الفأر دخل المصيدة

علي هيثم الميسري
الأحد ، ١١ أغسطس ٢٠١٩ الساعة ٠٢:٢٧ صباحاً

سبق وقلنا في مقال سابق إن لم ترفع دويلة الإحتلال المارقة الغطاء عن مليشيا المجلس الإنتقالي وكل المليشيات التي أنشأتها ، بالإضافة إلى التوقف عن دفع الرواتب لتلك المليشيات أو تقوم بتسليمها كاملةً للحكومة الشرعية فمعناه أنه لا جدوى من إعلان إنسحابها من التحالف في اليمن ، بل وقلنا أنها ستذهب لمحاولة إنقلابية في عدن عبر أدواتها وبإسم أدواتها ، بما معناه ستقوم مليشيا المجلس الإنتقالي بالإنقلاب على الحكومة الشرعية في العاصمة عدن وهذا ما حدث بالفعل .

بدأت خطة الإنقلاب بالغدر بقائد في الحزام الأمني منير أبو اليمامة اليافعي وتصفيته بسلاح دويلة الإحتلال المارقة ، وما تلاه من أحداث حتى إعلان النفير الذي أعلنه المارق هاني بن بريك ، ثم إندلعت المواجهات بين قوات الشرعية اليمنية ومليشيا المجلس الإنتقالي الإنقلابية وهذا أيضاً ذكرناه في مقال سابق ، وقلنا أيضاً أن دويلة الإحتلال المارقة لن تدفع بكل مليشياتها وأسلحتها ، وبالفعل في بداية الأمر كانت الغلبة لصالح قوات الشرعية التي حاربت بشراسة لتحافظ على الوحدة والجمهورية ومرغت أنوف مليشيا الإنقلاب بالتراب ، وحينما وجدت دويلة الإحتلال بمليشياتها تتدافع كالجرذان يبحثون عن مخرج الهروب تدخلت بطيرانها لضرب معسكرات الجيش الوطني للشرعية ، وبين عشيةً وضحاها سمعنا أن الأمور تحولت 180 درجة لصالح مليشيا المجلس الإنقلابي .

لا يعتقد كل من يثق بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وحنكته أنه سيسلم ويقبل بأمر واقع جديد تفرضه عليه أي دولة من دول التحالف ، وسبق وقد صرح فخامته بأنه لن تفرض علينا أي دولة في العالم واقع يرفضه الشعب اليمني وهذا ما سيكون ، وسبق أيضاً وقال لن نسمح بسفك قطرة دم جنوبية في العاصمة عدن ، وما سُفِكَت من دماء وما زُهِقَت من أرواح إلا بسبب مليشيا المجلس الإنتقالي التي جعلت من المواطنين دروع بشرية حينما ذهبت لحواري وأزقة العاصمة عدن وتحارب من هناك .

لن نغوص ونتعمق كثيراً في هذه المعركة وأحداثها بل سنذكر بضعة أمور وأولها هي : غالبية وليس جميع قيادات يافعية وضالعية كانت محسوبة على الشرعية تآمرت على الشرعية اليمنية وخانت الوطن لصالح الدويلة المارقة وليس لمليشيا المجلس الإنقلابي فهذه المليشيا منزوعة القرار وتأتمر لدويلة بني مارق لتنفيذ أجندتها ، بالإضافة لبعض قيادات من أبين وشبوة فعلوا كما فعل إخوتهم في مستنقع الخيانة والعمالة الضالعية اليافعية مع "إحترامي وتقديري "للرموز الوطنية" من أبناء يافع والضالع .


الأمر الثاني أن قيادات دويلة الإحتلال سمحت وسهلت لقوة بشرية قادمة من الضالع ويافع وبالمقابل ضرب طيرانها القوة البشرية القادمة من أبين ، والأمر الثالث هو عندما تم الإتفاق على هدنة بين طرفي القتال إلتزم فيها طرف الشرعية اليمنية وخرقتها مليشيا الإنقلاب وساعدتها على ذلك قيادات دويلة الإحتلال بل وساعدتها في السيطرة على معسكرات الجيش الوطني بالإضافة إلى إقتحام قصر معاشيق والذي غيرت إسمه بقصر اليمامة وأنت يا فهيم أفهم سر تسميته "قصر اليمامة" .

واقع الحال يقول أن مليشيا المجلس الإنتقالي مسيطر على العاصمة بعد أن مَكَّنتهُ من ذلك دويلة الإحتلال المارقة ، ولكن هل المجلس الإنتقالي هو صاحب القرار الفعلي ؟ طبعاً الجواب لا .. لماذا ؟ لأنه طيلة الفترة السابقة ما إنفَكَّ يردد شعار واحد وهو "إستعادة دولة الجنوب" ، وكان قد إختزل دولة الجنوب في العاصمة عدن فقط الذي حولها إلى قرية بعد أن عبث بها وعاث فيها فساداً ، فلو كان إنقلابه هذا لإستعادة دولة الجنوب وإعلانها دولة مستقلة فليسارع بإعلانها دولة مستقلة ويضع البراميل التشطيرية ، ونحن على ثقة بأنه لن يفعلها لأن قراره كما قلت سابقاً ليس بيده بل بأيادي صانعته دويلة الإحتلال التي لها أجندات مختلفة تماماً عن ما يردده هذا المجلس العقيم من شعارات ، إذاً واقع الحال الفعلي هو أن من يسيطر على العاصمة عدن هي دويلة الإحتلال المارقة ، والدليل أنهم بعد السيطرة على عدن كانوا يرددون عبارة نحن مع شرعية الرئيس هادي وطبعاً هذه أوامر أسيادهم في دويلة الإحتلال المارقة ، فهم يدركون جيداً بأن شرعية فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي هي من جاءت بهم إلى اليمن فلو أنهم أسقطوا شرعيته بأدواتها فمعناها أنهم أسقطوا شرعية تواجدهم ليس في العاصمة عدن فحسب بل في كل شبر من أرجاء اليمن .


ختاماً أقول لكل من ضحك على مناصري الشرعية وإبتهج بالسيطرة على العاصمة عدن من قـِبـَل مليشيات الإنتقالي : من يضحك أخيراً يضحك كثيراً ، وثقوا تماماً أن قيادات المجلس الإنتقالي لا تسعى لإستعادة دولة الجنوب بل للبحث عن مواقع مسؤولة في الحكومة اليمنية التي فقدوها من سابق ، فلو كان مسعاهم لإستعادة دولة الجنوب وإعلانها دولة مستقلة سيسارعون لإعلانهم التاريخي ، ولو إنتهى عيد الاضحى المبارك وهم لم يحركوا ساكن فأعلموا أن الفأر دخل المصيدة .. وكل عام وأنتم بخير .
 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي