قمة العشرين .. آسيا عنوان المستقبل

محمد عبدالله الصلاحي
الأحد ، ٣٠ يونيو ٢٠١٩ الساعة ٠٥:٤٤ مساءً


تمثل قارة آسيا أكبر قارات العالم مساحة، وأكثرها سكانا، وأكثر غنى في ثروات الطبيعة، ففي الشرق تقع اليابان وكوريا الجنوبية والصين، وفي الجنوب سنغافورة والهند وباكستان وماليزيا، وفي الشمال الجزء الآسيوي من روسيا، وفي الغرب دول الشرق الأوسط الآسيوية، أربعة اتجاهات تمثل أربعة محاور اقتصادية كبرى، لها ثقلها العالمي، وقدرتها على تغيير خارطة التجارة العالمية، احتضنت اليابان (إحدى دول القارة) قمة مجموعة العشرين في دورتها الحالية، في وقت تشهد فيه دول القارة الآسيوية نهوضا كبيرا، تسابق فيه الزمن لتتبوأ صدارة الاقتصاد العالمي.

بعد الحرب العالمية الثانية خرجت اليابان منهارة في كل شيء، تجر خلفها دمارا أصاب البلد في مقتل، وشل كل نواحي الحياة، فالضرر الذي خلفته القنابل النووية التي ألقتها أمريكا على اليابان كان أكبر من أي وصف، وأشمل من كل حصر لمقدار الخسائر، وامتد ضرره بشكل أو بآخر ليشمل كل البلدان المجاورة.

هذه الكارثة لم تثن عزيمة اليابان، بل صارع شعب وقيادة هذا البلد كل التحديات، وقاوموا اليأس بعزم أوصل بلدهم للقمة بعد سنوات وجيزة، وكان لنهضة اليابان الأثر الكبير في أن تحذو دول شرق وجنوب آسيا حذوها، فشهدت نهوضا كبيرا جعلها على قائمة الدول الصاعدة اقتصاديا في العالم، وصاحبة أكثر معدلات النمو فيه، وفي حين تشهد القارة العجوز (أوروبا) تراجعا في معدلات النمو الاقتصادي، تشهد العديد من دول آسيا من خارج مجموعة العشرين نموا متسارعا يؤهلها في المستقبل القريب للتفوق اقتصاديا على دول أوروبية كبرى، كانت إلى عصر قريب تستعمر هذه الدول الآسيوية.

سبع دول في مجموعة العشرين الأكبر اقتصاديا في العالم من قارة آسيا، وهناك دول أخرى تنمو على نطاق سريع، وتتحفز لدخول القائمة، وتتفوق الصين وحدها في إجمالي ناتجها المحلي على دول أوروبا الموجودة في مجموعة العشرين.

وفي معدلات نمو دول المجموعة، تتصدر الهند المركز الأول بمعدل بنمو (7.3)، ثم الصين (6.3)، فإندونيسيا (5.2)، وتأتي كوريا الجنوبية في المركز الرابع (2.6)، أربع دول تتصدر ترتيب الأكثر نموا جميعها من قارة آسيا، وتأتي السعودية في مركز متقدم بمعدل نمو (1.8) متقدمة على دول أوروبا (ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا)، وهذا يعكس نمو اقتصاد دول آسيا، وتفوقه في هذا المجال على دول كانت تتصدر المشهد الاقتصادي، مما يعني أن هيمنة القارة على اقتصاد العالم مسألة وقت.

زيارات ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، إلى كوريا الجنوبية واليابان، وقبلها إلى باكستان والهند والصين، أتت لتعزيز ارتباط المملكة بالاقتصاد الآسيوي القادم بقوة، وتنويع الخبرات التي يمكن أن تستقطبها، وتعميق العلاقات التجارية مع بلدان تشكل علامات رائدة في مجالات التقنية والصناعات الرقمية، وهي المجالات التي تمثل مستقبل اقتصاد العالم.

اللافت في كل الزيارات التي قام بها الأمير محمد بن سلمان إلى دول آسيا، وقبلها إلى أمريكا، هو عدم اقتصار الزيارات على اللقاءات بالجانب الرسمي في الدول المضيفة، بل كان يمنح وقتا كبيرا من وجوده هناك وحيزا مهما من اهتمامه لعقد لقاءات مع كبرى الشركات في القطاع الخاص في هذه الدول، وإبرام الصفقات معها لنقل قدراتها وخبراتها وافتتاح خطوط إنتاج لها في المملكة، وتسهيل الإجراءات من أجل إنجاح هذا الأمر، ومن شأن هكذا خطوات وتكاملها مع التغييرات في الداخل أن تصنع الفارق الذي تسعى المملكة لبلوغه في رؤية 2030.

تحتضن المملكة القمة القادمة لمجموعة العشرين في 2020م، لتعزز بهذا دورها في رسم معالم الاقتصاد العالمي، في ظل سياسة التغيير التي ينتهجها ولي العهد، والتي فتحت الأبواب أمام مستقبل أكثر نموا في اقتصاده، وتنوعا في موارده، وتعددا في تحالفاته وعلاقاته الخارجية من غرب العالم إلى شرقه، والمستقبل هو آسيا في شرقها، وفي شرقها الأوسط. المستقبل هو للاقتصاد الرقمي، والمعلوماتي، والصناعات التقنية، وتسعى المملكة لإيجاد موطئ قدم لها في هذا المضمار.

*مكة السعودية

الحجر الصحفي في زمن الحوثي