الفراغ قاتل!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاربعاء ، ٢٩ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ١١:٤٣ مساءً

 

لي كم يوم كلما ادخل الفيس بوك اجد ان الفراغ قاتل اهلنا في اليمن و الخارج, فشغلوا انفسهم بامور في هذه المرحلة ليست مهمة اقلها من وجهة نظري. نهرب من الواقع لعالم افتراضي بسبب انعدم الرؤية و الهدف و خطة العمل, فنهدر وقت و جهد لا نجد اثره بعد كم يوم, و نصور لذاتنا ان نكون مؤثرين و ان نحتل مساحة في وعي و ذاكرة الاخرين بينما الواقع يقول شيء اخر و في اليمن شيء اخر ايضا. نبتعد كل يوم خطوة عن الواقع, و افهم ذلك عندما لا ينجرف الكثير اليه, لكن ان يكن ذلك ظاهرة و منتشرة حتى عند المثقف فوجب هنا اعادة البوصلة لما هو مهم و ذلك بالنظر لمتطلبات اليمني في الداخل ومعاناته .

فمثلا انا كيمني في الداخل و مثلي 95 في المائة لا يهمني الان موضوعات جدلية او فلسفية و لا حتى دينية, يهمني كيمني لا يستلم راتبه من سنوات مرتبه فقط. يهمني كيف نسعى لنغلق الحرب؟ و بعدها يكون معنا وقت لنقاش من الاول البيضة او الدجاجة؟ يهمني الكهرباء والماء و المواصلات والمدرسة و المستشفى و كيف اتخلص من الايجارات و الديون, كل شيء خارج عن ذلك يعتبر ثقافة عامة او ترف, لا يجب ان اشغل المجتمع به.

اخواني عقول و مثقفي اليمن في الداخل و الخارج تعرفون ان الحرب اليمنية أسوأ أزمة إنسانية في العصر الحديث حيث قتل فيها ليس اقل من 100 ألف و في تقارير 200 الف شخص من اليمنيين في أكثر من 30 جبهة قتال, فهل يجب ان نظل نتفرج و نشغل حالنا بمشاكل و مواضيع لا تهمنا كيمنيين في الداخل؟ الى اليوم نزح أكثر من 3 مليون و نصف شخص من مناطقهم و وصلت نسبة المعوزين في اليمن الى 80 في المئة من السكان من هم محتاج إلى المساعدة و الحماية حسب تقارير الأمم المتحدة, فهل هذه الموضوعات ليست في جدول اهتمامكم ؟. و فوق ذلك أدت الحرب إلى غرق اليمن أكثر في مستنقع الفقر و الكوارث الاقتصادية انعكس ذلك بشكل مباشر أمام الناس حيث فقد الريال اليمني اكثر من 200 % من قيمته في الـ 5 سنوات الأخيرة حيث صار يتجاوز سعر الخروف 150 الف ريال يمني و كأنه دارس لغات اجنبية, و ايضا وصل سعر الجونية الرز الى 50 الف ريال اي مرتب موظف و لم ننظر لبقية متطلبات الغلابة, فهل هذه الموضوعات ليست في جدول اهتمامكم ام شاغلين انفسكم بتنظيرات فلسفية مملة ؟.

اليوم اذا نظرنا للواقع, سوف نجد ان إيرادات الدولة تراجعت إلى مستويات قياسية و ذلك أدي الى ارتفاع العجز في الموازنة و اثر سلباً على ميزان المدفوعات, و قولوا لي ان موضوعات العلمانية و حذاء جدي قبل 3 الف سنة و النرجسية و البطيخ اهم ؟ و لا ننسى ان مشاكلنا تتوسع فتحويلات المغتربين تراجعت و سوف تتراجع اكثر و المتوقع تتراجع الى ما بين 50 الى 70 في المائة هذا العام عن السابق بسبب كورونا و تأثيرها على المغترب, اي ان المغترب اليمني لم يعد حاله كما نحب و نطمح, و انخفض مستوى المساعدات المقدمة الى مليار و 300 مليون دولار برغم احتياج اليمن الى مساعدات سنوية تصل الى 5 مليار دولار و انهارت قطاعات الصحة حيث اضرار القطاع الصحي تقدر الى اليوم ما بين 5 الى 8 مليار دولار بمعنى هناك اكثر من400 منشأة صحية اصابها تدمير جزئي او كلي بسبب الحرب, وقولوا لي ان الحديث حول ذلك ليس مهم وانما الاهم آيا صوفيا؟. و ازيدكم من الشعر بيتا ان اكثر من 90 في المائة من المعدات و الأجهزة الطبية في المستشفيات انتهى عمرها الافتراضي و هناك الكثير من الاجهزة الطبية خارج عن الخدمة, و لكم تصور ذلك ايضا في الجامعات والتعليم الفني والمهني, فهل علينا كطبقة متعلمة نناقش ذلك ام موضوع دخلت امرأة تصلي آياة صوفيا؟.

خسائر اليمن ليست فقط فيما سبق, فهناك خسائر في قطاع السياحة الداخلية بسبب توقف سفر المغترب و الخدمات سوف تصل مابين 60 الى 70 في المائة, و حتى القطاع السمكي تأثر بسبب تداعيات الحرب و أيضا ازمه كورونا مما أوصل البلاد إلى التوقف شبه الكلي. و انقطعت مرتبات الموظفين في قطاعات التعليم و الصحة و المتقاعدين من سنوات, فكيف سوف نبني جيل و كثرة المليشيات و الصراعات و مشاريع الارتهان و تمزيق البلد و تضعف الحكومة و الدولة, و المتعلم مشغول بقشور الامور. اما في العملية التعليمية فهناك تجريف من خلال إدخال مناهج دراسية دخيلة على المقررات الدراسية المعتمدة للطلاب و إدخال تاريخ وطني مشوه, و شحن سلالي و مناطقي وحزبي و طائفي في الاعلام و المواقع يشوه الذهنية اليمنية الجامعة, فهل نحاول ترقيع ذلك ام نشغل حالنا بفلانة قالت في صفحتها الخاصة ما تريد و نقوم نستنفر كمجتمع, ليش قالت ذلك ؟

اخواني بلدنا تعاني ليس فقط بسبب الحرب و انما ايضا كون المتعلم انجرف الى معارك افتراضية دون ان يفكر انه يقدر ان يساهم في فكرة توقف الاختلال, يساهم في مشروع صدقة او بناء, يساهم في شرح معضلات البلد للخارج او في مظاهرة توقف الحرب او تدفع الراتب او تصلح مؤسسة او تحجم مليشيات او مشروع خارجي او الدفاع عن قيم.

اقلها انظروا لحالكم, و سوف تجدون لا الشرعية تاخذ كلامكم بمحمل الجد ولا الانقلاب في صنعاء و لا الذي في عدن و لا الاحزاب و لا الجماعات المسلحة. انظروا لحالكم انه تتشكل حكومات متعاقبة امامكم و كل طرف ياخذ ما يريد منها, الا انتم يبقى لكم موضوعات فلسفية و هدرة و جدال و تسلية الفيس بوك. اقلها شكلوا كيان لكم ينبثق من علمكم و طموحكم و اختلاطكم مع شعوب الارض, اقلها اذا لم تنجحوا, تعبدون الطريق لغيركم, يصلحون البلد و يسمع الاخرين صوتكم و يكون وقت فراغكم مجدي لما ينفع البلد, بدل من الانشغال بموضوعات لاشخاص قتلها الفراغ. او اضعف الايمان انفعوا اتفسكم بإستغلال المواقع للتعارف لتكوين شركات صغيرة مع الاخرين تنفعوا انفسكم ماليا.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي