ماذا يعني حبنا لليمن ..؟

شهاب الدين الحميري
السبت ، ١٢ يناير ٢٠١٩ الساعة ٠٤:٣١ صباحاً


أجد نفسي _  رغم المعاناة _ مغموراً بشعور ايجابي وثقة كبيرة أن اليمنيين تعلموا دروساً كثيرة من الأحداث والأزمات ومن الحرب القائمة التي أكلت الأخضر واليابس ..و لا أظن أن هذه المعاناة العميقة وحلقاتها المتسلسلة ستمر هكذا دون ردة فعل عامة وعارمة تسابق الزمن لإعادة الإعمار والمشاركة في البناء والتنمية ، وتعويض اليمن أرضاً وانسانا ما فات من الوقت بتعجيل عملية النهوض ورفع وتيرتها بما يحقق للبلد الرخاء والازدهار ..
فالإنسان اليمني الذي أسهم بشكل كبير في بناء دول الجوار وفي الشرق والغرب وكان فاعلاً رئيسياً بدوره في النهوض بتلك البلدان هو اليمني نفسه ، لديه ما يمكنه من مضاعفة العمل بهمة أكبر من أجل اليمن الجديد .. فقط هو  بحاجة الى تعقل النخب السياسية ومراجعة ذاتها وتأكيد انتمائها الى هذا البلد بالإخلاص في العمل واتقانه وبما يجعل الوطن ينمو ويزدهر ..
نحن بحاجة الى ان نترجم حبنا لليمن ليس بالاحتفالات ولا بالشعارات الجوفاء ولا بسباق الخطابات والكلمات الرنانة المجردة من حقيقة الحب والولاء والانتماء الأول لليمن ، نحن بحاحة الى نترجم حبنا لهذا الوطن بالعمل والاخلاص في ذلك .. حبنا لليمن يعني ان نعمل بإتقان وإخلاص ومضاعفة حجم العملية الانتاجية في شتى المجالات .. حبنا لليمن يعني تجويد التعليم وتنشئة الأجيال على أسس من التربية الأخلاقية والتربوية والتعليم المفيد الذي يؤسس لجيل مبدع ومنتج في كل الحقول .. حبنا لليمن يعني إن نعيد النظر في مناهج التعليم وفي التنشئة الاجتماعية ،لأننا نعيش تنشئة اجتماعية فوضوية ، وننمي مفردات يلازمها هذا السلوك وتكون المخرجات قيادات فوضوية وهذا هو الحال الراهن الذي أرهق البلد وجعلنا نعيش هذا الواقع الحاضن للمعاناة بتفاصيلها وأشكالها وأساليبها المختلفة .
 
حبنا لليمن يعني أن نكف عن أخذ كل ما هو ليس بقانوني ولاشرعي و أن نهذب ذواتنا ونحافظ على ثروات البلد من العبث والمال العام من التبديد والانفاق في غير موضعه ..حبنا لليمن لا يعني أن تستأثر بالمال العام والثروة المتعددة وتعبث بها وتنفقها في ماليس لك به حق التصرف ..حبنا لليمن لا يعني ان تتحزب وتختزل اليمن في نظرية أو رؤية أو إيدلوجيا معينة أو موقف سياسي معين ، الوطن أكبر من كل ذلك التقزم بكثير فهو يتسع للتنوع والتعدد والتنافس الخلاق والمبدع والمنتج الذي ينظر الى هدف عام يتمثل بخدمة الوطن والشعب اليمني كافة دون فرز أو تصنيف وتمييز  أو ما شابه ذلك من المسميات المقيتة التي تنحدر وتنحط الى مفاهيم قاصرة وضيقة مضرة بالمجتمع .. الوطن يتسع للجميع متى ما اتسعت عقولنا وكبرت وتماهت مع سمو الوطن وشموخه  .
الوطن يتسع للجميع متى ما قررنا الخروج من الشرنقة الضيقة والتفكير العقيم وقررنا الأخذ بمنهج الولاء والانتماء الأول لليمن قبل ذواتنا ومنه منطلقا  للتحليق عاليا في فضاءات الكون .
حبنا لليمن يعني أن نكون جميعنا متساوون في الحقوق والواجبات ، وأن نعمل بإتقان وضمير ووطنية ..حبنا لليمن يعني أن نحترم الرموز الوطنية ، العلم ، والنشيد والدستور ومؤسسات الدولة ورئيس الدولة والنظام والقانون ..حبنا لليمن يعني أن نحترم تربته الغالية وثراه الطاهر ، وأن نحافظ على بيئته وثرواته من العبث والتلوث ، وأن نضاعف العمل لإظهار القيم الجمالية في جغرافيته المتنوعة والمتميزة وإبرازها في أبهى الصور وأجملها .. حبنا لليمن لا يعني أن تصعد الى سلم  المسئولية وتتحول الى لص وسارق وفاسد يطعن في هذا الوطن .. حبنا لليمن يعني أن تكون نظيفا وضميرا حياً ويد وبطن لا تقبل بما ليس لها فيه حق وأن تكون انسان فيه من المثل والقيم التي تساهم في تنمية البلد وتحسين ظروف وحياة هذا الشعب لا أن تكون انسان مغرق بالفساد وتدمر مقدرات الوطن.
حبنا لليمن يعني أن لا يكون من توكل إليه المسئولية في دوائر الحكومة والدولة فاسداً أو منحطا أخلاقياً أو جاهلاً وأمياً ،
حبنا لليمن يعني أن تخدم الوطن في أي موقع كنت حتى ولو كنت مارا في الشارع تعليك العمل على رفع الأذى عن الناس والمحافظة على جمال شارعك ومدينتك والذوق العام .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي