ما أشبه الليلة بالبارحة!! من صنعاء إلى سقطرى!!

د. عبدالحي علي قاسم
السبت ، ١٢ مايو ٢٠١٨ الساعة ٠٦:٥٣ مساءً


  في خضم التراشق الإعلامي، والسجال الوقائعي  في مساحة جغرافيا الصراع اليمني، تتكرر دورة الاستثمار الإعلامي في أمد مختبر التاريخ القصير. بالأمس وتحديدا في سبتمبر 2014 عندما كانت فلول عفاش وعصابات مردة الحوثي المباركة إماراتيا وإقليميا تزحف لاحتلال صنعاء وبقية المدن اليمنية، بذريعة فساد حكومة هادي وإسقاط إصلاحاتها السعرية، لم تكن سوى حلقة في مسلسل الأطماع والتجزيئ للتراب اليمني. حينها رأينا من هلل لتلك البربرية في نسف بنيان الدولة عسكريا ومؤسسيا، والتهجم على رأس شرعيتها، وجملة المزايدات والمطالبات الخارجية لقوى الانقلاب، بتجفيف فصيل الثورة الداعم للشرعية، وإعادة صياغة ترتيب المعادلة السياسية وفقا لمقاس الحلف الانقلابي، والقوى المساندة لمهمته وتحديدا الإمارات.


   الشرعية بقيادة هادي وحكومته المنبثقة من روح الثورة، وتسوية المبادرة الخليجية، التي تقدمت بها الشقيقة المملكة، كانت أمام استحقاق جردة مواقفها الثورية المناوئة لعبث صفقة دبي، وحمى الأطماع الخارجية والداخلية المعطلة!!!
   مفتاح لغز الثورة ومحركها المركزي أيضا كان على موعد تصفية خصومه الانقلابيين، وحاملة لواء إسقاط الحرية والعبث بمكتسباتها وقواها "إمارات"، الوكيل الحصري لمشروع تفتيت الدول، وتفخيخ روافعها السياسية، وإعادة تعبيد الشعوب لذات الأنظمة التسلطية.  
   مهمة انقلابية متداخلة الأجندة الداخلية والخارجية قاسمها المشترك الطمع، والتجزيئ لليمن، وإسقاط أيا كان مناوئا لهذا التوجه. ما اتفقا عليه انقلابيا صنعاء وعدن الانفصالي "المجلس الانتقالي حاليا" هو الإطاحة بهادي رأس الشرعية، وتنظيف جيوب مقاومة الجيش والإصلاح الداعمة لمشروعه الوحدوي الأقاليمي، الذي يحول ونهم الأطماع، وعهر مسافحة الفساد المالي والسياسي باليمن.  
   التقت الاطماع على الارض، وغلفت ماكنة الانقلاب الإعلامية تلك الطامة الانقلابية الاحتلالية بجرعات الحكومة، وأخونة الدولة، عدا عن نشيد المزايدة التحرري، الذي رددته قوى الحراك الانفصالية. لتنقشع بعدها بسنوات سحابة صيف المزايدات "الأنتقالية" ببيع مزاد المكاسب الوطنية الإستراتيجية الجنوبية لدولة الأطماع المغلفة بحرصها على جنوب المناطق المحررة من فساد وعبث الشرعية.
  شيئا فشيئا، وأقنعة أبو ظبي تتساقط، ومعها جوقة المجلس الانتقالي، وأكاذيب وهم أعضائه المسوقين. 
 فتحت قوى الانقلاب الانفصالية بإسناد حربي ولوجستي إماراتي النار على الشرعية ومعسكراتها في عدن مع نهاية 1/2018، لإرباك مجهودها التحريري على تخوم صنعاء والساحل الغربي، كنوع من التنفيس لحليفهم الانقلابي في صنعاء، مسددة طعنة الظهر السياسية. 
   مارست القوى الانقلابية الطامعة تلك المهمة التخريبة لمناجزت قوة حضور الشرعية في المناطق المحررة، وشل عمقها، بذريعة استكمال خطوات استعادت دولة ما قبل 90 ، ولم تكن الحقيقة المرة، سوى هرولة شخوص الانتقالي إلى حضيض المضاربة اللاوطنية، بتسليم عدن وميناءها، وشبوة وبلحاف غازها ونفطها، وحضرموت لتصرف الحامية الإماراتي، بحراسة منظومة أحزمة ونخب مغررة في مهمتها القتالية والاستفزازية، وغائبة في وعيها الوطني المضلل من قبل مأجوري الإمارات عسكريا وإعلاميا.
  استطاعت منظومة التضليل، وذرائع تحركات أطماعها، أن تستثمر نخب في عدن، وشبوة، وخضرموت، وتعز، لعرقلة جهود الشرعية، وتصفية قوة حضورها تارة بمسوغ فساد الشرعية وتآمرها على القضية الجنوبية، وأخرى بضرورة تطهير المناطق الجنوبية من القوى السياسية الداعمة لهادي وتحديدا الإصلاح، وقد لقيت آذانا صاغية في الوسط المشحون ضد الشرعية، بيد أن طالع مؤشرات المفارقات العجيبة التي أماطت الإمارات وتابعها الانتقالي اللثام عنها، كاحتضان طارق عفاش الخصم اللدود للجنوب في مقابل الحرب على هادي شوهت سلوك وصورة حلفاء الطمع وأنانية استحواذهم. 
   لم تقف جوقة الإعلام المضللة عن دورها في البحث عن مصوغ لدعم مجلس الزبيدي الداعمة لطارق عفاش، بل استمرت في هذيان ترديد مشروخة دعم أي قوة تسعى لإسقاط الحوثيين في صنعاء باستثناء قوة الشرعية الجادة في ذلك. تناقض صارخ! ندعم جهود التحالف للتحرير، وننخر بنى قوته الحقيقية الضاربة. نحرر الجنوب من المحتل الشمالي العفاشي ونحن عمقا ومددا لطارق عفاش. نسعى لاستقلال الجنوب ونحن نقدم أهم معالم سيادته لعبث احتلالي هو الأسوء في التاريخ اليمني.
  انطلت بعض تلك الأكاذيب على بعض العوام، وجندت قوى حاجتهم وعوزهم في خدمة التوجه الإماراتي المسنود بالمأجورين، بيد أن سقطرى كشفت كليا وجه الأطماع القبيح، وأسدلت الستار عن عري المجلس الانتقالي، وبددت ما بحوزته من ذخيرة الأطماع الإصلاحية وفزاعة علي محسن.
   هلع وتهور الأطماع الإماراتية بجلبة الحضور العسكري الاستفزازي الاحتلالي مع وصول حكومة احمد عبيد بن دغر، وطلب مغادرته الجزيرة كشفت أباطيل جوقة الإعلام التابع، ومواقف ساسة الانتقالي المخزي، وبعض المنبطحين في القوى السياسية المتماهين و"المزدولين" ببعض العطايا وزخرف النعيم في دبي وابو ظبي.
   تجريف ونهب سقطرى وشل معالم السيادة للشرعية اليمنية بدون فزاعة حضور الاصلاح وقوى الشرعية إلا من دعم أبناء سقطرى الرافضين لعبث الإمارات ومواقف الانتقالي المساند لأطماع حضورها الاحتلالي فوت على جوقة الكذب معطيات سوقها، وأظهر إفلاس ذخيرة أسهمها تماما.
ووضع الإمارات وجنود عمالتها على محك وطني خطير مما أسهم في استيقاظ وطني واسع، وداعم للشرعية حد الضغط على هادي الرئيس لمطالبته بخروج الإمارات من تحالف دعم الشرعية، وطي صفحة أطماعها.
  أخيرا، نستطيع  القول ما أشبه الليلة بالبارحة يا وطني. صم آذاننا الحوثي عبدالملك وحليفه عفاش المدعومين إماراتيا حينها بضرورة تطهير صنعاء من القوى الفاسدة، ورفع معاناه الجرعة عن الشعب، ولم تكن الخباثة سوى إسقاط الدولة والشرعية، وسرقة وضم مكتسباتها، كغنيمة لجماعة الحوثي وريث صالح، وشريك نهبه. بذات المنطق، وبنفس الآليات تحتل عصابات الإمارات المناطق المحررة لتفكيك، وتطهير أنصار جيش الإصلاح ذات المشروخة، والهدف أيضا هي دولة الشرعية لتكريس الأطماع الإحتلالية، بمرتزقة لا تعنيهم الذهاب إلى حد بيع الوطن وثوابته. والحبل على الجرار مدينة تلو أخرى، بذريعة تلو أخرى. مشروع أحزمة ناسفة بدأت بعدن، فلحج، فشبوة، فحضرموت، فالضالع، وتعز وانتهاء بسقطرى، لكن هذه الأخيرة آلت، واستعصت، وأقسمت بالله لن تكون للمحتلين وتابعيها موضع على ترابها، وستقاوم حتى النهاية.
 بجملة واحدة:  جوقة الكذب التي أسقطت صنعاء في يد انقلابيي الأسرة والطائفة  هي جوقة الانتقالي ذراع الأطماع الإماراتية في الجنوب وتحديدا سقطرى.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي