ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ١١:٤٧ صباحاً

في إطار حديثنا السابق عن النظريات السلوكية في التعلم، والتي ركزت في مجملها عن المثير والاستجابة،  وجدنا كيف أن تلك النظريات لم تُفرد اهتماماً كبيراً بالعمليات العقلية والمعرفة الناتجة عن التفكير، كما أن تلك النظريات لم تفرق بين الإنسان والحيوان في التعلم والاستجابة والأثر، وهذا ما يبرر النقد الموجه لتلك النظريات رغم إسهامها في تفسير الكثير من السلوكيات الإنسانية وقواعد التعلم وإثارة الدافعية والتعزيز. 

نظريات التعلم أشبه ما تكون بلبنات في بناء يزداد جمالاً كلما أضيفت إليه لبنة جديدة، ولذلك فإن الباحثين وعلماء النفس والتربية رغم إيمانهم بدور النظريات السلوكية في تفسير جوانب السلوك الإنساني إلا إن ذلك لم يحل بينهم وبين نقدها ومن ثم تقديم نظريات تسد الخلل وتردم الفجوة الناتجة عن أبحاث المدرسة السلوكية. 

لقد ظهرت النظريات المعرفية كنتيجة طبيعية للنقد الموجه للنظرية السلوكية، وقد أعطت النظريات المعرفية  أهمية كبيرة لمصادر المعرفة واستراتيجيات التعلم: (الانتباه والفهم والذاكرة والاستقبال ومعالجة وتجهيز المعلومات)، فوعي المتعلم بما اكتسبه من معرفة وبطريقة اكتسابها، يزيد من نشاطه الميتامعرفي  . هذا النشاط أو الخبرة أو التدريب الحاصل لدى الفرد، يُحدث تغييراً في سلوكه. وتهتم النظريات المعرفية بالبنية المعرفية من خلال الخصائص التالية: التمايز والتنظيم والترابط والتكامل والكم والكيف والثبات النسبي.

ترى النظريات المعرفية أن حدوث المعرفة يمر عبر استراتيجية متتالية في الزمن وتتلخص فيما يلي: 1- الانتباه الانتقائي للمعلومات. 2- التفسير الانتقائي للمعلومات. 3- إعادة صياغة المعلومات، وبناء معرفة جديدة. 4- الاحتفاظ بالمعلومات أو المعرفة المحصلة بالذاكرة. 5- استرجاع المعلومات عند الحاجة إليها.

وقد أفرزت النظريات المعرفة أنواعاً من المعرفة والتي من أهمها :  • معرفة تقريرية وهي كل معرفة ثابتة أو ذات بُعد نظري قد تتكون من أحداث وقواعد وقوانين وغيرها. • المعارف الإجرائية وهي ذات صلة بكيفية القيام بالأشياء، وتشمل مختلف المهارات، كالرسم أو قيادة الدراجة. • المعارف الشرطية، وهي معارف استراتيجية تتعلق بالقدرة على تصريف المعارف الإجرائية المكتسبة في سياقات وظروف مختلفة، أي معرفة متى، ولماذا نقوم بتوظيف ما تعلمناه من مهارات. فلا نكتفي بمعرفة الطفل إجراء بعض العمليات الحسابية، بل بتوظيفها في مواقف مختلفة مستقاة من حياته اليومية،كتوظيفها في التسوق على سبيل المثال.

تقوم النظرية المعرفية على عدة مفاهيم تفسر من خلالها عملية التعلم، ومن هذه المفاهيم: الكُل أو الموقف الكلي فالكل – وفقاً للنظريات المعرفية - مختلف عن الأجزاء التي تكونه. فالحائط كُلّ، لكن الياجور والإسمنت والماء هي أجزاء. والمعنى : هو ما يتم إدراكه شعورياً، حين تتفاعل الرموز والدلالات في تفكير الفرد. وأما المعرفـة فإنها تشير إلى تفاعل المحتوى المعرفي والعمليات المعرفية. وأما تجهيز ومعالجة المعلومات فإنها تعني  تركيب بنية معرفية تدمج المعلومات الجديدة في الخبرات السابقة.

سنتناول – في حديثنا عن النظريات المعرفية – كلاً من : نظرية الجشتلت : (Gestalt psychology) ، ونظرية التعلم اللفظي المعرفي القائم على المعنى  Ausuble Theory، وكذلك نظرية التعلم عن طريق الاكتشاف Discovery Learning. .............................................   

 الميتامعرفة هي معرفة ووعي  الفرد بعملياته المعرفية وقدرته على تنظيم وتقييم ومراقبة تفكيره، وأنّ هذه المراقبة تتيح للفرد فرصة السيطرة بفعالية أكثر على عملياته المعرفية .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي