الانتماء والسيادة ووحدة اليمن ( 1 - 8 ) التجارة في السفارة

محمد قشمر
الاثنين ، ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٦:٣٥ مساءً

التجارة في السفارة ... 

عندما نتحدث عن الانتماء، ودوره في حفظ الأوطان فذلك لأن الانتماء يظهر مدى الحرص على مصالح الوطن المختلفة، ومن هذه المصالح مصلحة المواطن لأن الوطن كأحجار وأرض وأشجار غالباً لا يمثل قيمةً حقيقيةً إلا بما يحمل على ظهره من بشرٍ لهم كل الحق في العيش بظله أعزاء كرام دون إي نقص في تلك الحقوق.

ومن المتعارف عليه أن أي دولة في العالم تبتعث السفراء لتمثيل مصالحها وتوثيق علاقاتها المختلفة مع الدول، ويكون للدول التي يوجد لها جاليات كبيرة تمثيل يميزها بشكل أكبر عن غيرها من الدول التي تقتصر العلاقة على الشؤون الدبلوماسية، وبعض المصالح البسيطة التي قد تكون في حالاتٍ كثيرةٍ غير مؤثرة بشكلٍ كبير عليها. الحقيقة ان السفراء والسفارات تمثل وجه من وجوه الوطن، وقد تكون هي الحضن الدافئ والملاذ الآمن لأبناء الجالية في أي وطن تواجد فيها وفي مختلف الظروف.

هناك سفارات تشكل حجر زاوية بسبب التواجد الكثيف لأبنائها في البلدان التي تتواجد فيها، وبالمقابل تتحمل تلك السفارات الكثير من الأعباء التي يجب أن تقوم بها لخدمة أبنائها، والذين يمثلون بدورهم رافد اقتصادي مهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر دولة مثل اثيوبيا تعتبر الجاليات التابعة لها في الخارج مصدر مهم من مصادر الدخل القومي ولها تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد الوطني واستقرار الاقتصاد.

هذا الحديث يبدي لنا أهمية الدور الذي تقوم به السفارات وما تقدمه من خدمات إيجابية للمواطن والتي هي  عبارة عن خدمة للوطن، هناك سفارات تعتبر نفسها للأسف أداة للإثراء، وقد تكون في حالاتٍ كثيرة ٍعبارة عن مركز للجباية أكثر من كونها مقراً لتقديم خدمة، وقد يكون هناك سفراء لهم ثقلهم السياسي والدبلوماسي ولكنهم لا يوفقون بطاقم عمل نظيف شريف يبحث عن النجاح في أداء مهامه أكثر من بحثه عما يمكن أن يكسبه من دخل من خلال استغلال عمله في هذه السفارة أو تلك.

 كما أن هناك سفارات كثيرة وصلت إلى مرحلة الاستثمار التجاري من ظهر المواطن الذي ينتمي اليها، ولا نستغرب لو سمعنا أن هناك سفارات مثلاً يصل دخلها في اليوم الى ما يقارب خمسين ألف دولار او أكثر من مختلف الادارات التي تحتويه السفارة، فتصبح السفارة لها دخل يفوق دخل بعض الشركات الخاصة، والكارثة عندما يكون ذلك الدخل غير خاضع للوائح معينة أو أن له مصادر صرف لا يستفيد منها الوطن ولا المواطن.

كما أن العلاقات الشخصية في بعض السفارات المختلفة قد تكون سبباً في قيام ظلم واضطهاد روح وهضم حقوق أو كسر قيم، وبهذه الحالة تنتقل السفارة أياً كانت بهذا السلوك الى الدور السلبي الذي يفقدها مكانتها الدبلوماسية والخدمية والإنسانية، وكثيراً ما يكون بعض الموظفين أو العاملين هم سبب فساد يسيء للكل ابتداءً من السفير فيها الى اعلى منصب قيادي في أي وطن، مهما كانت سمعت السفير جيدة لأن الحسنة تخص والسيئة تعم فيكون الكل في نظر المظلوم المكلوم عبارة عن سماسرة يأكلون أموال المغترب دون وجه حق، والكارثة تكبر والمصيبة تعظم حين ينعدم دور الرقابة والمحاسبة ويكون الأمر فوضى تشوه فيه صورة الأرض والإنسان.

نحن في اليمن مثلا لنا في بعض السفارات سفراء يستحقون الإشادة والثناء والتقدير، منهم سعادة السفير الدكتور شائع الزنداني سفير اليمن في المملكة العربية السعودية، الذي يبذل جل جهده في تحسين أداء السفارة والموظفين فيها، ولكنه لا يحيط بكل ما يحدث في السفارة علماً ، وفوق هذا نجد جهده مترجم في وضعٍ أفضل للسفارة، وللخدمات المقدمة رغم أنا ما زلنا نطمح أن يكون هناك افضل مما هو حاصل .

كما انه بمفرده مهما بذل سيصل لمرحلة يشعر بالإعياء والتعب، إلا إذا تكاتفت الجهود من كافة الادارات والاقسام وتعاونوا فإن النتيجة ايضاً ستكون أجمل، وما زلنا نناشد الأخ السفير الذي يسمع ما نقول ويتفاعل بما نطرح أن يجعل الرقابة العامة على الأداء والموظفين هدفاً مهماً لتحقيق أكبر قدر من الشفافية في العمل ، وتقديم الخدمات ومحاسبة كل من يسيء في أداء مهامه ويستخدم منصبه وعمله لتحقيق أي مكاسب شخصية مادية أو معنوية . كما نوجه اللوم لأولئك السفراء الذي يستنجدون بالقوات العسكرية للدول التي هم فيها من أجل الاعتداء على أبناء الجالية سواءً طلاب مبتعثين أو غيرهم، وهذا قد حدث أكثر من مرة في سفارتنا في روسيا، وهذا الأمر يحتاج الى وقفة جادة من قبل الأخ وزير الخارجية، كما ومن باب الإنصاف يجب ان نتقدم بالشكر والعرفان لكل من سخر نفسه كسفير لخدمة أبناء اليمن الذين هم اليوم في أمس الحاجة لخِدمتهم وإعانتهم على نوائب الدهر التي حطت على اليمن والإنسان اليمني .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي