الإمارات أحلام السيطرة وجنون العظمة

عبدالناصر العوذلي
الجمعة ، ٢٣ أغسطس ٢٠١٩ الساعة ٠٨:٠٢ مساءً

المملكة هي الدولة المحورية في الجزيرة والخليج وهي رائدة وقائدة التحالف العربي  وانطلقت في تكوينها التحالف من خلال أستغاثة الرئيس هادي  رئيس الجمهورية اليمنية واستمدت شرعية الحرب على الحوثيين من خلال هذه الشرعية والتي تعطيها الذريعة أمام المجتمع الدولي وأصبحت المملكة هي المهيمن على مجريات الأحداث  وسير العمليات العسكرية   وهي الداعم الرئيسي للشرعية من أجل القضاء على المشروع الصفوي الفارسي المستوحى من حوزات إيران  والذي ينطلق من خلال المطية الحوثية 

حرب المملكة في اليمن هي حرب مصير  فوجود جماعة مؤدلجة بالفكر الشيعي المتطرف بجوار حدودها أمر خطير يقوض أمنها واستقرارها وقد قرأت المملكة هذا السيناريو المخيف على الحدود الجنوبية لها منذ أن سيطر الحوثيين على صنعاء  وسيطرتهم   على سلاح الجيش اليمني حيث أصبح هذا السلاح السيادي  في يد جماعة  أظهرت عداءها لمحيطها الإقليمي وبدأت أول مناورة عسكرية لها في صعدة  بذلك السلاح في 2014 في إشارة واضحة لدول الجوار  ورسالة أوضح مفادها أن إيران قد أصبحت على الحدود الجنوبية للمملكة مدعومة با الجيش اليمني وسلاحه السيادي  الذي  أصبح يشكل خطرا على المنطقة برمتها  ومن هنا أدركت المملكة الخطر  .

 انطلقت المملكة بعاصفة الحزم مستندة على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وكانت الإمارات إلى جانبها  والتي هي من ضمن دول التحالف وتسير في ركب المملكة على وهج هذه الشرعية لكنها لم تدخل التحالف العربي من أجل عيون هذه الشرعية ولا من أجل معاضدة المملكة بل لقد كان  للإمارات برنامجها الذي أعدته بعناية فائقة ورسمت له السيناريو الممنهج،  لكنها في الأول والأخير دولة هامشية في ظل إحكام المملكة السيطرة على الأحداث وإدارة العمليات العسكرية،.

قررت الإمارات  أن تصنع لنفسها جذور تبقيها على مسرح العمليات خصوصا أن لها مشروع لم يكتمل وبقائها على هامش الأحداث يجعلها عرضة للإزاحة كما ازيحت قطر وهنا ستفشل في تنفيذ اطماعها ومشروعها في اليمن ، فكان لابد أن تصنع لنفسها شرعية تستند في بقائها إليها كما هو حال المملكة  التي تستند إلى شرعية الرئيس هادي  ومن هنا تغير السيناريو وتغير البرنامج .

ففي نظر الإمارات أن المملكة يجب أن تزاح من الجغرافيا اليمنية الجنوبية ويجب أن يكون جنوب اليمن تحت إدارتها لأن اطماعها في تلك الرقعة الجغرافية التي تمتد سواحلها  على شريط ساحلي تبلغ مساحته  2500 كيلو متر مربع ويحوي اهم المنافذ المائية الدولية وليست لها مصالح في الشمال القبلي والطائفي ولذلك عمدت إلى تبني جماعات  وكيانات أنشأتها  ودعمتها بحجة مناصرتها للقضية الجنوبية في محاولة منها لفرض هذه الكيانات لتكون شرعية  موازية لشرعية الرئيس هادي ولتسحب البساط من تحت أقدام المملكة العربية السعودية  وتصبح الإمارات الدولة المحوربة في محاولة واضحة منها لأخذ هذا الدور على حساب تقليص نفوذ  المملكة في الجنوب  اليمني  .

اتضحت الرؤية وأصبح الصراع اليوم صراع  إقليمي بأدوات يمنية على أرض يمنية وضحايا يمنيين  لكننا في الأول والأخير نرتبط مع المملكة بمصير واحد فاليمن هو البعد القومي والأمني والاستراتيجي المملكة والعكس  كذلك   فالمملكة هي البعد القومي والأمني والاستراتيجي لليمن وعلاقة اليمن بالمملكة علاقة وثيقة تعززها أواصر الإخاء والجوار .

الإمارات تعزز بقائها في التحالف العربي و بقائها في الخارطة اليمنية  بالمجلس الانتقالي وهذا ليس تفهما منها للقضية الجنوبية بقدر ماهو ركوبا لتمرير مخططها  فالإنتقالي أكثر ضررا على القضية الجنوبية من غيره  فهو مسمار إماراتي في نعش القضية الجنوبية  لأن الإمارات تعلم أن الانتقالي مرتهنا لها ولأجندتها لعلمها بالشخصيات التي تدير هذا الكيان الذي انشأته، فهي شخصيات انفعالية لاتنطلق من ثوابت وطنية لحل القضية الجنوبية بقدر ما تبحث عن السلطة والمال .

 الإمارات تدرك جيدا طبيعة هذه الشخصيات ،ولذلك فرضت عليها برنامج سياسي يتوافق مع مصالحها فمثلا الإمارات ترتبط بعلاقة وطيدة مع نظام وأسرة الرئيس السابق علي عبدالله صالح  فاستقدمت طارق عفاش وحشدت له الجنود من أبين وشبوة وجهزته بعدد وعتاد واعطته معسكرات داخل عدن وتحديدا في بئر احمد واقنعت الانتقالي بالتعامل معه ومشاركته بعض العمليات العسكرية بينما طارق مدان جنوبيا بأنه كان قائدا للواء القناصة الذين سفكوا دماء الجنوبيين في حرب 2015   

 الإمارات تسعى جاهدة لتقليص شرعية الرئيس هادي الذي ينطلق التحالف في حربه على الحوثيين من شرعيته وإيجاد شرعية موازية تتمثل في الانتقالي  لتحصل على الكينونة والديمومة لتستحوذ على نصيب الأسد من الكعكة اليمنية التي يبدو أنها اسالت لعاب العديد من الدول بما فيها بريطانيا وأمريكا فاليمن بلد الأحلام الاقتصادية بما يحويه  من خيرات وثروات جعلت منه مطمعا لكل دول الاستعمار القديم والجديد ، ذلك أن اليمن على مدى السنوات المنصرمة عانى من سوء الإدارة وافتقاره إلى قيادة  حكيمة تقوده إلى بر الأمان  واليوم الرئيس هادي يحاول أن يضع استراتيجية لبناء يمن اتحادي قوي غير أن هناك عوامل إقليمية ودولية تعترض طريقه وتعيق تحقيق وبناء اليمن الاتحادي 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي