الحقيقة المرة ...مارتن وشرعنة الجريمة

محمد قشمر
الخميس ، ٢٠ فبراير ٢٠٢٠ الساعة ٠٨:٣٧ مساءً

طالعنا الإحاطة التي قدمها مارتن جريفت الى مجلس الأمن، والتي اعتبرها الكثير من المتابعين للشأن اليمني انها سعيٌ حثيث لشرعنه الانقلاب الحوثي الذي بدأه المبعوثين السابقين لليمن بطريقة ٍ أو بأخرى . 

لن أتطرق لطريقة شرعنة الانقلاب من قبل جمال بن عمر ولا من ولد الشيخ لأن المتابع العادي يستطيع أن يكتشف أن أسلوب إدارة عملية السلام التي وجدوا من أجلها كانت تحمل ابعاد واضحة الملامح لتلك الشرعنة.

مارتن جريفت اتى ليكمل المشوار، لكنه كان صاحب نفوذ اقوى، هو البريطاني الذي ينتمي للدولة العظمى التي تدير الملف اليمني، والتي تحاول فرض السلام الذي تراه والذي لا يمكن أن يكون إلا بوجود الحوثيون كقوةٍ عسكريةٍ وسياسية .

كان من ضمن الرسائل التي وضعها مارتن في الإحاطة انه لا يمكن أن يقوم سلام مع وجود قرارات دولية بشأن اليمن تدعو الحوثيين للإنسحاب من المدن او تسليم السلاح الذي نهبوه واستولوا عليه من الجيش اليمني وخصوصا ً القرار الدولي 2216 ، وهذا الأمر قد يقود لإلغاء او تعطيل بقية القرارات الدولية بشأن اليمن خصوصا ً ما يخص الجانب الانقلابي . 

لا يمكن أن يكون هناك سلام شامل مع ووجود التمترس خلف القوة العسكرية التي بيد الحوثيين ، لكن هذه النقطة لم يعرها المبعوث الدولي أي اهتمام ولهذا كان مندفعا ً ومصمما على ما اسماه الدخول في مفاوضات ومشاورات سلام بدون شروط مسبقة ، لان اهم الشروط التي ترتكز عليها الشرعية هي التمسك بالمبادئ الثلاث والمتمثلة بقرارات مجلس الأمن ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية. 

الإحاطة المارتينية تحاول أن تكسر الشرعية، بل انها تحاول ان تؤكد للمجتمع الدولي ان الشرعية لا تملك الكثير ، والحقيقة المرة ان الإحاطة التي قدمها السيد مارتن والتي أكد من خلالها ان قوات الجيش الوطني والتحالف غير قادرين على حسم المعركة عسكرياً ، والحقيقة المرة ان المبعوث الدولي يؤكد للمجتمع الدولي امتنانه (لأنصار الله ) لتفانيهم في احداث سلام لم يشعر به أحد غير مارتن جريفت .

الحقيقة المرة ان المبعوث الدولي ومن وراءه بريطانيا جعلوا من اليمن أداة تفاوض جديدة مع إيران التي تعبث بالمنطقة بإذن أوروبي مخجل ، كما ان الحقيقة المرة ان المواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الانسان أصبحت أيضا جزء من اللعبة التي يديرها المبعوث الدولي لفرض سلام يقوم على القمع الفكري والروحي وقمع الحريات، مما يؤكد مجددا ً أن الديمقراطية والحقوق الحريات ليست بمأمن طالما وانها أصبحت سلعة يستخدمها الغرب بالطريقة التي تحقق مصالحهم. نحن مع السلام قلباً وقالباً، ولكن الكل متأكد أن السلام الذي سيأتي عن طريق بريطانيا ومبعوثها مارتن لن يكون سلاماً حقيقياً يبحث عنه اليمنيون، ولكنه سلام يخدم الإرهاب والمصالح المرتبط بها، والتي تعتبر مصالح عابرة للقارات ومتجاوزة لكل القيم الإنسانية.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي