مشاورات السويد.. انتصار للإنسانية أم على الإنسانية

محمد قشمر
الخميس ، ١٣ ديسمبر ٢٠١٨ الساعة ١٢:٥١ مساءً


الإنسانية أصبحت كلمة السر وراء الكثير من المآسي الإنسانية على مستوى العالم، وأصبحت تلك الكلمة هي اللغز المحير في عالم الموت والقهر المبطن بكل المعاني الزائفة عن الحياة . الأمر غير متعلق بالتشاؤم بقدر ما هي نظرة من زاوية حادة لما يحدث في الشرق الأوسط من مآسي وقفت أمامها العمليات الإنسانية من قبل الدول الراعية للإنسانية موقف الداعم السلبي او المتفرج او صاحب المصلحة فقط وليسوا أصحاب مشاريع إنسانية يمكن أن توقف العبث الحاصل بالإنسانية وبكرامة الإنسان. 
أتمنى وبشدة أن تنتهي الماسي الإنسانية في بلدي اليمن وان يعم السلام ، ومشاورات السويد تلقفتها وسائل الاعلام بالشد والجذب . مشاورات السويد بين اليمن ككل وبين جزءٍ متمردٍ حمل ويحمل السلاح من أجل أن يفرض واقعاً لا يناسبه إلا هو. لهذا أتساءل هل هناك إنجازات حقيقية في السويد استطاع المجتمع الدولي ان يوجدها أم أن يفرضها من أجل السلام أم من أجل تأجيل الحرب لأجلٍ قد يكون مسمى . 
مما اثار الجدل في مشاورات السويد وجعلت الكثير من المفكرين في حيرة هي ما قيل بأنه إنجاز مهم في ملف الأسرى والمعتقلين .. وهل فعلاً سينتهي هذا الملف ويقفل أم انه سيفتح صفحة جديدة من الاعتقالات التعسفية من قبل الميليشيا الحوثية لتعاود الكرة بعد أن اكتشفت أنها حققت نجاحاً باهراً في هذا الملف. 
لماذا حققت نجاح؟ لأنها استطاعت أن تفرج عن الكثير من المقاتلين مقابل افراجها عن بعض المدنية الذين اختطفتهم واخفتهم قسراً، الاتفاق سيدعم القوات الحوثية بكثير من المقاتلين في وقت أصبحت الميليشيا في امس الحاجة اليهم ، كما انها ستعتبر هذا انجاز في صفوف اتباعها لأنها سعت وبقوة إلى اخراجهم من اسرهم الذي عاشوا فيها مكرمين ومعززين، وفي المقابل ستتحمل الشرعية المسكينة أعباء من افرج عنهم إن هم لجأوا   الى المناطق المحررة، وكما نعلم فإن الكثير منهم اصبح يعاني من أمراض مزمنة أو أصيب بعاهة أو إعاقةٍ دائمةٍ والنماذج كثيرة ،  المهم اننا سنفرح ونفرح قلوب اهل وذوي المعتقلين الذين سيتم الإفراج عنهم ونتمنى لهم الخير والسلامة . 
ثم نعود ونرى ما هو الإنجاز الحقيقي للسلام وللإنسانية من فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الداخلية فقط. هل هناك داعي حقيقي من الجانب الإنساني لفتح مطار صنعاء للرحلات الداخلية ام ان الإنسانية تم توظيفها واستغلالها من أجل فتح المطار لتحقيق نصر او تقدم للكيان الحوثي وإبراز وجوده وسيطرته بشكل أقوى ، اولاً وأهم إنجاز أن المطار سيصبح ملاذاً آمناً للقيادات الحوثية التي ستجعل منه مقراً مهماً يحظى بالأمان والرعاية الدولية، ومن خلاله يمكن أن تقود معاركها بأريحيةٍ تامة ، كما أن المطار لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال إلا أن يكون مصدراً مهماً للدخل المادي الذي يحتاجه الحوثيون ، كما أنه يعد نصراً دبلوماسياً لهم أمام أنصارهم في الوقت الذي لم تستطع الشرعية وفريقها الطيب أن ينجزوا أي نجاح في ملف تعز وحصارها الذي ما زالت الحركة الحوثية تقبض عليه بقبضةٍ حديدةٍ لم يستطع الوسطاء الدوليين ان يزحزحوها قيد أنملة، مما سيجعل التقدم واضح المعالم لصالح الميليشيا الحوثية في مشاورات السويد ، الحوثيون وجدوا لهم متنفس عالمي جديد من خلال المشاورات واستطاعوا وبقوة تدويل وجوهم الذي غصباً عنا جميعأً اصبح (أمراً واقعاً ) وفي هذا الأمر تقزيم لوجود الشرعية التي تحاول أن توجد لنفسها مكان بشق الانفس على الأرض المحررة . لن أتحدث عن الحديدة ومآسي الحديدة وميناء الحديدة لأن الحديث عنه وعن مكانه في مشاورات السويد يزيد الطين بلة .  فهو أحد اهم الصور الواضحة لتواطؤ المجتمع الدولي مع الحوثيين وهذا يشعرني بالغثيان . 
إذاً هل تحققت للإنسانية شيء من مشاورات السويد؟ وهل هناك جدوى حقيقة للسلام وللإنسانية من عقد مشاورات سلام في دول أوروبية ام انه التسويق للطرف المتمرد ؟ ولماذا لا تتم المشاورات في دول عربية على اقل تقدير لحصر انتشار الحوثيين دبلوماسياً رغم انتشارهم بفضل الدبلوماسية والدعم الإيراني الكبير!!!!! وهل استطاع المبعوث الدولي أن يحقق أي تقدم خدمة ً للإنسانية أم أن التقدم يحسب لصالح الفئة الباغية المتمردة التي انتهكت كل المواثيق والعهود الدولية الراعية للإنسانية وخرجت بالفائدة القصوى من المشاورات لتبقى الشرعية والإنسانية تراوح مكانها تبحث لنفسها عن طريق. 
ما زلت أرى من زاويتي الضيقة أن مشاورات السويد استطاعت ان تنتصر على الإنسانية وعلى الحق وأن المشاورات التي ستكون قادمة إذا تمت بنفس الطريقة وبنفس تلك الأماكن فإن المبعوث الدولي السيد مارتن هو من سينتصر لنفسه وللحوثيين وسيبقى الشعب اليمنى والإنسانية ليسوا أكثر من مجرد شعار يستخدمه المجتمع الدولي للالتفاف على القرارات الدولية التي الزمت الميليشيا بتسليم السلاح والانسحاب للمدن والخضوع للقانون .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي