خروج صالح من المشهد السياسي .. هل يشكل انفراجاً ؟

موسى المقطري
الأحد ، ١٠ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ٠١:٠٠ مساءً

 

خرج صالح أو أُخرِج من المشهد السياسي اليمني ، وبعيدا عن الحديث عن الطريقة باعتبارها حديث عن وقائع سيثبتها المؤرخون ، سانتقل للحديث عن النتائج .
ينقسم المحللون للأحداث حين الإجابة عن التسأول الوارد في العنوان ، ولكل طرف ما يؤيد طرحه ، لكن ما أذهب إليه أنا ساثبته نهاية هذه المقالة .

صالح حكم اليمن 33 عام ، ولست هنا لتقييم مرحلة حكمه ، لكن هناك ارتباط وثيق بين مكوثه الطويل على كرسي الرئاسة والنتائج المتوقعة لمغادرته المشهد السياسي .

كحاكم عربي وصل للحكم بطريقة لاتمت للشعب ولاتعبر عنه ، كان لزاما على الرجل ان ينسج شبكة علاقات واسعة تشمل :دولاً ومنظمات وكيانات مختلفة ، أغلبها لازالت فاعلة في التحكم بمصير العالم وخارطة التحالفات الدولية ، وخاصة في المنطقة العربية .

دول عربية وأجنبية من قارات العالم الست ، ومنظمات وكيانات متعددة اشترك معها صالح في إدارة ملفات متنوعة خلال سنوات حكمه الطويلة ، ومنها مثلاً لاحصراً  "مكافحة الأرهاب ، ترسيم الحدود مع دول الجوار ، صفقات النفط والغاز ، دفن النفايات النووية، غسيل الأموال العابر للقارات" وهذه الملفات وغيرها تحمل صفة "القذارة" واقصد بالقذارة هنا ( مخالفتها للانظمة والقوانيين السائدة ، والأعراف والقيم الدولية والانسانية ) ، ولأن صالح كان أحد أطراف إدارة الملفات فإنه يعرف بالطبع تفاصيلها وربما ظل يمسك ببعض خيوطها حتى أخر أيامه .

في إعتقادي فإن المتضررين من الحديث عن مثل تلك الملفات من قبل صالح مارسوا منذ إجباره على التخلي عن كرسي الرئاسة ضغوطاً على أطراف عدة لضمان سلامته الشخصية -على الاقل- ليظل صامتاً ، وهذه الضغوطات أثرَّت كثيراً على مجريات الاحداث التي مررنا بها منذ 2011 وحتى اليوم .

كانت الحصانة التي مُنحت لصالح خلال ثورة فبراير 2011م بداية الطريق في هذا الاتجاه ، وظلت الخطوات تتوالى ، فلم يتم اجباره على الخروج من اليمن كما كان يطالب السياسيون لاحقا ، ثم جائت أحداث انقلاب 21 سبتمبر وتحالفه مع الحوثيين وماتلاها من أحداث وصولاً لانطلاق عاصفة الحزم من قبل دول الاقليم بدعم وغطاء قانوني دولي .

خلال هذه الفترة ومنذ انطلاق العاصفة وحتى مقتل صالح لم يتم وضع صالح كهدف لاجل القضاء عليه ، ولعل السبب هو الضغوطات والاشتراطات التي مارستها الدول الكبرى بشكل مباشر  ، او غير مباشر عبر وكلائها في المنطقة لضمان السلامة الشخصية لصالح مقابل ضمان أن يظل صامتاً ، وتظل الملفات مغلقة .

هذا يقودنا الى استنتاج مهم يتمثل بمكاسب استطاع صالح تحقيقها خلال الفترة الماضية عبر تواصل مباشر ، أو عبر شبكة الديبلوماسيين الذين يدينون بالولاء له ويتواجدون بالخارج سواء لدى الدول أولدى المنظمات ذات العلاقة ، وأهم هذه المكاسب هي تأخير الحسم ، والضغط لاجل استمرار المفاوضات ، وضمان مشاركة من يواليه من السياسيين  في أي خارطة سياسية جديدة ، ولا استبعد اشتراطات أخرى تتعلق ببنية الشرعية وقراراتها .

هذه المكاسب بالتأكيد عملت على إطالة عمر الانقلاب ، وبالتالي فإن وجود صالح الممسك ببعض الأوراق كان سببا رئيسياً في تأخير القضاء على الانقلاب ، وبسط الحكومة الشرعية لسلطتها على كامل اليمن .

في إطار الشرعية اليمنية فإن وجود صالح ممسكاً ببعض عناصر القوة يعد مؤثرا فإعلاً على قراراتها ، وهذا يعد طبيعياً، فإن جزء من النخبة الفاعلة في حزب المؤتمر ظلت بجانبه ، وبالتالي فإن أي قرار يجب ان يراعي هذه المعظلة ، ولا اعتقد أن الشرعية كانت مخطئة في هذه الحسابات ، إذ كان لزاماً المراهنة إما على تخلي القيادات الفاعلة في المؤتمر عن صالح وهذا تحقق بشكل جزئي فقط ،  أو الحسم العاجل وبالتالي تكوين جبهة مقاومة قوية عمادها من بقى بجانب صالح .

اعتقد أن هذا المعوقات على الصعيد الداخلي والخارجي أثرت في كثير من القرارات خلال الفترة الماضية الممتدة  من فبراير 2011م  وحتى ديسمبر 2017م وهو موعد مغادرة صالح للمشهد السياسي ، ويمكنني التأكيد أن خروج صالح من المشهد السياسي اليمني سيكون له أثراً ايجابياً ، وسيشكل انفراجاً عبر تحرر قرارات دول التحالف والشرعية اليمنية من القيود المتعلقة بصالح ومن تمسك به من قيادات حزبه .

اضف الى ذلك فإن ما كنا نسميه "طرفي الانقلاب" اصبح طرفاً واحداً ، ولعل التعامل مع طرف واحد سيكون اسهل من ناحية سياسية وعسكرية ، وسيفقد الحوثيون مكاسب جمة كانوا ينعمون بها ، لكن غبائهم السياسي المستفحل هو الذي اوصلهم الى هذه النتيجة ، وإني اراها من جانب أخر  أقدار الله تجرهم يوماً بعد يوم ليجنوا ثمارهم التي زرعوها قتلاً واختطافاً وتفجيرا للمنارل واسقاطاُ للدولة .

لدي أمل أن ظهور هذا المتغير الفاعل والمتمثل بـ"خروج صالح من المشهد السياسي" سيكون طريقاً للانفراج ، وأن ما بعد هذا المتغير سيكون افضل مما قبله ، وإن غداً لناظره قريبُ .

دمتم سالمين ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي