تونس .. الشعب يريد

د. سمير الشرجبي
الثلاثاء ، ١٧ سبتمبر ٢٠١٩ الساعة ٠٧:٢٧ صباحاً

في قرأة سريعة لنتائج التصويت في الدور الاول للانتخابات الرئاسية التونسية المبكرة والتي خاضها 26 مرشح بينهم امرأتين إحداهما محامية والأخرى سيدة أعمال بينما المرشحين الرجال تنوعت خلفيتهم المهنية فكان منهم رئيس جمهورية سابق ورؤساء حكومة سابقين ورئيس برلمان ووزراء ورجال أعمال وقضاة ومحامين واكاديميين وأطباء ومهندسين عكسوا بهذه الفيسفيساء خصوصية تونس وطبقتها السياسية بخلفياتها الواسعة والمستوى التعليمي العالي. سباق الانتخابات الرئاسية في تونس هو الثاني بعد ثورة 14 يناير 2011 التونسية والتي أسقطت في الأولى منها الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي الذي خاض الانتخابات بعد أن وصل إلى رئاسة الدولة على غفلة من التاريخ وبدعم جماعة الإخوان المسلمين في تونس المتمثلة بحركة النهضة ودوائر التنظيم الدولي للاخوان في أوروبا وتركيا وقطر .

الشاهد ان التصويت في الدور الاول للانتخاب الرئاسية  المبكرة التي جرت في ال15 من سبتمبر 2019 على إثر وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي شهدت من وجهة نظر المراقبين تراجع ملحوظ في نسبة الإقبال لحوالي 20% عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة حيث لم تتعدى نسبة المصوتين نسبة 45% بينما كانت نسبة الإقبال في الانتخابات الرئاسية السابقة حوالي 65% وعزى ذلك المراقبون في ان الشعب التونسي مل من الطبقة السياسية التي شاركت في الحكم بعد الثورة أحزاب وسياسيين حيث كان الأداء مخيبا للامال. 

في المقابل كانت هناك حركة واسعة لدعم مرشحين مستقلين لم تتلوث أيديهم ولا سمعتهم بالفساد وكان من أشهرها المرشحين الصافي سعيد وقيس سعيد حيث حضيا هذين المرشحين بتأييد المثقفين والثوريين والقوميين والشباب التونسي المتطلع لحرية تونس واستقلال قرارها السياسي والباحث عن دولة النظام والقانون وتكافؤ الفرص والاستغلال الأمثل لثروات تونس والدفع بها في مشاريع تنموية كبيرة تقضي على البطالة وتمنح تونس دور إقليمي وعربي ودولي أكبر  وهو ايضا تصويت واضح ضد الطبقة السياسية الفاسدة بكل أشكالها وبالذات جماعات الإسلام السياسي وأدوات النفوذ الأجنبي في تونس لفرنسا وتركيا وقطر وإيران. وفعلا انت نتائج التصويت في الدور ليحصد المرشح المستقل الخبير الدستوري والأكاديمي في القانون الاستاذ الدكتور قيس سعيد الذي خاض السباق بدون تمويل ولا إملاء وبجهد ذاتي منه ومناصرية وبدون إعلام ممول والذي اختار شعاره الانتخابي (#الشعب_يريد) ليكون تعبيرا عن ارادة الشعب ويحصد أعلى الأصوات ويحل في المرتبة الأولى بحوالي 19% يليه رجل الأعمال  نبيل القروي الموقوف على ذمة اتهامات بالفساد والتهرب الضريبي ب15% ويحل مرشح جماعة الإخوان المسلمين الرسمي رئيس البرلمان بالنيابة عبدالفتاح مورو بالمرتبة الثالثة بنسبة 11% وحصد المرشح المستقل الاخر الصافي سعيد على حوالي 7% بينما خسر مرشح الإخوان (الاستبن) المنصف المرزوقي على حوالي 3% وهي نتيجة مخزية لرئيس جمهورية سابق وصل إلى سدة الحكم كما قلنا في غفلة من التاريخ .

هكذا نجد أن تونس التي أشعلت ثورات الربيع العربي والتي ركبت موجتها حركة الإخوان المسلمين ووظفت كل إمكاناتها المادية والإعلامية والبشرية بهدف إقامة دولة الخلافة المزعومة ابتداء من تونس لتتراجع من مصر بعد ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013 وتوقف تقدمها في الاقطار العربي انتهت باسقاط نظام البشير الاخواني في السودان بثورة الشعب السوداني بعد اكثر مت  ثلاثون عام من الاستبداد والقهر الإخواني.  من تونس اليوم أيضا تسقط الجماعة وتهوى إلى القاع رغم لبسها لقناع المدنية الزائف واستخدامها للمرأة كسلعة ترويجية للانتخابات وسر الرماد على العيون عندما يخسر مرشحها مورو و (الاستبن) المرزوقي وتفتح الابواب على مصراعيها للمرشح الوطني المستقل المعبر عن نبض الجماهير التونسية والحامل لحلمهم لقيام تونس تنموية حرة مستقلة. نتمنى من كل قلوبنا ان يعزز الشعب التونسي هذا الاختيار الثوري ويصل المرشح قيس سعيد لرئاسة تونس وتقدم تونس نموذج آخر ودرس آخر من الديمقراطية الحقيقية التي يمكن تحقيقها فقط عندما تكون الشعوب اكثر وعيا وثقافة وحرية وتمنح هذه التجربة شباب امتنا العربية امل جديد بعد دمرت أحلامه واماله جماعات الإسلام السياسي الإرهابية الطائفية والمذهبية بدعوى تحقيق دولتي الخلافة التركية والولاية الإيرانية.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي