الشعب اصل السلطة

د. فائزة عبدالرقيب
الثلاثاء ، ٢٨ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ١٢:١٤ صباحاً

وكأن الانكسار يسكن ثناياك يا عدن، لم يعد بوسعه ان يصبر اكثر على ما حل بك، سنوات وسنوات وانت تدفعين ثمن نزق قياداتك وعربدة وسطوة المنتفعين منهم. وكأنهم بهذا يقولون لا مفر لك ايها الشعب الذي خولتنا السلطة، فأنك ان لم تمت بسبب كورونا والاوبئة او اذا ظليت صامدا امام الفقر وغياب الخدمات و انقطاع الماء والكهرباء بالساعات والايام او حتى ان واجهت غضب الطبيعة وهدير امطارها التي عصفت بالمدينة وباتت قرية مدمرة يتناثر فيها بقايا حطام ودمار حرب ورعد وامطار، الا اننا نعلمك بأننا مصرين وسوف نجهز عليك وعلى ما بقي في مدينتك  بالاقتتال وسوف نخوض حرب شوارع أهلية ولن نرضى بغير ذلك فأما نحن او الطوفان. 

هذا هو الحال الذي اصبحت فيه وعليه عدن واهلها، عدن المدينة الجميلة قبلة الخليج والجزيرة، ومنارة العلم والثقافة والفن والادب في ذلك الزمن الذي حكمها من غير بني جلدها، اما اليوم فهي تشهد الرمق الاخير من التلاشي بسبب المد والجزر لساساتها وعسكرها وكأن قدرها ان تكون جوهرة بيد فحام.

عدن اصبحت مدينة منكوبة بكل المقاييس الانسانية والطبيعية وقياداتها ليسوا في غفلة من ذلك ولكنه الاصرار الاعمى على السلطة وعدم التنازل والتوافق بما هو ممكن لإنقاذ الشعب الذي هو اصل السلطة. 

بكل اسف نجدهم منغمسين في التبعية للخارج منكفئين على ذاتهم وهو الامر الذي يدركه الجميع، بان ما يحدث هو نتاج للمصالح الإقليمية والدولية التي جعلت من القوى الوطنية والاطراف المتصارعة في حالة تبعية وعجز وشلل وان صراعهم على السلطة باسم الشعب المغلوب على امره يصب في مصلحة مستعمر جديد جاهز و على اهبة الاستعداد بان يكون فيها هو السلطة الحقيقية و الفعلية وتكون فيها الاطراف المتصارعة هي الواجهة لذلك المستعمر ليس الا، تابعة له، تنفذ اجندته كما يريد بينما ابناء الشعب الموالين لهذه الاطراف مغرر بهم ومستبعدين عن الكثير من الحقائق والخفايا، يزج بهم في اتون حرب، الكسبان فيها هو الخاسر الاول لأنه سوف يواجه مستقبلا داميا تتضاعف فيه الاحقاد والضغائن وتتضاءل فيها فرص استعادة السكينة وتعزيز اللحمة المجتمعية وتحقيق حلم الوطن المنشود والدولة المدنية الحديثة. 

على الرغم من ان الجميع يدرك ان هذه الحرب مفروضة على اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص، الا ان الحكمة و لغة العقل غائبة أو مغيبة لانه من غير المتوقع من اي عاقل ان يريد الموت والقتل لأهله واصدقائه وجيرانه وان يكون اداة بيد غيره، كما أنه من غير المعقول ان يقبل اي مواطن واعي سوي بان يقاتل مع اي طرف كان ليحرق بلده ويفني شعبه باسم السلطة.

علينا ان ندرك بأن من يمول ويقف وراء هذه الحرب وحول بلادنا وشعبنا ساحة و وقودا لها هي دول استطاعت  ان تجعل من الأطراف المتصارعة اما صامتة او تابعة وموالية لها وسوف تجعلها يدا طولى تحكم باسمها وتمكنهم من  نهب خيرات ارضنا والسيطرة على الموقع الاستراتيجي العالمي للجنوب.

علينا ان نرى الحقائق  مجتمعة والا نضيع الوطن والشعب بعذر كاذب تحت مسمى الصراع من اجل السلطة والا تعمى اعيننا وتفقد بصائرنا والا تخدعنا تلك الدول  وان بدت لنا بزي الملاك أو بهيئة عيسى عليه السلام ..

لتكن هذه الحرب قد فرضت على كل الأطراف ولتكن هذه الأطراف قد اختارت مواقفها بناء على قراءات و وقائع جعلت هدف  السلطة هو الحق الذي تجيره  لصالحها ، فهل يعقل أن تكون هذه السلطة محرقة للشعب وهل نسي الجميع ان الشعب هو اصل السلطة وهو من يمنحها الشرعية وهو من يدعمها ويؤازرها وبه تبنى الأوطان، لذلك على كل قائد ومناضل حر وشريف أن يراجع حساباته وان يختار اما الوطن والشعب أو السلطة والتبعية والعار.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي