من علامات إنجاح  اتفاق جدّة..!.

د. علي العسلي
السبت ، ١٩ اكتوبر ٢٠١٩ الساعة ١٠:٥٨ مساءً

لا شك إن ما قيل،  وما سيقال عن اتفاق جدة  الشيء الكثير من الكلام والتحليل والاستنتاجات ، ولكن دعونا  في هذه اللحظة التاريخية ترك المأخذ والانتقادات على بنود الاتفاق والاطراف التي ستوقع عليه بالرغم  من انه يمكن القول الكثير حول ذلك، والاستفهامات وعلامات التعجب في هذا الشأن كثيرة ؟! ، خلونا إذاً نذهب معاً لنفتش عن نقاط إيجابية تساعد في إنجاح اتفاق جدة كمقدمة لاتفاق شامل ينهي الوضع المأساوي الحاصل  بعموم اليمن.. إذاً.. لنكون إيجابين في التعاطي مع ما جرى ويجري في جدة السعودية ، نفتش معاً على أي معطى إيجابي، وفي ظني أن أول معطى هو ظهور المملكة كحاكم ومسيطر لسوق التحالف والشرعية والفصائل التي أنشئت خارج نافذة السلطة الشرعية، فهناك علامات مضيئة تلوح في الأفق متمثلة  بالإشراف  العملياتي (الميداني) للمملكة في تسلم المعسكرات والموانئ  والمطارات، واعادة الهيكلة للجيش والأمن، والترتيبات الأمنية تمهيدا لعودة الوزراء  ومجلس النواب، وعودة فتح السفارات بالعاصمة المؤقتة عدن، هذه علامات صحة، واستبشار باستعادة الدولة والشرعية، مثل الذي يحدث بعدن ومطار عدن يهتدى  به للنجاح المنشود أو المؤمل من لقاءات جدة المستمرة ؛ فباعتقادي أن من العلامات المضيئة ايضا ، ومن المؤشرات الدالة على إنجاح  اتفاق جدة  المزمع توقيعه قريبا هو تنفيذ تفاصيله  قبل أن يوقع.. ألا يعد ذلك  إنجاز حقيقي للمملكة ملكا وحكومة؟!؛ 

.. إن المملكة قد واضعت كل ثقلها لاجتماعات جدة  بأمرائها وديوانها الملكي، حيث يعملون ليل نهار و بهدوء تام مع أطراف الشرعية والانتقالي، ومتحكمين بالمسار وضابطين الأمور، ومنعوا أي  تسريبات طيلة الشهر والنصف الذي أقضى الأطراف اليمنية فيه حواراتهم وتشاورهم، وفي طرح نقاط وقبول المراجعة لها وتصويبها، فيعدلون ويعترضون ويتحفظون ، والحقيقة أن التزام الأطراف اليمنية  بما طلب منها في أن يكون التفاوض بسرية تامة، لدليل على الجدية والرغبة في الوصول لحلول، لا لتسجيل مواقف ونقاط واهداف على بعض.. إن التزامهم بذلك قد منحهم مصداقية فيما بينهم؛ وفيما بينهم وراعي المشاورات المملكة العربية السعودية بملكها وولي عهده الامير محمد بن سلمان، والأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع الذي يقال انه أدار ببراعة  تفاصيل الحوارات والمشاورات فيما بين الأطراف التي يفترض أن تكون في صف واحد ضد الانقلاب ..

نعم! اقترب اليمنيون من قطف  ثمرة اتفاق جدة..!؛ فعمّ قريب سنسمع ما يثلج الصدور بعودة  الشرعية بمؤسساتها لعدن ومن ترتيبات أمنية مغايرة لما  كان سائدا قبل استيلاء الانتقالي على المؤسسات بعدن  ، وكل ذلك بفضل الله وجهود المملكة العربية السعودية التي بذلت ولا تزال تبذل ؛ فهي تذلل كافة الصعوبات والمعوقات، كي تعطي مثالاً يقتدي به في الحوارات والتوصل لأشياء كبيرة بعيدا عن لغة القوة واستخدامها؛ والتي لا تجلب الا الدمار والقتل والنزوح والفقر والعداوة المستمرة ..!؛ 

.. إن ما نتأمله ويأمله الشعب اليمني من نجاح  من حوار جدة بين الشرعية والانتقالي وبين التحالف، والذي يلوح  في الأفق التوصل إلى لملمة صفوف الشرعية وتوحدها، وتصويب المسار واصلاح ما اعوج أو انحرف في الفترة الممتدة لخمس سنوات خلت، وما تخلله من سلوك وتصرفات  عملت على اعاقة الشرعية من  القيام بمهامها وواجباتها من بعض القوى العسكرية التي تشكلت بدعم من بعض دول التحالف، فاستفاد من هذه الإعاقة فقط المنقلب الحوثي ، اتفاق جدة شخص هذه الجزئية وأراد توحيد الجهد والقوة، بتجميع القوى والقوة  صوب الهدف المعلن والغائي وهو إنهاء الانقلاب؛ وهذا الفهم وهذه الرؤية تُعد من علامات نجاح اتفاق جدة ، وبالخلاصة فاذا ما  أردنا أن ننتصر وننهي الانقلاب، فلابد من تصحيح العلاقة بين  الشرعية وبعض القوى التي تدعي مؤزرتها و مناصرتها من القوى السياسية والتشكيلات المسلحة خارج المؤسسة العسكرية  من جهة، وتصحيح العلاقة والرؤية  المختلة  فعلا بينها وبين بعض دول التحالف، أي تصحيح المسار، و إيجاد علاقة تكاملية لا تصارعيه بين كل هذا اللفيف المؤيد للشرعية  وبين التحالف، ولابد من الاتفاق على رؤية واضحة ومحددة لتوحيد الجهود لإنهاء الانقلاب، ولعب الأدوار..!؛

وأعتقد أن اتفاق جدة هو نتيجة عملية لمعالجة كل تلك الاختلافات التي شابت المرحلة السابقة .. هذا هو ما نأمله من أن يتحقق من حوار جدة وبنود الاتفاق المتوصل إليه والقاضي بإنهاء التمردات وتوحيد الجبهة باتجاه إنهاء الانقلاب، والعمل على تأخير الخلافات البينية في صف الشرعية إلى ما بعد انهاء الانقلاب واستقرار الأوضاع بعد استعادة الدولة والشرعية معاً والعبور إلى الضفة الأمنة..!؛  .. كذلك من المعطيات والمؤشرات الدالة على إنجاح اتفاق جدة هو أن المملكة هي من صارت بيدها كل الملفات وهي من تشرف حاليا على ترجمة ما هو مكتوب في مسودة الاتفاق عمليا على الأرض .. بحيث لو واجهت بعض النصوص صعوبات معينة أو فهم مخالف، فهي من تقوم بالتفسير والفصل، بحيث لا تكون هناك مشكلة بعد التوقيع..!؛  ومن العلامات الدالة على إنجاح اتفاق جدة، هو قوة حجة ومنطق  وموقف فخامة الرئيس هادي  من  أحداث عدن الأخيرة، والتي أسفرت  بتوجيهاته السديدة باستيعاب النخبة الشبوانية كمساهمة منه في الحل في تشكيلات الجيش، وطلبه من اشقائنا في المملكة اقناع الامارات بالتراجع عن دعم مليشيات خارج القانون، وهي التي أتت لمعاونة السعودية في التحالف لدعم  الشرعية ضد من انقلب عليها، وهي تشبه الانتقالي.. فما الفرق إذا؟ نفس القوة الخارجة عن القانون ، كذلك كما اعتقد  أنه طالب الآخوة في المملكة بالضغط على الامارات  لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليها قبل احتلال المؤسسات والسيطرة عليها من قبل المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا ..

إن  حرص الرئيس على الحوار والتفاهم هو ديدنه الدائم، فهو يرحب به، شريطة أن لا يخل ذلك  بالمرجعيات  و بشرعية التحالف في التدخل، ولقد حاول فخامته باستمرار إيضاح وتوضيح  أن التمرد يساوي الانقلاب في المحصلة، هذا المنطق السوي اعتقد  هو متفهم من قبل قادة المملكة، وعليه هاهم يعالجون الأوضاع الذي حصلت على الأرض بالآونة الأخيرة في اجتماعات جدة، ولا شك أنهم لن يسمحوا  بشرعنة مليشيات خارجة عن القانون، لأنه لو تم شرعنتها فإن ذلك سيؤثر على شرعية تدخل التحالف الآتي اصلا لمساعدة الشرعية من قوة خارجة عن القانون استخدمت القوة وانقلبت على الشرعية في العاصمة صنعاء،

وكل المبررات التي سيقت للتدخل معروفة ومفهومة، معتبرة ومقدرة ، وهذا يعني أنه لن يسمح ايضا لمليشيات تنتهج نفس نهج الحوثين، فلو سمح بذلك لفقد التحالف شرعية تدخله، وسيصبح التحالف لا شرعية له اذا مرر للانتقالي ما يريدون ..!؛ختاماً نبارك للأخوة في المملكة العربية سعودية نجاحهم و مسعاهم في التوصل لتوحيد أنصار الشرعية والتحالف باتجاه هدف محدد هو حشد كل الطاقات الممكنة  في سبيل إنهاء الانقلاب والعودة بالشرعية للعاصمة صنعاء .!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي