الغرب تعلم و سوف يتغير فهل نحن نقدر نتعلم و نعقل!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الأحد ، ١٢ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ٠٨:٥٨ صباحاً

هذه الايام و الاسابيع نعيش مرحلة استثنائية في عصر جائحة الفيروس, فهناك الكثير من يموت في العالم قبل الأوان و هناك من يقدم الكثير من التضحيات في حماية المجتمع او اسرته و هناك من يعيش قلق الوظيفة او الاصابة او فقدان الثروة او انتهاء القدرة التجارية والمالية في الغرب, لكن المؤشرات ليست بتلك القتامة, التي يتصورها البعض من انهيار الأنظمة المالية العالمية و الاقتصادية أو الاتحاد الأوروبي, مثلا بمعنى ذلك لن يحصل و لأسباب عديدة وضحتها من قبل, لكن ما هو مهم الان, ماهي الدروس, التي تعلمها الغرب حسب مؤشرات التعاطي السياسي و الاعلامي حاليا, و كيف سيتغير, بعد هذه الجائحة؟.

الدروس كثيرة و المؤشرات تقول ستنتهي الأزمة و سوف ننطلق بثقافة و فكر اخر افضل من قبل, و لا مجال للمقارنة مع الأوبئة الكبيرة مثل الأنفلونزا الإسبانية أو الطاعون لاسيما مع مستوى معرفتنا العلمية و التقنية العالي و انظمة الصحية المتطورة و التواصل المعرفي و المعلوماتي و الاجتماعي الافتراضي، بمعنى استخدام الأنفلونزا الإسبانية من الكثير في المقارنة هنا غير منطقي و انهيار الراسمالية الغربية ايضا غير منطقي حيث و العالم إلى اليوم مطوبر امام مؤسسات الراسمالية الغربية تريد قروض لمواجهة كورونا واثارها الاقتصادية. و مختصر الاخبار و التقارير تتحدث عن حراك بشري مكثف في وقتنا في الغرب و انفاق فلكي على شركات خاصة من المال العام لينطلقوا بسرعة للبحث عن علاج و لم أتحدث عن الصين أو جنوب شرق اسيآ, من اجل ايجاد لقاح او علاج, و الموضوع مجرد وقت. الاخبار ايضا تتحدث عن حمل القطاع الخاص المتضرر و لو كلف مئات المليارات, و الاخبار ايضا تتحدث تحمل البنك الاوروبي للفاتورة في دول الاتحاد وتخفيف حدة الاثر و غيرها من اجراءات, الاخبار ايضا تتحدث عن ارتفاع البورصات بشكل مستمر منذ ١٠ ايام مع عودة عجلة الانتاج خطوة خطوة مع نهاية الاسبوع القادم و من المتوقع أن تعود ألمانيا على سبيل المثال إلى طبيعتها حتى قبل الصيف مع بقاء تغيير في الحياة الاجتماعية والتباعد كثقافة جديدة.

هنا نفهم ان جائحة كورونا كانت صدمة ولم يتوقع احد قوة ذلك ولكن اجدها صحية للاقتصاد والصحة والمستقبل أمام أي كارثة قادمة، و كما تتحدث التقارير و الاطروحات السياسية المختلفة لاسيما و الجائحة أثبتت حقيقة أن المواد الطبية الواقية المهمة لم تعد تُصنع في ألمانيا و الاتحاد الأوروبي و كان البحث عن نقل الانتاج الى دول رخيصة من اجل الادخار مجرد فكرة جنونية لا تخدم الامن القومي الاوروبي. اكيد في النظام الرأسمالي و مفهوم القرية الكونية يفهم أن هناك ضغطًا دائمًا على التكلفة في قطاع الصحة بحيث تكون المنتجات و الخدمات رخيصة في متناول الجميع ، لكن مستقبلا لن يعتمد الاتحاد الاوروبي او الالمان مثلا على دول أخرى في هذه القطاعات و حتى في قطاعات أخرى سواء في الزراعة أي في هذا المحور سوف يحصل تغيير جذري قادم حيث الفاتورة للجائحة أهلكت ما ربحته الراسمالية الغربية بأضعاف .

الدرس الآخر من جائحة كورونا هو ان أوروبا تحتاج لحماية اقتصادها بشكل أفضل مستقبلا لاسيما و من يراقب البورصة و الأسواق الغربية المختلفة يعرف ان هناك العديد من الشركات فقدت بشكل كبير قيمتها و أصبحت فريسة سهلة للمشترين الأجانب، و هنا سوف يرسم الاتحاد الأوروبي و حتى الدول بالمفهوم الوطني جدران حماية بحيث لا يتم شراء الشركات , التي تم تطويرها على مدى أجيال أو دعمتها الدولة بالمليارات و هذا من وجهة نظري منطق طبيعي بعد كورونا حيث ان السياسيين الذين يؤمنون بالسوق مثل وزير الاقتصاد الفيدرالي يتصرفون وفقًا لذلك. بالإضافة إلى ذلك ارتفع الإدراك في بروكسل بأن اقتصاد السوق الحرة بعد كورونا يجب أن يخدم المجتمع و ليس العكس أي لن يظل المجتمع يتحمل عواقب كل كارثة قادمة لحماية الرأسمالية أو السوق الحرة.

ايضا من الاخبار الناجمة عن كورونا ان الغرب سوف يعيد التفكير في قيمة الصحة و هذا الان محور برنامج انتخابي للجميع ويهم العامة والمجتمع الان ، حيث كانت ظروف عمل الأطباء و الممرضات مع المسنيين مشكلة لسنوات و لكن لم يسبق أن اهتم بها الكثير من الناس حيث كانت العيادات غالبًا مكتظة بسبب قلة الأطباء وكثرة العجزة وكل ذلك بسبب ترشيد النفقات لأن القليل جدًا من الموظفين يضطرون إلى رعاية الكثير من الأشخاص. الأمر نفسه ينطبق على دور التقاعد. و هذا الحال سوف يتغير الان. ايضا عاد التوازن النفسي للاشخاص و الاسر بعد ان حولتنا الراسمالية لمكائن عمل لم نفكر قبل جائحة كورونا اننا نحتاج للعلاقات وحياتنا الاجتماعية المختلطة.

ايضا جائحة كورونا سوف تعمل على تحديث ألمانيا برغم انها منذ ٥ سنوات تجدد نفسها و مدنها من بنية تحتية الى خدمات حديثة, حيث عندما تنتهي هذه الأزمة ستكون ألمانيا دولة أكثر حداثة في مجال الرقمنة بعد أن كانت الناس تتوجس قلق من إعطاء معلومات أو بيانات أو التعاطي مع برامج انترنيت للتواصل والعمل. فعلى سبيل المثال سوف يستمر الان المكتب المنزلي بما يعني عدم فقدان الإنتاجية في العديد من الصناعات وهذا شيء جيد لتخفيض التكاليف والاسرة والبيئة و مكسب للتوازن بين العمل و الحياة . ايضا كورونا و الاعمال من المنزل وعدم السفر سوف يفيد أصحاب العمل أيضًا كما اظهر أن العديد من رحلات العمل غير ضرورية على الإطلاق. و ينطبق هذا على على الرحلات الجوية قصيرة المدى التي تتلف المناخ و وصلت الرقمنة في النهاية إلى المدارس أيضا وصار محتوى المنهج موأرشف رقمي كما أن الطلاب تعودوا على التعامل مع ذلك في خلال اسابيع.

و أيضا لم يتصور أي شخص أن المجتمع الغربي يمكن أن يلتزم بقواعد حجر وحركة تشبه وضع حالة الحروب تحت فقط مبدأ الشفافية و دون عسكرة أو مراقبة و هذا من المثير للإعجاب لاسيما و ان مقدار الجهد و القيود التي فرضها هذا المجتمع على نفسه تعتبر من وجهة نظري اختياريا و كانت كثيرة وفرضت في ايام لاسيما عندما يتعلق الأمر بالكل أي بالمجتمع بالمفهوم الشامل. و هناك العديد من الدلائل على أنه يمكننا الاستمرار في استخدام هذه التجربة بشكل إيجابي أي اختياري مع مجتمع مدرك في المستقبل في أشياء اخرى, لأن النضال الفعلي من أجل وجود الجنس البشري لا يحدث في النضال مع جائحة كورونا أو غيرها فقط, ولكن في مكافحة الاحتباس الحراري والتلوث البيئي السريع و المفرط كما يتحدث اصحاب البيئة, و الذي كانت كورونا بدية المسلسل اذا استمر البشر بتدمير محيطه. و اكيد لن نخرج من الجائحة دون جعثثة أي بمعنى دون ارتفاع البطالة او افلاس شركات الصغيرة او استنزاف مدخرات الغلابة أو ارتفاع الأسعار أو تضخم لكن لكل درس ثمن, فما ادخرته المانيا في ١٠ سنوات من وجهة نظري من فائض الميزان التجاري تنفقه الان لتغلب على اثار كورونا. هذا هو مختصر دروس ما يفكر به عقول الغرب بصوت عالي امام المتابع لهم وامام مجتمعهم بمعني تفكير يشبه إرشادات السلامة في الطائرة.

ومن هنا يتعلم الغرب و يتجدد من وجهة نظري و يشق طريق جديد و يصحح الاخطأ ليستمر وسوف يستمر و يبقى السؤال, ماذا سوف نتعلم نحن شعوب المنطقة و خاصة اليمن؟ ماذا سوف نورث ابنائنا من نتائج اعمالنا و من تجاربنا في هذه الحياة؟ لماذا لا نطمح كشعوب عربية يكون لنا كيان مثل غيرنا اقلها نفكر أن لا نكون في قسمة احد، فنحن امة من ٤٠٠ مليون نسمة تقريبا وامة شابة وبعدنا مجال إسلامي و منافذ لأسواق لاثنين مليار نسمة مع ثروات لاتنتهي اقلها نستفيد من الاستقطاب والصراعات القادمة بعد كورونا لنشكل سوق خاص بنا دون أن نصير تكميلة عدد فقط

الحجر الصحفي في زمن الحوثي