المحافظ الجديد لتعز .. وتحديات المرحلة

محمد المقرمي
الاثنين ، ٢٥ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ٠٩:١٢ مساءً

 

بعد ثلاث سنوات من الحرب التي فرضتها مليشيا الحوثي على تعز وتهدم البنية التحتية والجهود الحثيثة التي بذلها المحافظ السابق واستقالته لعدم التزام الحكومة الشرعية بالوعود والصراعات الحزبية بين مكونات المقاومة استقال.. وجاء محافظ جديد بهوية مدنية يشبه تعز مدينة الحب والسلام.. صحيح أننا لا نعرفه جيداً ولكن هذا لا يهم وما يهمنا اليوم وهو المعيار الأساسي (حب تعز).. 

 
بعد استقالة المعمري الذي جاء بتوافق المكونات السياسية في لحظةٍ ترك غياب المحافظ الأسبق  فراغاً كبيراً نجم عنه بعد الحرب تعطُل مؤسسات الدولة جراء استهداف المليشيات لكل شيءٍ جميل في تعز، فكان همه تحرير تعز وتفعيل المؤسسات ونتيجة لتأخير الحسم في المحافظة وحصار تعز المطبق الذي فرضته المليشيات والوضع الإنساني الكارثي الذي شهدته تعز بعد استشهاد أكثر من 3000 من المدنيين بينهم أطفالاً ونساء وإصابة أكثر من 11 ألف جريح وتأخر علاجهم وما سببه من تفاقم للمآسي لولا لطف الله وتدخل مركز الملك سلمان للتعاقد مع أربع مستشفيات في عدن وثلاث في تعز لعلاج الجرحى الذين يمكن علاجهم في الداخل وإخلاء من استعصت حالاتهم للخارج وقدم ما بوسعه في كسر الحصار عن طريق الجو وادخال مائة الف سلة غذائية للمديريات التي شهدت الحصار ومائة ألف أخرى لكل المديريات في العام 2016 و76 ألف سلة جاءت هذا الشهر وجهود للكويت والهلال الأحمر الإماراتي أيضا مما خفف قليلاً من كارثية الوضع الإنساني في لحظة ذهبت أغلب اغاثة تعز بيد المليشيات نتيجة لاعتماد المنظمات الأممية لمنافذ تتبع المليشيات ورفضها اعتماد المنفذ المفتوح الكائن في مدينة التربة. في ظل تردي الوضع ومآسي النازحين الذين بلغوا 500 ألف نازح من مختلف المديريات ينامون في العراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء .. ولا تزال مآسي النزوح والتهجير القسري الذي تفرضه المليشيات على المدنيين في ظل صمت دولي مطبق.. وتوقف أغلب مستشفيات تعز إلا ثلاث مستشفيات حكومية ظلت مهملة لا يزال كادرها حتى اليوم يطالب بالمستحقات.. 

كان الناس يرتقبون تحرير المدينة وينتظرون ذلك بفارغ الصبر بعد كل التضحيات التي قدمتها تعز ولا يفكرون كثيراً بالإغاثة والجوانب الأخرى  إلا أن تأخير الحسم فاقم المأساة الإنسانية وها نحن ندخل في العام الثالث من الحرب والتحديات تكبر معنا حتى استعصت على المحافظ السابق الذي استقال بعد تقاعس الحكومة واشتداد الصراعات الحزبية ومراكز القوى التي هددت بقاءه في المحافظة والجميع شهد زيارته لتعز ومن حاول اقتحام منزله في اليوم الأول والثاني لولا وفاء الأبطال الذين دافعوا عنه .. مما اضطره إلى مغادرة المحافظة إلى غير رجعة ظل يتابع هنا وهناك مرتبات المدينة على خجلٍ متعشماً بالوعود التي تبخرت أغلبها ويحمل مشاريع كثيرة  مكث أشهر يتابع لإنجازها تتعلق بـ:
أولاً تحرير المحافظة.. حيث أكمل رفع خطة التحرير ولم يتم تنفيذها وظل التأجيل والتسويف واشغال الناس في الداخل بصراعات بين مكونات المقاومة لينسى الناس الهدف الأسمى وهو تحرير المدينة .. إلى أن وصلنا إلى مرحلة تكاد تنفجر فيه الصراعات بين مكونات المقاومة نتيجة لمصالح ذاتية لا تمت لمصلحة تعز بصلة. وفي ظل غياب القرار السياسي لتحرير تعز من الجهات العليا. 

ثانياً: تفعيل الجانب الأمني.. وقد رفع بخطة في المجال الأمني لضم 3000 من أفراد الجيش في الأمن وتدريبهم لتفعيل المؤسسات الأمنية الداخلية وحماية المدنيين والمؤسسات وتم اعتمادهم وتم صرف مرتبات دون تجهيز كلي للمؤسسات الأمنية. 

ثالثاً: دمج المقاومة الشعبية بالجيش الوطني ليبلغ عدد أفراد الجيش بعد الدمج 15 ألف جندي برتبهم المختلفة  ولا تزال التحديات والصعوبات أكبر في هذا الجانب حيث لا تزال هناك مكونات ترفض التوجيهات الصادرة من قيادة المحافظة أو قيادة المحور ولا تقبل بالتوجيهات إلا من رئاسة الجمهورية نتيجة لصراعات غبية  وهذه معضلة كبرى قد تؤسس لصراع داخلي يدمر ما تبقى في المدينة وستكون من أصعب مهمات المحافظ الجديد القادم.

رابعاً: تفعيل المؤسسات الخدمية مثل البنك المركزي والمؤسسات القضائية وقد بذل جهوداً رائعة لافتتاح البنك الذي دشنه نائب رئيس الوزراء عند زيارته لتعز بعد جهود المحافظ وفريقه الإداري وعن بقية المؤسسات فإن الدور مناطٌ بالوكلاء والمحافظ الجديد لإكمال هذه المهمة. 

لذلك فإن المحافظ الجديد أمام تحدٍ كبير لإنقاذ تعز أولاً من عدوها الخارجي المتمثل بمليشيا الحوثي التي جاءت من كهوف مران مستعينة بقوى الحرس الجمهوري والأمن المركزي التابع للنظام السابق، وهذا لن يتأتى إلا بتوحيد الصفوف الداخلية للجيش الوطني و المقاومة.

استبشرت كثيراً بهوية المحافظ المدنية .. لأنه سيحفظ هوية تعز وسيفوت الفرصة أمام الجماعات المتشددة التي تحاول تغيير هويتها المدنية ، تعز ستبقى مدنية ومدينة التعايش والثقافة والمحبة والسلام. 

وما نرجوه من الأحزاب أن تثبت أنها على قدر التحديات والمسؤولية في هذه المرحلة الصعبة وتقف سنداً مع المحافظ لا عائقاً؛ ليستطيع العمل بنجاح وتغلّب مصلحة تعز على مصالحها وكذلك قيادات المقاومة بمختلف توجهاتها، وشباب تعز وإعلامييها ومثقفيها وكل محبيها .. علينا جميعاً أن نقف صفاً واحداً لمساندة المحافظ لإنقاذ المدينة قبل أن تغرق في ظلام يفاقم مأساتها أكثر مما هي عليه الآن..

 لا تزال الفرصة أمامنا جميعا سانحة لإنقاذ تعز.. لن يستطيع المحافظ دون تظافر جهودنا جميعا فعل شيء ولو جاء من المريخ.. 

علينا أن نكون عوناً للمحافظ من أجل أجيالنا ومستقبلهم .. ونغلب مصلحة تعز واليمن فوق كل المصالح الضيقة .. 

تعز بحاجة لنا جميعاً .. المحافظ والوكيل والعميد العقيد والضابط والجندي والمقاوم والمهندس والطبيب والكاتب والشاعر والمثقف والإعلامي والمؤرخ والفيلسوف والفني والمهني والعامل والفلاح وكل فرد من أفرادها رجالاً ونساءا .. 

نكون أو لا نكون .. وعلينا أن نعتبر من الماضي فقد رأينا جميعاً مدى تهميش تعز في ظل تكون مراكز قوى تحمل فكرا إيرانيا مستوردا ودخيلا على أمتنا العربية جاءت من كهوف شمال الشمال تستميت من أجل الحكم حاملة وهم الخرافات بأحقية الحكم وتستهدف المدينة بأنواع الأسلحة .. وقوى في الشرق تفكر في مصالحها .. وقوى في الجنوب تفكر في قضيتها .. وتعز حاملة المشروع الوطني ضحية الجميع فلا ينبغي أن تكون أيضاً ضحية أبناءها ..
 


والله ولي التوفيق 

محمد المقرمي  
25 ديسمبر 2017م

الحجر الصحفي في زمن الحوثي