ننتظر من لا ياتي!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الخميس ، ١٦ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ٠٧:٤٣ مساءً

 

قبل اكثر من ٢٠ سنة جلست انا و برفيسور الماني في كلية الميكانيكية جامعة مجدبورج نتحدث بامور عامة حيث كنت التقي به بشكل مستمر برغم انه برفيسور و انا كنت طالب. كان بطبيعته منفتح مع الاجانب و متصاحب معهم  و كنت اتناقش معه في الغالب حول مشاكل الطلاب كونه مكلف من مجلس امناء الجامعة بالتعاون معنا او بالاصح معي كوني ممثل الطلاب و هناك مواقف اذكرها معه. 

فقال بعد الدكتوراه حقه لم يجد شغل في المانيا و ظل يبحث الى ان وجد ان منظمة الداد الالمانية تريد تبعث برفيسورات او دكاترة لامريكا الجنوبية بعد ٣ اشهر كمدرسين تبادل في برامج ثقافي جامعي ممن يتحدث اسباني. و على قولته الى ذلك الوقت كنت لا اتحدث اسباني لا من قريب و لا بعيد و لم احتاجها اصلا من قبل, لكن البطالة جعلتني اوافق على ان ارحل و اجرب شيء اخر. البحث عن عمل  جعلني اكتب انني ملم بها نطق و كتابة كوني اريد عمل. و قال حسبتها انه عندي وقت ٣ اشهر و انا فارغ ليس عندي عمل و سوف اتعلمها بشكل مكثف كون لن يكتشفوا ذلك الا في بداية الفصل في بوليفيا عندما اكون في قاعة المحاضرة.  و فعلا  لم يمر اسبوع الا و اتصلت به موظفة البرنامج حق الداد تقول له انه مقبول و لم تجد ناس مناسبين في الميكانيكا الا انت, فهل تقدر تبدأ في شهر سبتمبر في بوليفيا اي بعد ٣ او ٤ اشهر؟  فقال قلت لها نعم. و فعلا كانت ٣ شهور استنفار للغة الاسبانية حسب سرده و تحرك و هاجر هناك سنتين حسب البرنامج. و بعدها رجع المانيا و لم يجد ايضا شغل و طلع معه اندونيسيا و هناك عاش سنوات طويلة و يتحدث اندنوسي و في عام ١٩٩٥ تقريبا وجد اخيرا  وظيفة برفيسور هنا في جامعتي. و كونه  كان نشيط مع العالم الثالث فقد كان اكثر طلابه من اندونيسيا و عمل برنامج منح مع الداد في تقنية  البيئة و الامان و استطاع ياخذ باتفاقية مع حكومتي المانيا و اندونيسيا  مابين ٢٠ الى ٣٠  طالب اندنوسي سنويا  و كان يحكي لنا هذه الحكايات كون كان يجد طلاب اندونيسيا لا يجدون حافز لتعلم الالماني كون برنامجهم انجليزي. 

و مختصر الموضوع لم يقف البرفيسور الالماني بعد الدكتوراه في مكانه و ظل مصمم يجد عمل هنا و انما تعلم لغة ب ٣ اشهر و هاجر, و رجع مرة ثانية و حاول و لم يوفق  وتعلم لغة ثانية اندونيسية و هاجر و معه هناك بيت و احتمال اسرة, كونه كان كثير الاقامة بها, و نحن يكون طالب دكتوراه و شباب او كبير تقول له تعلم الماني يقول لك ليس مهم كون يمكنه كتابة الدكتوراه بالانجليزي. 

اذكر انه مر امامي كثير من طلاب الدكتوراه  و لم يجدوا ذلك ضروري و بعد الدكتوراه يبحثون عن شغل فيجد كل شخص منهم ان العائق لكي ينطلق ليس الرصيد العلمي و انما اللغة الالمانية. صحيح انهم يجدون اعمال هنا بدون لغة الماني في المجالات التقنية لكن الاستمرر فيها بوجود عوائق اللغة و الثقافة و فهم اليات الادارة  تصير و بوجود اطفال واسرة  صعبة. الاختيارت تقل و مع الوقت يجد انه كبر في السن و عمله لا يرتقي ليكون مدير كونه نظر للغة الالمانية انها ليست مهمة و صاردون ان يشعر مجرد موظف عادي و ان كثر مدير لمشروع و ليس  مدير لشركة او قسم فيها. 

لذلك نصيحتي كانت اقتطع وقت لتعلم لغة اجنبية مهما كلف الثمن فلو تأخرت في الدكتوراه سنة بسبب تعلمك للغة اجنبية متينة تكون انت الكاسب و تفتح لك سوق جديد و اختيارات, تعلم مهارات و اشغل نفسك بها. ليس مهم يكون معك عدد كبير من الابحاث ولا تقارن نفسك بغيرك لكي ترتاح بقدر المهم ان يكون معك مهارات مختلفة تدفعك الى حرية الاختيارات. 

و اليوم اقول اخي و اختي الدكتوراه ليس قالب حجري يمنعك التغيير و انما يجب ان تكون صنعت في تفكيرك قدرات و مهارات تلائم اي وضع و تجعلك تنجح و تمتاز بما تعمل و تصنع مقارنة بغيرك فرق. ليس مهم ان تقنع نفسك انك متخصص بهذا المجال و تريد فقط شغل به مهما كلف ذلك من سنوات انتظار, و انما مهم استيعاب فكرة ان التغيير يعتبر حياة جديدة و ممتعة ودون الدخول في معمعة التغيير لخوفك من التضاريس الغير معروفة هو ما يوقعك في المصيدة للاخفاق,  بمعنى دون التغيير سوف تصل الى التقوقع و الانعزال و جلد الذات,  وذلك ما نطلق عليه الاسطوانة المشروخة اي بمعنى الحديث ان الوضع و الظروف و محاربتك و عائق المال و الصراعات و غيره هم سبب تعاستك.

لذا عندما تعيش حيـاتك مع اسطوانتك المشروخة كنت في السابق مهم او درست او كنت افضل دكتور او مدير فأنت لا تعيش التعاسة بمفردك بل تؤثــر سلبا على كل شخص يظهــر في حيـاتك خصـوصا الذين ارتبط قدرهم فيك. تذكر انه لا يهم ما الذي حدث لك في ماضيك و ما هي مؤهلتك و منصبك  بقدر المهم ما تستخلصه من موارد و قدرات و دروس لتحدث تغيير جوهري في حياتك القادمة تعتق الناس بعدها من سماع اسطوانتك المشروخة. مهم تبدأ من الصفر حتى و ان كتت في القمة و ارتكست ابدأ ثانية من الصفر بلا أي حرج, و اذا كنت تريد الرحيل تعلم و ارحل اي هاجر, فهناك نساء وصلنا من سوريا و صنعاء و افريقيا الى المانيا عبر ٧ او ٩ دول و نوم في غاباتها و اسابيع رحيل من تركيا و منها من منطقة لمنطقة كون في راسهن هدف. فالناجحون مقتنعــون أنهم الذين يخلقون ظروفهم بأنفسهم , فكن واحد منهم و اذا كنت تخاف الفشل  سوف تنتهي اليه بسبب رفضك التغيير, فننتظر من لا يأتي و يأتي من لا ننتظر.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي