ثورة ١١ فبراير في الميزان

محمد مقبل الحميري
الاثنين ، ١١ فبراير ٢٠١٩ الساعة ٠٧:٤٧ مساءً

ثورة ١١ فبراير فيها كل مقومات ومبررات قيام الثورة ، فقد كان الفساد في ذروته ، والمحسوبية في قمتها ، والشللية واضحة للعيان ، واصبح الثوريث واقعا معاشاً ، وكثر الاولاد وأولاد الإخوان والأقارب والأصهار ، وكل واحد منهم معه شلة تعتبر فوق القانون.

المحافظات سلمت لأشخاص معينين على هيئة مقاولين يعبثون بها كما يشاؤون ، وعندما قرر الحاكم بأمره ان يجري انتخابات للمحافظين اختار لكل محافطة شخصا واحدا فقط وأعلن موعد للانتخابات ونزل هذا المرشح ينافس نفسه ومنع اَي شخص يترشح بجواره بأسلوب هزلي واستخفاف بأرادة الشعب.

كل شيء في الوطن كان لا يتم الا بالمحسوبية ، حتى الاستثمار لا يستطيع اَي مستثمر عمل اَي مشروع الا اذا ادخل احد افراد الاسرة الحاكمة او المقربين منها شريكا مقابل الحماية دون ان يدفع ريالا واحداً.

الأحزاب اصبحت مفرخة والسعيد منها من يحصل على فتات من الكعكة وارتضوا بذلك ولولا ان الحاكم في الاخير أراد ان يمنع عنهم حتى هذا الفتات لما اختلفوا معه.

عيب الثورة انها كانت نقية صادقة ولكنها لم يكن لها قيادة بنقائها ، واللقاء المشترك انظم للثورة السلمية وشارك شبابه بفعالية ولكنه حمل معه كل المتناقضات التي بين قياداته ولَم تنصهر هذه القيادات مع الثورة في فكرٍ واحد وهدف واحد سوى هدف إسقاط عفاش وما عدا هذا الهدف فهم مختلفين فيه ، فدخلوا بمماحكات وخلافات حول محاصصات كانت بمثابة الفخ للجميع ، ووسعت الهوة فيما بينهم ، بينما كان الحوثي يستفيد من هذه المتناقصات ويتوسع ويبني قوته ويوسع شبكته في كثير من مناطق اليمن ويرسل البعثات الطلابية الى مدينة قم بإيران لتربيتهم على الفكر السلالي الطائفي ، ويرسل الوفود من المشايخ والشخصيات الاجتماعية الى لبنان وإيران في رحلات ترفيهية وغسيل مخ ، ليضمن ولاءهم ، ويوسع في مليشياته مستغلا الخلافات العميقة بين المؤتمر من جهة واللقاء المشترك من جهة اخرى ، وايضا الخلافات في إطار اللقاء المشترك نفسه.

ثم جاءت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومنحت الرئيس السابق وانصاره حصانة كاملة مع بقائهم في السلطة مناصفة في المناصب العليا ومسيطرين على ماعداها سيطرة كاملة ، ومع ذلك لم يكن هناك جدية في تسليم السلطة ، فوضع الرئيس السابق يده بيد الحوثي وأسقط قبيلة حاشد اولاً انتقامها من الشيخ حميد الأحمر ثم ساهم بفاعلية في إسقاط عمران بيد الحوثي ثم كان شريكا في انقلاب ٢١ سبتمبر ضد الشرعية وسلم المعسكرات ومقدرات الجبش للانقلابيين السلاليين تحت ضغط مؤثر الانتقام من خصومه ومن ثاروا عليه ، وكل خطاباته تثبت ذلك ، اعتقادا منه انه سيسيطر على الحوثيين وسيستعيد السلطة مرة أخرى ، ولكن الامور سارت عكس ما أراد ، حتى اصبح هو احد ضحايا هذا الانقلاب السلالي الحوثي الذي لا يقبل بأحد ولا يقبل القسمة على اثنين ، وحتى نكون منصفين فهناك ايضا قياديين كانوا محسوبين على الحكومة والشرعية لعبوا دورا محوريا في خيانة الشرعية والتواطؤ مع الحوثي منهم وزير الدفاع الأسبق محمد ناصر احمد ورئيس هيئة الاركان الاشول ، وكانوا مع كل تقدم للمليشيات على حساب الشرعية وجيشها يصرحون ان الجيش محايد.

ونحن نتحدث عن ثورة فبراير نؤكد ان هذه الثورة لم تؤتي ثمارها حتى الان وان ما هو حادث الآن لا يعبر عن أهدافها ولا عن طموح شبابها ، فالمكر من الداخل والخارج كان ولازال كبيراً ، والأحزاب كانت صغيرة ، ولكن يكفي انها كانت السبب الأساسي في انتاج مخرجات الحوار الوطني الشامل الذي شارك في مخرجاته كل المكونات الوطنية الفاعلة ، كما انها قصت على الثوريث .
وما هو حاصل الان يحتاج لثورة من جديد لتصحيح مسار الثورة والالتفاف حول الرئيس الشرعي المشير عبدربه منصور هادي باعتباره يمثل الشرعية التي لا بد منها .. فلا ينسب واقعنا المر لثورة فبراير المجيدة ، بل ان بعضه نقيض لأهدافها.

ستظل ثورة ١١ فبراير ثورة متجددة وملهمة لأحرار الوطن بالمضي قدما حتى تحقق كامل أهدافها النبيلة.

وعدونا الوحيد حاليا هو الانقلاب الحوثي وفكره السلالي الطائفي ولننسى كل الخلافات واجترار الاحقاد والعداوات امام هذا الغول الحاقد على الوطن والمواطن.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي